تحوّلات إيجابية في موقف الاتحاد الأوروبي من الحكومة الفلسطينية
غزة ـ المركز الفلسطيني للإعلام
أمام الصبر والصمود ليس هناك سبيل للخصم إلا التراجع، هذا هو ملخص حكاية الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس، فالاتحاد الأوروبي بدأ مؤخراً يتخذ مواقف أكثر مرونة تجاه الحكومة الفلسطينية بعد خمسة أشهر تقريباً من تولّيها مهامها.
فقد صدرت مؤخراً عدة تصريحات ومؤشرات من قبل الاتحاد الأوروبي تسير في اتجاه التعامل مع الحكومة الفلسطينية، وتدرجت هذه المواقف بدءاً من صرف المفوضية الأوروبية أموالاً لرواتب القطاع الصحي، ومن ثم تقديم إعانات اجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً، وهو ما اعتبره بعض المراقبين بأنه بمثابة فتح ثغرة في الحصار المفروض، على الرغم مما يشوب آليات الاتحاد من شوائب.
مواقف
ومن المواقف الإيجابية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي دعوته الحكومة الصهيونية من أجل إطلاق سراح النواب والوزراء الذين قامت باختطافهم وزجّت بهم في سجونها.
ويقول وزير الخارجية الفنلندي إيركي تومويغا، الذي تشغل بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي: "إنه يجب الإفراج عن أعضاء البرلمان الفلسطيني بدون قيد أو شروط"، وهذا الموقف الأوروبي أشاد به رئيس الوزراء إسماعيل هنية مؤكداً أنه من خلال هكذا مواقف، فإن الاتحاد الأوروبي يمكن له أن يلعب دوراً أكبر في لجم الاعتداءات الصهيونية، وتكريس احترام الديمقراطية وخيارات الشعب الفلسطيني.
وكان وزير الخارجية الفنلندي قد دعا الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مباحثات مع حركة حماس. ونقلت صحيفة "الفاينانشيال تايمز" البريطانية أن على الاتحاد التباحث مع جميع الأطراف ومن ضمنهم حركة حماس، إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب بإحياء عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط.
أصوات أوروبية
الأمر الأكثر أهمية بحسب المراقبين؛ هو دعوة عدد من المسؤولين الأوروبيين إلى مراجعة الشروط الثلاثة المسبقة للتفاوض مع "حماس" التي وضعها الاتحاد الأوروبي مسبقاً للتعامل مع الحكومة الفلسطينية، حيث ذكرت مصادر إعلامية أن بعض الأصوات داخل الاتحاد أخذت تدعو إلى مراجعة الشروط الثلاثة المسبقة للتفاوض مع حركة حماس وذلك بعد تخلي رئيس الحكومة الصهيونية إيهود أولمرت عن خطة الانطواء وجمود العملية السياسية بين الفلسطينيين وبين (إسرائيل).
ولا تطالب هذه الأصوات، وفقاً لدبلوماسيين أوروبيين بإسقاط هذه الشروط التي تتمثل بإنهاء العنف وقبول الاتفاقيات السابقة والاعتراف بـ (إسرائيل)، وإنما التمهل فيها لفتح ثغرة تُسهِّل إجراء محادثات مع الحكومة الفلسطينية. ويقول مصدر أوروبي: قد لا يمكن التعامل مع هذه الشروط بالجملة، ولكن يمكن البدء بأحدها ورؤية ما يمكن تحقيقه بعد ذلك، فيما ذكر مسؤول أوروبي آخر أن الإصرار على تقديم رزمة الشروط الثلاثة كان خطأً تكتيكياً، لأن هذه الشروط ليست متساوية في الأهمية.
من جهته، ثَمَّن المتحدث باسم كتلة "حماس" البرلمانية في المجلس التشريعي د.صلاح البردويل ما صدر عن الاتحاد الأوروبي معتبرا أن ذلك يعدّ تحوّلاً جزئياً في الاتجاه الصحيح لموقف الاتحاد، مشيراً إلى أن صمود الشعب الفلسطيني وثباته على حقه ودفع الضريبة الغالية هو الذي أقنع دول الاتحاد الأوروبي أنه لا مجال لتجاوز ما أنتجته الديمقراطية الفلسطينية.
النائب البردويل عبّر عن أمله بأن يقتنع الأوروبيون أنه لا بد من الحوار مع الحكومة؛ لأنها تمثل الشعب الفلسطيني والخيار الديمقراطي.
