جعفر عبد الكريم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حركة جعفر الخابوري الا سلا ميه


    فيما تلوح الحكومة بمزيد منها في الوزارات هل حققت الخصخصة أهدافها؟

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    مراقب عام
    مراقب عام


    عدد المساهمات : 475
    تاريخ التسجيل : 11/10/2009
    العمر : 54

    فيما تلوح الحكومة بمزيد منها في الوزارات هل حققت الخصخصة أهدافها؟ Empty فيما تلوح الحكومة بمزيد منها في الوزارات هل حققت الخصخصة أهدافها؟

    مُساهمة  جعفر الخابوري الثلاثاء أكتوبر 20, 2009 3:09 am

    فيما تلوح الحكومة بمزيد منها في الوزارات هل حققت الخصخصة أهدافها؟
    تحقيق: محمد الساعي تكبير الخط


    طلبت الحكومة في فترة سابقة من بعض الوزارات إعداد خطط لخصخصة بعض مهام الإدارات فيها خاصة الخدمية منها مثل جهاز المساحة والتسجيل العقاري والأسواق المركزية وبعض أقسام إدارة المرور مثل سحب المركبات المعطلة وعدادات الوقوف ومباشرة الحوادث البسيطة وتحصيل الغرامات وفحص المركبات وحجز السيارات المخالفة.
    وفيما تبقى أهداف الخصخصة واضحة وصريحة وساعية إلى تخفيف الأعباء على الميزانية العامة وتوفير موارد مالية إضافية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة المشروعات، تبقى هناك شكوك تدور حول مدى تحقق مثل هذه الأهداف في تجارب الخصخصة السابقة، ومطالبة بتلافي الإشكاليات التي صاحبت خصخصة بعض المشاريع مثل النظافة والمواصلات وغيرهما.
    بعد طلب الحكومة هذا من الوزارات، ناقشت "أخبار الخليج" مع اقتصاديين موضوع الخصخصة والتجارب السابقة في تحقيق صحفي بعنوان: "هل نجحت الخصخصة في البحرين؟".
    واليوم نطرح الموضوع من زوايا أخرى لتسليط الضوء على مختلف الجوانب والإشكاليات التي ربما تكون فعلا قد صاحبت التجارب السابقة في الخصخصة. بيع.. وليس خصخصة
    رجل الأعمال سميح رجب كانت له ملاحظات على ما طرح في الجزء الأول من الموضوع وتأكيد بعض المشاركين أن الخصخصة قد آتت أكلها فعلا في البحرين بعد سنوات من التجربة، يقول سميح رجب: من حيث المبدأ كلنا يؤيد الخصخصة وخروج القطاع العام من الخدمات العامة وتحويلها إلى القطاع الخاص، فهذا أمر صحي جدا، ولكن الخصخصة أو كما يطلق عليها في بعض الدول العربية (الخوصصة) أمر مختلف تماما عما نجده عندنا، فما يحدث عندنا هو ببساطة عملية بيع وليس خصخصة، ففكرة الخصخصة ليس ان نأتي بمستثمرين من الخارج ونحول لهم المشاريع كما هو الحال بمحطة الحد، فهذه العملية غير صحيحة تماما لأنه يفترض ان المشاريع التي تخصخص يبقى مردودها للبلد نفسه من خلال نهوض القطاع الخاص المحلي بالمسئولية، لكن ما ذكرت ما يحدث عندنا هو مجرد بيع للمشاريع، وهي للأسف مشاريع استراتيجية باهظة ذهبت فوائدها للشركات الأجنبية.
    ثم ان من المتعارف عليه دوليا هو انه إذا لم توجد شركات محلية متخصصة في المجال المراد خصخصته يتم تأسيس شركة لهذا النشاط، ويمكن هنا الاستعانة بخبرات أو شركات أجنبية لإدارة الشركة ولكن لفترة محدودة يتم خلالها إعداد الكفاءات والخبرات الوطنية اللازمة، لكن ان نحضر الشركات الأجنبية والكوادر والمسئولين والطاقم كله من الخارج.. هو أمر غير صحي تماما.
