السيد فضل الله مدرسة متميزة
موت العالم خسارة وثلمة في الدين، ورحيل العالم الفاعل المخلص كفقيدنا الغالي خسارة كبرى ولكن الخسارة الأكبر حين نتناساه ونتجاهل منهجه ونتغافل السير على دربه إذ: ليس الموت خاتمة الحياة دائماً، وإنما هو أحياناً مفجر لحياة من نوع جديد كما الشمعة تنطفئ بعد أن تنير الدرب، وتتشكل من جديد لتنير دروباً جديدة.
قد يفقدنا الموت إنساناً عزيزاً لكن سيرته العملية والجهادية تجبرنا على إحياء فكره وتتبع آثاره، وتحليل ونقد ممارساته، فنحن حينما نؤبن شخصاً نتذكر مآثره ونستحضر أفكاره ونرسم منهجه ونحلل خططه، وقد نصدم لأننا لم نكن نعلم عنه في حياته مما علمناه بعد مماته وهو ما يحفزنا على البحث والتنقيب والتقصي والتتبع لآثاره، فقد نجد النفائس المخبأة والكنوز المطمورة، وهو ما نتوقعه في حالة فقيدنا المرجع الكبير آية الله العظمى السيدمحمد حسين فضل الله الذي تفضل الله لنا به وبفكره ومنهجه.
هو عملاق فكر لا شك، وهو ثورة جرأة لا ريب، ومنهج علمي متميز لا جدال، وهو منار علم لا خلاف، ومدرسة مثيرة لا اختلاف، ومجدد لا مراء ولكن المجهول هو سر السيطرة الوجدانية، والهيمنة الفكرية، والممارسة العلمية، والنظرة الثاقبة، والكاريزما الخارقة التي تغلغلت في نفوس العارفين به، والسامعين منه، وسيطرت عليهم دون اكتشاف سببها الحقيقي، والتي اجتهد المجتهدون لتحديد ملامحها، وإبراز مظاهرها، فوجدوا العزيمة والصبر، والمجاهدة والمكابدة التي قل نظيرها عند غيره، والعقل المتفتح، والمنهج العلمي الرصين الذي امتاز به، والإيمان بالعلم وأدواته ووسائله، والمعرفة الشاملة الواسعة المعمقة في مختلف الأمور الدينية والدنيوية المعيشية والسياسية، والبذل ونوعيته والعطاء بسخاء لمستحقيه، والمحبة والألفة، والعزم والحزم، والشدة والثبات، والعبادة والتقى، والورع والنقاء، والحلم والرأفة، والبساطة في العيش، والإنصاف والعدالة، والمجادلة بالفكر، والالتزام في المواقف، والدعوة للوحدة والتعايش، والدفاع عن المحرومين ورعاية حقوق الإنسان أي كان من أي جنس ولون ومن أي دين ومذهب، والنصح والعمل، وسعة القلب ورحابة الصدر دون مصاغرة أو كِبر.
لقد منحه الله حضوراً طاغياً، وتأثيراً فاعلاً قل نظيره على مؤيديه ومناوئيه، على معارفه وعلى من سمع عنه، من قريب أو بعيد، لقد خلق سماحته مواقفَ جدلية، وسحراً أثار الحماس في مقلديه ومعارضيه؛ وإن اختلفوا في تقليده وإِتِّباعه إلا أنهم اتفقوا على أنهم أمام شخص قل نظيره وشح مثيله، وإن اختلفوا في تشخيصه إلا أنهم يؤكدون مدى سعة علمه، وسعة صدره، وصلابته في الدفاع عن القضايا الوطنية والإسلامية والإنسانية، ومقاومته الشديدة للظلم وللجهل، وللتخلف والعصبية، وكل نزعة تكفير وبطلان وكل دعوة عنصرية، جعلت منه مدرسة فريدة فجر بموته سماتها وخصائصها ليجد مقلدوه وغيرهم أنهم لم يستلهموا معطياتها في حياته، وهم الآن في أمس الحاجة لمعرفة جذورها وأصالتها ومقوماتها وآثارها، والتعلم منها الانفتاح على الإنسانية جمعاء، والحوار الفاعل المحرك، والمسئولية الواعية، والالتزام بقيم الحق والعدل ومقاومة الظلم أياً كان وفي أي مكان وممن كان، والثبات والعمل بالحكمة والموعظة، والتواصل مع مختلف الحضارات دون التنازل عن الثوابت، والعمل بها لتجسيد القيم الإيمانية والإسلامية والإنسانية، وهذا غيض من فيض مدرسته وفكره.
إننا اليوم أمام فاجعة فقد سيدنا الجليل، ولكننا لا شك في حاجة للاستلهام من فيض فكره وعطائه وممارساته وقوة شخصيته، وثاقب نظرته في دراسة الواقع واستشراف المستقبل.
لقد دشن سماحته خطوات عملية لمنهج علمي واضح قويم يجعله حياً في أفكارنا ونفوسنا وممارساتنا، ويحفزنا على التنقيب في آثاره وتتبعها ليكون لنا مشعلاً وهادياً ومدرسة تتنامى بجهود وعمل مريديه وأتباعه وحق علينا جميعاً لدراسته وتبيانه.