وكان البردويل وغيره من نواب "حماس" قد اجتمعوا في أوقات سابقة مع برلمانيين أوروبيين من عدة دول، ومن بينهم نواب في برلمان الاتحاد الأوروبي. ويعتبر البردويل أن اللقاءات مع الجهات المسؤولة في الاتحاد سواءً برلمانية أو رسمية ساهمت في زحزحة الموقف الأوروبي.
تشدد بريطانيا
ويبدو أن هناك تفاوتاً كبيراً في موقف دول الاتحاد الأوروبي، فأغلب دول الاتحاد مواقفها أكثر مرونة، ولا تجد عائقاً في التعامل مع الحكومة الفلسطينية، وتعتبر بريطانيا هي الدولة الأكثر تشدداً في هذا الإطار بسبب تبعية إدارتها الحالية للسياسة الأمريكية، وهو ما كان واضحاً في كثير من القضايا الأخرى، وفي هذا السياق يرى النائب البردويل أن هناك نوعا من التمايز بين الدول الأوروبية، مشيراً إلى أن الذي يجعل الاتحاد الأوروبي يميل في مواقفه هو شدة الضغط الذي تمارسها بعض الدول التي ومنها بريطانيا التي تسير وفق السياسة الأمريكية.
ويشير البردويل إلى أن حكومة بلير مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقرار الأمريكي، منوهاً بأنه من الصعب في ظل هذه الحكومة وهذا الرئيس أن يحدث تغييراً جوهرياً في موقف بريطانيا.
ويؤكد البردويل أن زيارة بلير التي تزامنت مع تصريحات أولمرت بأنه سيفتح حواراً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يصب في خانة تمزيق الصف الفلسطيني، وقال:" هم يريدون أن يتعاملوا مع الرئيس ويقاطعون الحكومة، وذلك بالتزامن مع المظاهرات المسيسة التي يحرص عليها البعض ضد الحكومة ومحاولة لإزالة الصورة البشعة للكيان بعد العدوان على غزة ولبنان ومحاولة عزل الحكومة وهم في الوقت نفسه لا يريدون فتح حوار حقيقي مع الرئيس".
وكان رئيس الوزراء إسماعيل هنية قد نشر مقالاً له في صحيفة الغارديان البريطانية شنَّ فيه هجوما كلاميا عنيفا على السياسة البريطانية في الشرق الأوسط. وبدأ هنية المقال بالقول: "على الرغم من المسؤولية التاريخية التي تقع على الحكومات البريطانية المتتالية بسبب ما وقع لشعبنا، من وعد بلفور وصولا إلى كارثة التشرد".
وتحدَّث هنية عن "تمكن الشعب الفلسطيني من إنتاج أحد أكثر التجارب الديمقراطية شفافية في المنطقة على الإطلاق"، وذلك على الرغم من "جرائم الحرب (الإسرائيلية) ضد شعبنا واغتيال زعمائنا." لكنه ذكر بأن الرد البريطاني كان داعما للموقف (الإسرائيلي) الأمريكي بفرض العقوبات التي اعتبرها هنية "عقوبات جماعية."
احترام نتائج الانتخابات
وإن كانت مواقف دول وجهات في الاتحاد الأوروبي تبدي بعض التشدد، إلا أن هناك جهاتٍ أخرى تدعو إلى التعامل مع "حماس"، وهو ما دعا إليه صراحةً جيري آدمز رئيس حزب "الشين فين" الإيرلندي الذي قال: "يجب على المجتمع الدولي التعامل مع نتائج الانتخابات الفلسطينية التي جاءت بحركة حماس للحكم".
وجاء آدمز للأراضي الفلسطينية بدعوة من رئيس السلطة محمود عباس، وقال: إنه سيجتمع مع نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من جميع الفصائل بمن فيهم نواب من حركة حماس في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
وقال آدمز: إن المسؤولين (الإسرائيليين) رفضوا لقاءه خلال زيارته الحالية. وأضاف أن الحوار كفيل بحل جميع المشاكل. وتابع قائلاً: "أعتقد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مخطئان، فقد جرت انتخابات ديمقراطية في الأراضي الفلسطينية ويجب احترام نتائج هذه الانتخابات.
وتبدو المتغيرات على الساحة الدولية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمدى قبول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى التعامل مع الحكومة الفلسطينية، والأهم من ذلك أنه لا يوجد أحدٌ يستطيع إغفال من يريد الشعب أن يُمثِّله.