    وخذ على ذلك مثالا محطة الحد، حيث كانت تدار من قبل بحرينيين وليس أجانب، وهذا يؤكد ان لدينا كادرا فنيا وإداريا قادرا على إدارة مثل هذه المشاريع، لكن ما حدث هو أننا جئنا بشركة من الخارج وطاقما كاملا وتم فصل البحرينيين وأبنائهم، فأين الخصخصة؟ وأين فوائد الخصخصة؟ لذلك فإنني أؤكد انه إذا استمرت الخصخصة بهذه الطريقة سنجد البحرين بعد فترة مبيعة لشركات أجنبية.
    أين الخبرة؟
    * قد تكون محطة الحد حالة استثنائية، ولكن هل لدينا شركات قادرة على تولي مسئوليات ضخمة مثل النظافة التي عجزت عنها شركات عملاقة كعالم فلورا وغيرها؟
    ** أولا هذه الشركات عجزت سياسيا وليس عمليا بسبب تداخل القرارات بين المجلس البلدي والمجلس النيابي والمحافظات والوزارة، فكل هذه الجهات كانت تريد ان تكون صاحبة القرار، وحدث تخبط، أما لو ترك الأمر لوزارة البلديات مثلا فإن الوضع سيكون أفضل.
    وإجابة عن سؤالك حول توافر الشركات المحلية، أشرت قبل قليل إلى أن الكثير من الدول عندما تفتقر إلى شركات بهذا الحجم تعمد إلى إنشاء شركات أو تستعين بشركات خارجية تحت اسم شركة وطنية مساهمة، وهنا يأتي دور غرفة التجارة، فيجب ان يكون لها دور ريادي وليس استشاريا فقط، وعندما تكون هناك مشاريع للخصخصة يجب ان تدعو الغرفة التجار وأصحاب المهنة المرادفة إلى تأسيس شركة بالحجم المطلوب، وأنا أؤكد لك انه ليس صحيحا انه ليس هناك إمكانيات، فالشركات التي تبني أبراجا ومشاريع ضخمة هل تعجز عن مثل هذه المشاريع التي تحافظ على أموال البلد؟
    في رأيي أن الكثير من المعنيين للأسف لا يعرفون حتى الآن معنى الخصخصة بمن في ذلك البرلمانيون الذين مرروا هذه المشاريع، لذلك يجب ان تلعب غرفة التجارة والمستثمرون المحليون دورا مهما في هذا الجانب يضمن الحفاظ على أموال البلد عند تحويل المشاريع من القطاع العام إلى الخاص.
    أمريكا.. نموذجا
    * ربما أمكن تأسيس مثل هذه الشركات، ولكن من أين نأتي بالخبرة الوطنية وخاصة ان هذه المشاريع تتطلب كوادر وخبرات يعتد بها ولا يقتصر الأمر على مجرد وجود شركات؟
    ** هذه ليست مشكلة، فيمكن الاستعانة بخبرات من الخارج ولكن في نفس الوقت يكون هناك تدريب لأبناء البلد، فليس خطأ ان نستقطب خبرات من الخارج ولكن الخطأ ان نبيع المشاريع لشركات من الخارج، فعندما نبيع مشاريع الكهرباء والماء لشركات أجنبية نصبح كأننا نسلط السيف على رقابنا.
