الشهيد القسامي رامي سعد
غزة – خاص
جميل أن يتعلم المرء علما ويعمل به ، ولكن الأجمل منه أن يقوده هذا العلم لان يكون مجاهدا ويقوده جهاده لنيل الشهادة الصادقة في سبيل الله عز وجل ، وهكذا كان أخونا الشهيد رامي فارساً في الدعوة والجهاد يمتشق سلاح التفجير أمام الصهاينة الخنازير ويتسلح بقلم الشاعرية والكتابة ، فكأن حروف كلماته تشع بريقاً نورانياً وكأن جوارها لبعضها البعض يعطيها نبضا لا يقف وشعوراً وردياً لا يتمزق واستيعاباً عظيماً يستعصي على التناسي أو التغافل .
ولكن الذي عايش هذا الشهيد الحي يعلم أن رامي قد رام العلا وفكر في المراقي فما للدنيا على المجاهد الحقيقي قدرة وما لها عليه سبيل .
كان بارعاً في استقطاب أسماع الجماهير متميزاً في كلامه الموزون شعرا ومنطقا ، تحس كأن قطرات الماء الزلاق تهرق ذراتها على أرض موات من الدعوة فتحيلها واحة تسكن فيها ورود التجديد وتترعرع فوقها أزهار التنشيط وتنمو في مرابعها نباتات الصمود .. ومع كل هذا كان ولا يزال لكل فرد في هذه الحياة ميعاد مع قدر الموت الذي ينتظرنا جميعا بالمرصاد ، ويكفينا أن نقول إن رامي استطاع أن يحدد الميتة الكريمة التي كان يمثل فيها المجاهد الذائد عن حياض أرضه ، فهل تود أخي القارئ الحبيب أن تسير على دربه ؟؟ أم تتنكب هذا الطريق .
** المولد والنشأة :
مولود جديد تستنشق أنفه أزاهير الحياة التي امتزج فيها أريجها بمعاناة شعب مغلوب على أمره ، وتتعالى أصوات حنجرته صارخاً بنداء الحياة كان صوته الهادر زمجرة الأسود وغضبة الليوث الهاصرة ، وكأن أول ما يخرجه فمه البريء من كلام الأطفال التمتمي يعلن وبشكل صريح وواضح أنني بدرب الجهاد لا أرضى التخاذل والتساقط والرضوخ .
بهذه الحالة وعلى هذه الشاكلة استقبل حي الجهاد والمقاومة والصمود حي الشجاعية بغزة ابنه الجديد وعزيزه الكريم " رامي " لتستقبله يدا أبويه الطاهرتين تحنكاه بتمر العزة والكرامة ، وتسمعه أذان الحق والقوة والحرية ، ليرضع مع لبن الحياة ألبان الصمود والثبات والقوة الحقيقية .
لذا ليس غريبا أن يدفع مصدر الطهر هذا به إلى موائد القران وذكر الرحمن ليسبح في بحر الإيمان ويستقيم قبل أن تنعم أظفاره ويكتمل عقله وينضج فهمه ، وبينما هذه الحالة تطلبت ظروف عمل والده أن يتوجهوا إلى مصر ، ولكنه وكعادة كل طائر يطير ثم يعود إلى عشه حيث عاد شهيدنا المغوار " رامي " إلى وطنه الغالي فلسطين والى حيه الذي أحب حي الشجاعية .
** حياته الدراسية :
كان الشهيد متميزاً في كل مرحلة من مراحل حياته الدراسية وهذا التميز أهله لأن يكون من أهل الامتياز في الثانوية العامة عام 1996 ، الشيء الذي أقدره أن يدخل كلية الهندسة التي أحب بالجامعة الإسلامية .
وكان طالباً مجتهداً و خلوقاً مبدعاً في دراسته يجتهد في تحصيل العلم والمعرفة المرتبطة بدراسته ولم يهمل في هذه الفترة هواية المطالعة وكتابة الشعر التي يعشقها حيث ألف العديد من الأشعار والمقالات التي نزل العديد منها في الصحف والمجلات ومواقع الانترنت وبخاصة تلك المهتمة بالقضية الفلسطينية ولم يكن الشهيد يبعد عن حصوله على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسوب سوى شهر عن الامتحانات النهائية ، ولكن المنية عاجلته فسطرت له شهادة الاصطفاء الرباني فكانت على أروع ما تكون الشهادات فهي العلامة الفخرية من رب البرية وهي السمة الكريمة من صاحب الملك والملكوت .
** في صفوف مجلس الطلاب
توطيداً للحياة الدعوية الكبيرة ومشاركة في مسيرة انتشال التائهين الغائبين عن ساحة الفاعلية في هذا الوطن الحبيب وخدمة للقطاع الطلابي المترامية أطرافه والممتدة جذوره في قطاعنا الحبيب .