السيدعبدالله السيد مجيد العالي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2899 - السبت 14 أغسطس 2010م الموافق 04 رمضان 1431هـ
موت العالم خسارة وثلمة في الدين، ورحيل العالم الفاعل المخلص كفقيدنا الغالي خسارة كبرى ولكن الخسارة الأكبر حين نتناساه ونتجاهل منهجه ونتغافل السير على دربه إذ: ليس الموت خاتمة الحياة دائماً، وإنما هو أحياناً مفجر لحياة من نوع جديد كما الشمعة تنطفئ بعد أن تنير الدرب، وتتشكل من جديد لتنير دروباً جديدة.
قد يفقدنا الموت إنساناً عزيزاً لكن سيرته العملية والجهادية تجبرنا على إحياء فكره وتتبع آثاره، وتحليل ونقد ممارساته، فنحن حينما نؤبن شخصاً نتذكر مآثره ونستحضر أفكاره ونرسم منهجه ونحلل خططه، وقد نصدم لأننا لم نكن نعلم عنه في حياته مما علمناه بعد مماته وهو ما يحفزنا على البحث والتنقيب والتقصي والتتبع لآثاره، فقد نجد النفائس المخبأة والكنوز المطمورة، وهو ما نتوقعه في حالة فقيدنا المرجع الكبير آية الله العظمى السيدمحمد حسين فضل الله الذي تفضل الله لنا به وبفكره ومنهجه.
هو عملاق فكر لا شك، وهو ثورة جرأة لا ريب، ومنهج علمي متميز لا جدال، وهو منار علم لا خلاف، ومدرسة مثيرة لا اختلاف، ومجدد لا مراء ولكن المجهول هو سر السيطرة الوجدانية، والهيمنة الفكرية، والممارسة العلمية، والنظرة الثاقبة، والكاريزما الخارقة التي تغلغلت في نفوس العارفين به، والسامعين منه، وسيطرت عليهم دون اكتشاف سببها الحقيقي، والتي اجتهد المجتهدون لتحديد ملامحها، وإبراز مظاهرها، فوجدوا العزيمة والصبر، والمجاهدة والمكابدة التي قل نظيرها عند غيره، والعقل المتفتح، والمنهج العلمي الرصين الذي امتاز به، والإيمان بالعلم وأدواته ووسائله، والمعرفة الشاملة الواسعة المعمقة في مختلف الأمور الدينية والدنيوية المعيشية والسياسية، والبذل ونوعيته والعطاء بسخاء لمستحقيه، والمحبة والألفة، والعزم والحزم، والشدة والثبات، والعبادة والتقى، والورع والنقاء، والحلم والرأفة، والبساطة في العيش، والإنصاف والعدالة، والمجادلة بالفكر، والالتزام في المواقف، والدعوة للوحدة والتعايش، والدفاع عن المحرومين ورعاية حقوق الإنسان أي كان من أي جنس ولون ومن أي دين ومذهب، والنصح والعمل، وسعة القلب ورحابة الصدر دون مصاغرة أو كِبر.
لقد منحه الله حضوراً طاغياً، وتأثيراً فاعلاً قل نظيره على مؤيديه ومناوئيه، على معارفه وعلى من سمع عنه، من قريب أو بعيد، لقد خلق سماحته مواقفَ جدلية، وسحراً أثار الحماس في مقلديه ومعارضيه؛ وإن اختلفوا في تقليده وإِتِّباعه إلا أنهم اتفقوا على أنهم أمام شخص قل نظيره وشح مثيله، وإن اختلفوا في تشخيصه إلا أنهم يؤكدون مدى سعة علمه، وسعة صدره، وصلابته في الدفاع عن القضايا الوطنية والإسلامية والإنسانية، ومقاومته الشديدة للظلم وللجهل، وللتخلف والعصبية، وكل نزعة تكفير وبطلان وكل دعوة عنصرية، جعلت منه مدرسة فريدة فجر بموته سماتها وخصائصها ليجد مقلدوه وغيرهم أنهم لم يستلهموا معطياتها في حياته، وهم الآن في أمس الحاجة لمعرفة جذورها وأصالتها ومقوماتها وآثارها، والتعلم منها الانفتاح على الإنسانية جمعاء، والحوار الفاعل المحرك، والمسئولية الواعية، والالتزام بقيم الحق والعدل ومقاومة الظلم أياً كان وفي أي مكان وممن كان، والثبات والعمل بالحكمة والموعظة، والتواصل مع مختلف الحضارات دون التنازل عن الثوابت، والعمل بها لتجسيد القيم الإيمانية والإسلامية والإنسانية، وهذا غيض من فيض مدرسته وفكره.
إننا اليوم أمام فاجعة فقد سيدنا الجليل، ولكننا لا شك في حاجة للاستلهام من فيض فكره وعطائه وممارساته وقوة شخصيته، وثاقب نظرته في دراسة الواقع واستشراف المستقبل.
لقد دشن سماحته خطوات عملية لمنهج علمي واضح قويم يجعله حياً في أفكارنا ونفوسنا وممارساتنا، ويحفزنا على التنقيب في آثاره وتتبعها ليكون لنا مشعلاً وهادياً ومدرسة تتنامى بجهود وعمل مريديه وأتباعه وحق علينا جميعاً لدراسته وتبيانه.
السيدعبدالله السيد مجيد العالي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2899 - السبت 14 أغسطس 2010م الموافق 04 رمضان 1431هـ