    * ولكن ألا يمكن ان ينساق القطاع الخاص المحلي خلف الربح على حساب المواطن؟
    ** وهل تعتقد ان الشركات الأجنبية تحرص على الجودة بغض النظر عن الربحية؟ العكس هو الصحيح، بل ان المشكلة مضاعفة مع الشركات الأجنبية حيث ان الأرباح ستنقل إلى الخارج، أما إذا كانت الشركة محلية فأضعف الإيمان هو ان الأرباح والأموال ستبقى داخل البلد ويستثمرها التاجر في البحرين، وأيا كان الحال فإن المحك هنا هو الدور الرقابي، فأحد ابرز أسس الخصخصة هو الدور الرقابي من الحكومة، وإذا ما توافر هذا الدور الحازم فإننا نضمن إلى الحد المقبول نوعا من التوازن بين ربحية التاجر ومصلحة المواطن، وخذ على سبيل المثال الولايات المتحدة، حيث انه تتم خصخصة اغلب المشاريع والمهام بما فيها التجنيد والحراسات، ولكن بنفس الوقت تراقب الدولة الأداء وتضع الأسس والقواعد الرئيسية لضمان الجودة وعدم تضارب المصالح أو حدوث تجاوزات، ويبقى التنفيذ على القطاع الخاص، وهذه هي الخصخصة.
    المنافسة هي المعيار
    * ننتقل إلى صاحب تجربة في مجال الخصخصة وهو رجل الأعمال إبراهيم زينل، ونتساءل: إلى أي مدى يتفق مع الرأي السابق؟
    ** يجيبنا زينل: أولا يجب التأكيد أن الخصخصة خيار استراتيجي لكل مجتمع، لأن القطاع الخاص يدير المشاريع بشكل اقتصادي بحت، ولكن عندما تقوم الدولة بخصخصة قطاع معين يجب ان نفهم أولا نوعية هذا القطاع، هل هو خدمات أو سلع مدعومة؟ فالالتباس الذي يحدث فيما بعد هو ان الدولة عندما تتخلص من عملية الدعم أو الخدمة فإن الكلفة سترتفع على الموطن الذي يظن ان السبب هو القطاع الخاص، في حين ان هذا القطاع يدير أي منشأة بشكل تجاري، ولا يتمكن من الاستمرار ما لم يكن للمشروع هامش من الربح. ومثال ذلك قطاع الكهرباء المدعوم من الدولة بشكل سخي، وبالتالي لا يمكن للقطاع الخاص ان يديره بشكل تجاري وبنفس الأسعار من دون دعم، لذلك يمكن - كما يحدث في كل الدول - أن ينتج وحدة الكهرباء ويبيعها على الدولة التي إذا أرادت ان تبيع بسعر أقل تدفع هي الفرق على شكل دعم، وبالتالي تكون الخدمة أفضل والأسعار مقبولة، وبنفس الوقت لا يكون هناك احتكار، فكلما زادت المنافسة تقلص السعر وتحسن الأداء، فأكبر مشكلة في وجه تقليص الأسعار على المستهلك هو بقاء أي خدمة محتكرة لدى جهة معنية، وهذا ما يقودنا إلى مسألة هامة تتعلق بالخصخصة وهي ضرورة ان تكون هذه الخصخصة موزعة بشكل تنافسي حر.
    تسريح العمالة
    * هناك من يرى ان ابرز مشاكل الخصخصة في البحرين هي اعهاد المسئوليات إلى الشركات الأجنبية بدل المحلية، إلى أي مدى تؤيد هذا الرأي؟
    ** المفترض ان تضع الدولة المشاريع القابلة للخصخصة بشكل تنافسي بحت وبنفس الشروط والامتيازات أمام الكل سواء شركات أجنبية أو وطنية، وعلى الجميع التنافس على المشروع المخصخص، وأنا اعتقد ان الشركات المحلية قادرة على المنافسة سواء بمفردها أو بالتعاون مع الشركات الأخرى، وإذا لم تستطع الشركات المحلية المنافسة نتيجة نقص في أي جانب فإن هذا يعني الحاجة إلى تحسين أداء هذه الشركات، لكني بشكل عام اعتقد ان القطاع الخاص في البحرين قادر على أن يتعامل مع هذه المشاريع بشكل مباشر أو من خلال التحالفات مع شركات أجنبية، ففي الاقتصاد الحر يكون المعيار هو المنافسة، ويجب ألا يطغى جانب على آخر، صحيح أننا يجب ان ندعم المؤسسة الوطنية ولكن بحدود معينة، فإذا كان فرق السعر بسيطا مثلا يمكن ان ندعم الشركة المحلية، ولكن لا يمكن ان نعطي امتيازا لشركات محلية تكون أكثر كلفة من الدولية مثلا.