غزة ـ المركز الفلسطيني للإعلام
أمام الصبر والصمود ليس هناك سبيل للخصم إلا التراجع، هذا هو ملخص حكاية الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس، فالاتحاد الأوروبي بدأ مؤخراً يتخذ مواقف أكثر مرونة تجاه الحكومة الفلسطينية بعد خمسة أشهر تقريباً من تولّيها مهامها.
فقد صدرت مؤخراً عدة تصريحات ومؤشرات من قبل الاتحاد الأوروبي تسير في اتجاه التعامل مع الحكومة الفلسطينية، وتدرجت هذه المواقف بدءاً من صرف المفوضية الأوروبية أموالاً لرواتب القطاع الصحي، ومن ثم تقديم إعانات اجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً، وهو ما اعتبره بعض المراقبين بأنه بمثابة فتح ثغرة في الحصار المفروض، على الرغم مما يشوب آليات الاتحاد من شوائب.
مواقف
ومن المواقف الإيجابية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي دعوته الحكومة الصهيونية من أجل إطلاق سراح النواب والوزراء الذين قامت باختطافهم وزجّت بهم في سجونها.
ويقول وزير الخارجية الفنلندي إيركي تومويغا، الذي تشغل بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي: "إنه يجب الإفراج عن أعضاء البرلمان الفلسطيني بدون قيد أو شروط"، وهذا الموقف الأوروبي أشاد به رئيس الوزراء إسماعيل هنية مؤكداً أنه من خلال هكذا مواقف، فإن الاتحاد الأوروبي يمكن له أن يلعب دوراً أكبر في لجم الاعتداءات الصهيونية، وتكريس احترام الديمقراطية وخيارات الشعب الفلسطيني.
وكان وزير الخارجية الفنلندي قد دعا الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مباحثات مع حركة حماس. ونقلت صحيفة "الفاينانشيال تايمز" البريطانية أن على الاتحاد التباحث مع جميع الأطراف ومن ضمنهم حركة حماس، إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب بإحياء عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط.
أصوات أوروبية
الأمر الأكثر أهمية بحسب المراقبين؛ هو دعوة عدد من المسؤولين الأوروبيين إلى مراجعة الشروط الثلاثة المسبقة للتفاوض مع "حماس" التي وضعها الاتحاد الأوروبي مسبقاً للتعامل مع الحكومة الفلسطينية، حيث ذكرت مصادر إعلامية أن بعض الأصوات داخل الاتحاد أخذت تدعو إلى مراجعة الشروط الثلاثة المسبقة للتفاوض مع حركة حماس وذلك بعد تخلي رئيس الحكومة الصهيونية إيهود أولمرت عن خطة الانطواء وجمود العملية السياسية بين الفلسطينيين وبين (إسرائيل).
ولا تطالب هذه الأصوات، وفقاً لدبلوماسيين أوروبيين بإسقاط هذه الشروط التي تتمثل بإنهاء العنف وقبول الاتفاقيات السابقة والاعتراف بـ (إسرائيل)، وإنما التمهل فيها لفتح ثغرة تُسهِّل إجراء محادثات مع الحكومة الفلسطينية. ويقول مصدر أوروبي: قد لا يمكن التعامل مع هذه الشروط بالجملة، ولكن يمكن البدء بأحدها ورؤية ما يمكن تحقيقه بعد ذلك، فيما ذكر مسؤول أوروبي آخر أن الإصرار على تقديم رزمة الشروط الثلاثة كان خطأً تكتيكياً، لأن هذه الشروط ليست متساوية في الأهمية.
من جهته، ثَمَّن المتحدث باسم كتلة "حماس" البرلمانية في المجلس التشريعي د.صلاح البردويل ما صدر عن الاتحاد الأوروبي معتبرا أن ذلك يعدّ تحوّلاً جزئياً في الاتجاه الصحيح لموقف الاتحاد، مشيراً إلى أن صمود الشعب الفلسطيني وثباته على حقه ودفع الضريبة الغالية هو الذي أقنع دول الاتحاد الأوروبي أنه لا مجال لتجاوز ما أنتجته الديمقراطية الفلسطينية.
النائب البردويل عبّر عن أمله بأن يقتنع الأوروبيون أنه لا بد من الحوار مع الحكومة؛ لأنها تمثل الشعب الفلسطيني والخيار الديمقراطي.