كان الشهيد على موعد مع القدر فلقد عمل الشهيد في صفوف الكتلة الإسلامية في فترة دراسته الثانوية والجامعية ، وفي عام 2000 رشحه إخوانه للعمل في صفوف مجلس طلاب الجامعة الإسلامية كأمين للصندوق ، من خلال الانتخابات التي جرت في ذلك العام وبالفعل فاز رامي و إخوانه في الكتلة بتلك الانتخابات وحصلوا على نسبة 73% ، وكان أول بروز له في أول مهرجان بمناسبة الفوز " مهرجان الفوز الساحق " بكلماته النارية وشعره المعبر وقد أبدع في عمله في المجلس وفي خدمة إخوانه الطلاب وكانت له مواقف مشهودة شديدة و صلبه في وجه إدارة الجامعة عندما كانت تحاول اتخاذ قراراً ما لا يصب في مصلحة الطلاب ، بل وكل من عرف جهده واجتهاده وصدق وفائه كان يعلم انه لم يأل جهداً ولم يدخر وسعاً في تقديم كل ما تستطيعه نفسه بعون ربه لإخوانه الطلاب ، ولعمري فقد كان قلمه ذا مداد عطري نوراني أنيق تتقاصر الروعة ذاتها أمام كلامه وعباراته التي اعتاد فيها على حسن سليقته وصفاء فطرته .
** الروحانية الجهادية :
كان معروفاً عنه أنه شخص إيماني روحاني وقد أثر في كثير من طلاب الجامعة وغيرهم وخصوصاً في ليالي رمضان لما يتمتع به من نداوة الصوت وجميل الألفاظ وحسن ترتيله لكتاب الله " القرآن الكريم " .
ومنذ أول يوم من انتفاضة الأقصى شارك رامي وبقوة في أول مسيرة حاشدة لمجلس طلاب الجامعة الإسلامية، وأمّ جموع المصلين في صلاة الغائب على أرواح الشهداء في ميدان فلسطين ، ولم يستطع البقاء مكتوف الأيدي فشارك في فعاليات هذه الانتفاضة حيث كان يذهب يومياً إلى مناطق التماس ليشارك أبناء شعبه في جهادهم ضد الصهاينة البغاة مسطراً أروع آيات الجهاد والانتصار على أرض أقحلتها خيانة الخائنين وأجدبتها نفاقات المنافقين وحقد الحاقدين .
** فارس البندقية :
لم يكن رامي ليترك فرصة للجهاد دون استغلالها ، عرف حبه الشديد للجهاد وغيرته على الإسلام والمسلمين ، فقد انضم رامي إلى الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حمـاس " كتائب الشهيد عز الدين القسام " الوحدة الخاصة 103 في أول شهر من الانتفاضة وكان على علاقة وثيقة وأبوية مع القائد العام لكتائب القسام الشيخ المجاهد الشهيد " صلاح شحادة " وكان يقول له الشيخ شحادة " أنت ابني الذي حرمت منه " ولعل أن الذي حدا بشيخنا المجاهد أبي مصطفى أن تكون علاقته برامي على هذه الشاكلة هو ما كان يتمتع به هذا الرجل من الجمع بين القلم والبندقية وحبه للجهاد لا يقطعها نظير ولا يحدها طالب ولا يصلها هاو ولاه ساه ، والناظر إلى صورته " مجرد الصورة " يحس العزة تتجسد قسماتها على محياه وتبدو الأسدية في أنيابه الغضنفرية ونرى الحطابة الحماسية رؤية حقيقية من وضعية يده ، وتبصر الاندماجية بين كلامه ومقاله من وراء نظارته الزاهرة .
** البصمات السعدية في صفوف القسامية :
هذا وقد شارك الشهيد رامي في العديد من عمليات إطلاق النار على العدو الصهيوني وكان أول من صاغ بيان الوحدة القسامية الخاصة 103 تتبنى فيه سلسلة عمليات لإطلاق النار ومنها عملية طريق نتساريم كارني في 17-12-2000 التي تكبد فيها العدو خسائر فادحة و لم تفلح فئرانه في إنقاذ القافلة المستهدفة إلا بقوات ضخمة و مروحيات و دبابات أيقظت شرق غزة ، وعملية نتساريم في 24-12-2000 حيث عمد المجاهدون إلى اقتحام مستوطنة نتساريم و اشتبكوا مع أبراج المراقبة و استخدمت فئران الكيان الصهيوني كل ما تملك من الترسانة العسكرية حتى الزوارق البحرية في حين أفلت المجاهدون بأعجوبة من حصار خرافي مستخدمين الأسلحة الرشاشة و القنابل و سلسلة عمليات الثأر و هي مجموعة من الاشتباكات المتفرقة تتمثل في الإغارة علي الجنود و المستوطنين تمركزت حول مستوطنات نتساريم و كفار داروم و الخط الشرقي وكانت هذه العمليات بمثابة الانتقام لاستشهاد القائد القسامي عوض سلمي " أبو مجاهد " الذي تأثر شهيدنا رامي كثيرا باستشهاده .