    * وماذا عن الشكاوى التي تتردد حول التخلص من العمالة البحرينية بعد الخصخصة؟
    ** المشكلة الوحيدة التي تثار هي ان انتقال العملية من القطاع العام إلى الخاص يكون لها تأثير سلبي على العمالة، ولكن هنا يجب ان نقيّم الأمر، فقد تكون الإدارة السابقة للمشروع تعاني تضخما في حجم العمالة، وعندما تتحول إلى إدارة تجارية يجب ان يترك الأمر لها وفق القانون والمعقول لإعادة الهيكلة بما يتناسب والفترة القادمة، وعموما في ضوء أي إدارة جديدة فإنه من الطبيعي ان يتغير الأسلوب وبالتالي من الطبيعي ان يعاد النظر في هيكلة الوظائف، وهذا ما يحدث في كل الدول.
    تجربة "المواشي"
    * المنتظر من الخصخصة هو ارتقاء الأداء والخدمات، ولكن بعض التجارب في البحرين ربما أثبتت العكس مثل النظافة، أين الخلل في رأيك؟
    ** مشكلتنا في العالم الثالث أننا نعطي الإدارة لجهة وننسى الإشراف والرقابة، لذلك متى ما تراجعت الرقابة علينا أن نتوقع كل شيء، فمجرد إسناد المهمة إلى القطاع الخاص لا يعني ارتقاء الأداء، لأنه من الضروري ان يتبع ذلك متابعة وتأكد من الالتزام بشروط الخصخصة وإلا حدث التسيب. وبالتالي فإن المشكلة ليست في عجز القطاع الخاص عن تحسين الأداء بقدر ما تكمن في عدم وجود متابعة كافية.
    * لكم تجربة خاصة في هذا الجانب من خلال خصخصة المواشي، إلى أى مدى ترى ان التجربة قد نجحت؟
    ** قد تكون "المواشي" مسألة مختلفة، فهذه السلعة مدعومة بشكل كبير من الدولة، والبحرين هي البلد الوحيد الذي يدعم سلعة أساسية مثل اللحم، وهي خطوة تشكر لها الحكومة، لذلك لا يمكن ان أقول ان شركة المواشي تدار بشكل تجاري بحت أو خدماتي خالص، فالتوازن صعب في هذه الأمور، ولكن الحمد لله استطاعت إدارة الشركة ان تحافظ على خدمة مقبولة على مستوى المنطقة وتوفر الخدمات المكملة.
    إشكاليات
    وقفة أخرى حول موضوع الخصخصة بالبحرين نقفها مع رئيس الهيئة العليا الاستشارية بجمعية الإخاء الوطني السيد موسى الأنصاري الذي ألقى مؤخرا وبلغة الأرقام محاضرة حول ذات الموضوع، فكيف يقيم تجربتنا بعد هذه السنوات؟ وإلى أي الرأيين السابقين يميل أكثر؟
    الأنصاري طرح عدة إشكاليات تتعلق بالخصخصة يرى انه من الضروري الالتفات إليها، لكنه مهد لها بعرض موجز لأهمية الخصخصة، مشيرا إلى ان من ايجابياتها تقليص وتقزيم دور الحكومة في الاقتصاد وتخفيض العبء المالي عليها، وهذا ما يوفر الكثير من المصاريف المتكررة، لذلك يتم في الخصخصة بيع رأس المال على المستثمر مما يوفر فرصا أفضل لاستثمار السيولة المبعثرة أو الضائعة، فحسب الإحصائيات حوالي 48% من الطبقة العاملة من المواطنين يعملون في مواقع خدمية، وهي نسبة كبيرة جدا تتحمل كلفتها الدولة، في حين نجد ان النسبة لا تتجاوز 11% في الولايات المتحدة، و9% فقط في الدول الاسكندنافية، وكل ذلك بفضل الخصخصة.