وكان البردويل وغيره من نواب "حماس" قد اجتمعوا في أوقات سابقة مع برلمانيين أوروبيين من عدة دول، ومن بينهم نواب في برلمان الاتحاد الأوروبي. ويعتبر البردويل أن اللقاءات مع الجهات المسؤولة في الاتحاد سواءً برلمانية أو رسمية ساهمت في زحزحة الموقف الأوروبي.
تشدد بريطانيا
ويبدو أن هناك تفاوتاً كبيراً في موقف دول الاتحاد الأوروبي، فأغلب دول الاتحاد مواقفها أكثر مرونة، ولا تجد عائقاً في التعامل مع الحكومة الفلسطينية، وتعتبر بريطانيا هي الدولة الأكثر تشدداً في هذا الإطار بسبب تبعية إدارتها الحالية للسياسة الأمريكية، وهو ما كان واضحاً في كثير من القضايا الأخرى، وفي هذا السياق يرى النائب البردويل أن هناك نوعا من التمايز بين الدول الأوروبية، مشيراً إلى أن الذي يجعل الاتحاد الأوروبي يميل في مواقفه هو شدة الضغط الذي تمارسها بعض الدول التي ومنها بريطانيا التي تسير وفق السياسة الأمريكية.
ويشير البردويل إلى أن حكومة بلير مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقرار الأمريكي، منوهاً بأنه من الصعب في ظل هذه الحكومة وهذا الرئيس أن يحدث تغييراً جوهرياً في موقف بريطانيا.
ويؤكد البردويل أن زيارة بلير التي تزامنت مع تصريحات أولمرت بأنه سيفتح حواراً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يصب في خانة تمزيق الصف الفلسطيني، وقال:" هم يريدون أن يتعاملوا مع الرئيس ويقاطعون الحكومة، وذلك بالتزامن مع المظاهرات المسيسة التي يحرص عليها البعض ضد الحكومة ومحاولة لإزالة الصورة البشعة للكيان بعد العدوان على غزة ولبنان ومحاولة عزل الحكومة وهم في الوقت نفسه لا يريدون فتح حوار حقيقي مع الرئيس".
وكان رئيس الوزراء إسماعيل هنية قد نشر مقالاً له في صحيفة الغارديان البريطانية شنَّ فيه هجوما كلاميا عنيفا على السياسة البريطانية في الشرق الأوسط. وبدأ هنية المقال بالقول: "على الرغم من المسؤولية التاريخية التي تقع على الحكومات البريطانية المتتالية بسبب ما وقع لشعبنا، من وعد بلفور وصولا إلى كارثة التشرد".
وتحدَّث هنية عن "تمكن الشعب الفلسطيني من إنتاج أحد أكثر التجارب الديمقراطية شفافية في المنطقة على الإطلاق"، وذلك على الرغم من "جرائم الحرب (الإسرائيلية) ضد شعبنا واغتيال زعمائنا." لكنه ذكر بأن الرد البريطاني كان داعما للموقف (الإسرائيلي) الأمريكي بفرض العقوبات التي اعتبرها هنية "عقوبات جماعية."
احترام نتائج الانتخابات
وإن كانت مواقف دول وجهات في الاتحاد الأوروبي تبدي بعض التشدد، إلا أن هناك جهاتٍ أخرى تدعو إلى التعامل مع "حماس"، وهو ما دعا إليه صراحةً جيري آدمز رئيس حزب "الشين فين" الإيرلندي الذي قال: "يجب على المجتمع الدولي التعامل مع نتائج الانتخابات الفلسطينية التي جاءت بحركة حماس للحكم".
وجاء آدمز للأراضي الفلسطينية بدعوة من رئيس السلطة محمود عباس، وقال: إنه سيجتمع مع نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من جميع الفصائل بمن فيهم نواب من حركة حماس في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
وقال آدمز: إن المسؤولين (الإسرائيليين) رفضوا لقاءه خلال زيارته الحالية. وأضاف أن الحوار كفيل بحل جميع المشاكل. وتابع قائلاً: "أعتقد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مخطئان، فقد جرت انتخابات ديمقراطية في الأراضي الفلسطينية ويجب احترام نتائج هذه الانتخابات.
وتبدو المتغيرات على الساحة الدولية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمدى قبول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى التعامل مع الحكومة الفلسطينية، والأهم من ذلك أنه لا يوجد أحدٌ يستطيع إغفال من يريد الشعب أن يُمثِّله.