    ويتابع الأنصاري: ومن ايجابيات الخصخصة أيضا الضبط أو الالتزام، ففي العمل الحكومي نجد كثيرا من التسيب والغياب والبطالة المقنعة، وكل هذه تكون مدفوعة الأجر، في حين ان القطاع الخاص لديه أنظمة ومحاسبة دقيقة في العمل، وبالتالي تكون الإنتاجية اكبر، مع تأكيد أهمية ان نعرف أين تذهب الأموال التي يدفعها القطاع الخاص، لأنها ملك عام.
    وإلى جانب ما سبق فإن من ايجابيات الخصخصة اعتماد القطاع الخاص على تقنيات عالية وبالتالي يرتفع الأداء وتقل المصاريف.
    لكن - يستدرك محدثنا - رغم هذه الايجابيات، فإن هناك إشكاليات نعانيها في الخصخصة أولاها أننا لم نضع آليات واضحة للخصخصة، وبالتالي كثيرا ما نجد غيابا للرؤية الواضحة وتخبطا في التنفيذ، فعند أي مشروع أو خطة لا يمكن ان ننطلق إلا بعد تحديد عدد السكان وحجم الزيادة السنوية والمتغيرات المختلفة وإلا كانت كل المخصصات غير دقيقة.
    ومن الإشكاليات أيضا العمالة، فمن الطبيعي بعد الخصخصة ان يكون هناك تقليص في عدد العمال، ولكن السؤال هنا: ما هي الضمانات لهؤلاء؟ لذلك يجب ان يكون في مقدمة المعايير والاشتراطات ألا تكون الخصخصة على حساب العمال، وإذا ما كان هناك اضطرار للتسريح فيجب ان يكون التسلسل حسب القانون وهو البدء بالأجنبي ثم العربي ثم البحريني مع زيادة نسبة البحرنة، وإلا كانت الخصخصة على حساب المواطنين ولصالح الأجنبي، وللأسف هذا ما هو حاصل عندنا بالفعل في كثير من الأحيان، لذلك لابد من قوانين تحمي المواطن.
    ثم ان هناك مسألة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن الخصخصة تؤدي بشكل عام إلى رفع الدعم، والسؤال هنا: من يتحمل الفارق؟ فمثلا حسب تصريحات وزير الداخلية يدخل إلى المنافذ والحدود حوالي مليوني شخص في الشهر، ولأن كل الخدمات مدعومة فإن المستفيد الأكبر من هذا الدعم هو الأجنبي حيث إن الإحصائيات تشير إلى أن عدد سكان البحرين يبلغ مليونا وربع مليون، منهم فقط 550 ألف بحريني، وهذا يعني ان 750 ألف أجنبي يستفيدون من الدعم الذي هو مال عام للشعب ، وعندما يرفع الدعم بسبب الخصخصة يكون المتأثر الأكبر هو البحريني.
    ضد البحريني
    * أشرت إلى ان من ايجابيات الخصخصة رفع الأداء وتقليل المصاريف، هل تطور الأداء فعلا في التجارب السابقة؟
    ** يمكنني القول ان كثيرا من التجارب السابقة فشلت للأسف في رفع الأداء مثل النظافة والمواصلات، ولكن هذا لا يعني فشلا دائما خاصة إذا ما تحركت الحكومة بشكل ايجابي، فلا يمكن ان ننتظر نجاحا للخصخصة في ظل غياب الدور الرقابي للحكومة، لذلك أقول دائما انه من الضرورة عند الخصخصة ان يكون للحكومة نسبة مئوية في ملكية المشروع تضمن لها كرسيا في مجلس الإدارة، وهذا الكرسي يمكن ان يوفر لها قدرة على المراقبة والمتابعة للأداء.
    أضف إلى ما سبق من إشكاليات، ان الكثير من أعضاء أو رؤساء مجالس الإدارات في الشركات المحلية يكونون أعضاء في مجالس عدة شركات أخرى، كأنه (لا يوجد في هذا البلد غير هذا الولد)، في حين كثير من الدول وضعت ضوابط حول الشركات التي تشارك في الخصخصة منها الا يكون عضو مجلس الإدارة عضوا في مجلس إدارة شركة أخرى، وذلك من اجل ضمان التركيز على العمل ومن ثم تطور الأداء.
    ولا تقف الإشكاليات على هذه الجوانب الظاهرية، فهل تعلم أن العقود المؤقتة باتت هي الأخرى إشكالية تفاقمها الخصخصة؟ فكثير من العاملين عندما ينتقلون إلى الشركة الخاصة بعد الخصخصة يعملون بعقود مؤقتة، وغالبيتهم يجهلون القانون، وهذه العقود أشبه بالسيوف المصلتة على رقابهم، بل انها تحرمهم حتى من حق الاقتراض أو الزواج أحيانا، وبعد سنة أو سنتين يجد الواحد منهم وقد فقد عمله. وهذه مسالة خطيرة، فعندما تكون الخصخصة ضد البحريني تكون مرفوضة تماما.
    1% فقط
    * في تصورك.. هل يقدر القطاع الخاص البحريني على تحمل مسئولية إدارة الكثير من المشاريع الاستراتيجية التي ربما تعمد الدولة إلى تخصيصها؟
    ** كل جانب فيه فشل ونجاح، حتى الشركات الأجنبية لا نضمن نجاحها، ومثال ذلك النظافة، فشركة عبدالله ناس أدارت النظافة في بعض المحافظات، وشركات أجنبية أدارتها في محافظات أخرى، وكانت الشكاوى والمشكلات التي واجهت الشركة المحلية اقل بكثير، لذلك عندما نقرأ أن هناك توجها لمزيد من الخصخصة، يجب ان نركز على دعم القطاع الخاص المحلي ونعطيه الأولوية وليس الأجنبي، علما بأننا لا نرفض وجود الأجانب ولكن يجب ان نضمن أولا حقوق المواطن، فهل تعلم ان اليابان التي يبلغ عدد سكانها 127 مليون نسمة، لا يجوز ان يكون عدد العمال الأجانب فيها أكثر من 1%؟
    هل تحققت الأهداف؟
    إذاً اختلفت وجهات النظر وتعددت الرؤى والإشكاليات المطروحة، وهذا ما دفعنا إلى ان نتجه إلى عضو مجلس الشورى وصاحب الخبرة الطويلة السيد جمال فخرو لنستلهم رأيه حول ما طرح في السطور السابقة.
    في مستهل حديثه يؤكد فخرو ان التخصيص عبارة عن سياسة اقتصادية وجزء من حزمة سياسات قد تتبناها أي دولة، لذلك ليس شرطا ان نعتبر التخصيص حلا لمشكلة، وإنما يمكن لدولة ما ان تعمد إلى تخصيص بعض القطاعات لأنها تعتقد ان في ذلك منفعة للمستفيدين من هذه الخدمة وبنفس الوقت منفعة للدولة نفسها، كأن يكون هناك قطاع مكلف أو مخسّر للدولة أو أنها تدفع عليه دعما كبيرا، وعندما تحوله للقطاع الخاص توفر هذا الدعم، هذا إلى جانب سعي الدولة إلى تحسين مستوى بعض الخدمات التي تقدمها من خلال الخصخصة، وبالتالي عندما نتجه إلى خصخصة أي قطاع علينا ان نعرف أولا لماذا نخصخص هذه الخدمة أو تلك السلعة دون غيرها، لماذا نخصخصها الآن ونؤجل غيرها؟
    ويتابع عضو مجلس الشورى: الأصل في العمل الاقتصادي ان القطاع الخاص هو من يؤدي هذا العمل، وتكون الدولة مجرد رقيب أو ميسر له في أداء عمله، ولكن في السنوات السابقة كانت الدولة تتولى قيادة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وقبل عقدين تقريبا شرعت الحكومة في تخصيص بعض القطاعات التي تملكها الدولة سواء في شركات أو فنادق أو غيرهما، مثل حصصها في فندقي الخليج والهوليدي ان وشركات الاستيراد ومصنع الثروة السمكية وسحب الألمنيوم وغيرها من المشاريع التي هي ليست مسئولية الحكومة.
    * الشكوى شبه المتكررة هنا ان الكثير من حالات الخصخصة استفاد منها القطاع الخاص الأجنبي أكثر من البحريني، هل تتفق مع هذا الرأي؟
    ** السؤال هنا: متى أتى القطاع الخاص الأجنبي؟
    في الحقيقة أتى في العقد الأخير عندما تطلب الأمر ان يكون من يدير بعض الخدمات يتمتع بخبرة سابقة في إدارة أعمال شبيهة، وبالتالي نلاحظ ان جل الخدمات التي خصخصت وذهبت إلى اطراف أجنبية لم يجن الجانب البحريني فيها متمتعا بالكفاءة والقدرة على تأدية هذه الخدمات سواء كانت كفاءة مالية أو خبرة عملية أو خبرة في الأشخاص والعمالة وغيرها من متطلبات نجاح أي عملية تخصيص.
    وعندما تغيب الكفاءات المحلية، تجتهد الدولة هنا في اختيار المؤسسة الأجنبية المناسبة، وهنا قد يكون اختيارها صحيحا وأحيانا قد تأتي ظروف معينة تثبت ان الاختيار لم يكن صحيحا، وبالتالي يجب ان تعيد الدولة منح الرخصة لطرف آخر، ثم أن العقود التي تتعلق بجوانب خدمية كالنظافة أو المواصلات هي عقود لها مدد معينة، وبالتالي إذا نجحت الشركة في مهمتها يجدد لها وإلا تعاد المناقصة إلى طرف آخر، كما يحق للدولة إلغاء العقد إذا تبين عدم الالتزام بالمقاييس والمواصفات. وهنا تبقى المسألة: كيف تتحقق من حسن اختيارك للجهة التي تتولى المسئولية؟ هذا في الواقع يحتاج إلى وضع ثقل وجهد كبير على الدولة من خلال تعيينها خبراء واستشاريين في تخصيص هذه الخدمة أو تلك، وهذا كفيل بأن يكون الاختيار أفضل من جانب، ويبعد أي تهمة أو شبهة بالمحاباة من قبل الحكومة، فعندما خصخصت المواصلات أو الكهرباء تمت الاستعانة باستشاريين.
    * هل تحققت الأهداف المرجوة في رأيك؟
    ** من الصعب ان أقيّم بهذا الشكل أو أقارن ما إذا كانت الخدمات في السابق أفضل أم الآن، ولكن الملاحظ من خلال تذمر الناس ان الخدمات التي أديت في الفترة السابقة لم تلاق استحسانهم بشكل عام، وهنا علينا أن نتوقف ونسأل: هل كان اختيار الجهة أو الشركة صحيحا؟ هل كانت مقاييس الاختيار صحيحة؟ وإذا كانت الإجابة لا من الطبيعي أن نتوقع الفشل، وإلا كان الخلل في مواقع أخرى، وبشكل عام فإن تذمر الناس يعطي شعورا بأنه لم يتم اختيار الجهة الأفضل في قطاع النظافة.
    الرقابة
    هنا - والحديث مستمر للشوري جمال فخرو - يجب ان نطرح سؤالا آخر: ما مدى قوة الدور الرقابي من قبل الحكومة على أداء هذه الشركات؟، فعندما خصخصنا قطاع الاتصالات وحررناه تم تشكيل هيئة للرقابة، ولكن هل كانت هناك مثل هذه الرقابة عندما خصخصنا قطاع النظافة؟ هل الوزارة المعنية كانت على كفاءة عالية من الرقابة والتأكد؟
    ألم نخصخص الكهرباء أيضا من خلال محطة الحد والعزل؟ العزل أنتج الكهرباء في الموعد، وعندما انتقلت إدارة محطة الحد إلى الشركة الجديدة قل انقطاع الكهرباء بشكل ملموس، بل أول مرة في البحرين أصبح لدينا طاقة تزيد على احتياجاتنا لأننا وجهنا الأمر إلى جهات استطاعت ان تديره بشكل جيد. صحيح ان هذه المشاريع وجهت لجهات أجنبية، ولكن كان هذا بسبب نقص الخبرة المحلية من جانب، وتطلب ذلك تكلفة عالية ربما لا يقدر عليها القطاع الخاص المحلي، وإن كنا لا ننكر ان هناك دورا مشهودا للقطاع المحلي في محطة الدور.
    ومن هنا يجب ان يكون التركيز على ان تحقق الخصخصة نتائج أفضل بغض النظر عما إذا كانت المشاريع لدى القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي، فما نريده في الخصخصة هو كفاءة الأداء، ثم ان توجيه المشاريع الضخمة إلى شركات أجنبية لا يعني ان الشركات المحلية لا تستفيد من المشروع، انظر إلى الميناء مثلا، رسا العقد على شركة أجنبية، وهذه الشركة تعاملت مع شركات محلية بحرينية، وبالتالي دخل القطاع الخاص المحلي في إدارة الميناء بشكل غير مباشر. وهذا ما يعني ان العبرة في التخصيص ليست انتقال الخدمة إلى شركة محلية بقدر ما هي الارتقاء بالخدمة لكي تعم الفائدة.
    أين هذه الشركات؟
    * ولكن البعض يرى انه عند افتقاد القطاع الخاص المحلي الخبرة أو القدرة يجب أن يتم التوجه إلى تكوين تحالفات أو تكوين شركات كبرى بدل الاستعانة بالشركات الأجنبية.
    ** من حقهم فعلا تكوين شركات، ولكن أين هذه الشركات؟ فمن منع تأسيس شركة بحرينية للنظافة أو إدارة الميناء أو توليد الطاقة؟
    نعم من الممكن ان نؤسس شركات محلية ولكننا نبقى بحاجة إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية.
    * ما هي القطاعات التي ترى انه من الضروري التفكير بجدية في خصخصتها؟
    ** بخلاف الخدمات والقطاعات السيادية الأساسية كالجيش والأمن العام، يمكن تخصيص القطاعات كافة التي تتولى الحكومة اليوم إدارتها، أي ليس هناك حدود في عملية التخصيص، ويمكن حتى تخصيص بعض الخدمات في الجيش والأمن والمرور، على ان يكون التخصيص في كل المشاريع وفق آلية سليمة ودراسات واضحة تضمن اختيار الجهة المناسبة بشكل صحيح، وبشرط ألا يترتب على الخصخصة تحمل الحكومة أعباء إضافية، ويجب ألا ننسى هنا ان موضوع البحرنة مهم جدا، لذلك نجد هناك قانونا ينظم حقوق البحرينيين الذي سوف يستغنى عن خدماتهم بسبب التخصيص وهو قانون في الحقيقة يتضمن مزايا مجدية وممتازة، علما بأن التذمر يختلف عن الحقوق، فالناس يعتقدون أنهم عندما يعينون في الحكومة تكون الوظيفة مضمونة مهما حصل، وعند انتقال المشروع إلى القطاع الخاص يتغير الوضع فينشأ التذمر حتى لو تم تعويضهم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:00 pm