وقام رامي برفقة إخوانه في الوحدة الخاصة 103 بزرع عبوة ناسفة في منطقة بيت حانون ، كما وشارك رامي في العملية الجريئة على طريق كارني – نتساريم يوم الاثنين 15/1/2001م الساعة 7:45 صباحاً والتي أدت إلى تدمير سيارتين عسكريتين كاملتين وذلك نتيجة لتفجير عبوة ناسفة موجهة زرعها المجاهدون على مسافة لا تتجاوز الأمتار الأربعة من السيارتين مما حولها هباءً منثوراً، هذا وقد تمكن المجاهدون من تصوير هذه العملية تلفزيونياً وجاءت هذه العملية رداً على عمليات الاغتيال التي ينفذها العدو الصهيوني ضد أبناء شعبنا البطل والتي كان آخرها اغتيال أحد قادة إخواننا في حركة فتح الشهيد شاكر حسونة.
وكان لشهيدنا رامي شرف المشاركة صبيحة يوم الاثنين الموافق 22/1/2001م وفي تمام الساعة 7:7صباحاً من تفجير دبابة صهيونية مخصصة لحماية القوافل العسكرية الصهيونية وقوافل المستوطنين حيث تمكن مجاهدونا بفضل الله ورعايته من زرع عبوة ناسفة موجهة بوزن 40كجم على بعد أقل من متر واحد من الدبابة مما أدى إلى تدميرها تدميراً تاماً وتمكن المجاهدون وللمرة الثانية من تصوير العملية تلفزيونياً وكان رامي هو المصور في العملية ونال شرف الضغط على زر التفجير وهو يحمل في يده الأخرى الكاميرا وكانت كلماته لحظتها تهز القلوب " الله أكبر .. اللهم منك النصر " , وجاءت هذه العملية في سياق الرد على المجازر البشعة التي ترتكبها دولة الكيان المسخ بحق شعبنا الأعزل المرابط وخصوصاً اختطاف فتاة فلسطينية من بير نبالا كما وتمثل إنذاراً أخيراً لقطعان المستوطنين الذين تغولوا في هجمتهم على أهلينا المرابطين الصابرين في خان يونس الصمود.
كما وشارك رامي في عملية نوعية أخرى من خلال القيام بسلسلة تفجيرات تم من خلالها استهداف قافلة دبابات صهيونية على طريق (نتساريم – كارني) ونسف إحداها كاملة وإصابة الثانية بصورة طفيفة . ولقد كانت عناية الله ورعايته تحوط المجموعة فقد تمكن فدائيو الوحدة (103) من تخطي حواجز الأمن الصهيوني الفاشل على ضخامتها وأفلحوا في نصب العبوات وتمكنوا من العودة والتفجير دون أذى والفضل أولاً وأخيراً لله عز وجل ، ونظراً لانكشاف الموقع وعدم توافر عوامل الأمان تم استثناء التصوير في هذه العملية وجاءت هذه العملية كرد على قيام المجرمين الصهاينة بقتل اثنين من أبنائنا في مدينة رفح الصمود وتزامناً مع مرور أربعين يوماً على استشهاد ابن القسام (نور الدين صافي) منفذ عملية إيريز الاستشهادية .
وفي عملية أخرى استهدفت دبابة صهيونية شارك شهيدنا رامي في تفجيرها برفقة الشهيد القسامي مهند سويدان حيث كان الشهيدان يحملان العبوة التي كانت تزن حوالي 40 كيلو جرام وخلال سيرهما في الأرض الطينية علقت قدم الشهيد رامي في الطين ولم يتمكن من إخراجها بسبب حمله العبوة والعتاد العسكري الخاص به فأراد الانسحاب من المكان فما كان من الشهيد مهند سويدان إلا أن قال له ولماذا أتينا إلى هنا أعطني يدك وأخرج رامي من هذا المأزق وكان له الفضل بعد الله عز وجل في نجاح تدمير الدبابة .
** دعوا أعمالكم تتحدث عنكم
كما شارك رامي في عملية حجر الديك المزدوجة والتي تم فيها تدمير دبابتين صهيونيتين حيث استطاع رامي تفجيرهما من مسافة لا تزيد عن 80 متر لدرجة أنه لم يعد يسمع لساعات طويلة بسبب قوة صوت الانفجار .
كان يقول لزملائه يومها إذا شاهدتم اليهود يهاجمونني أريدكم أن تفجروا العبوات فيّ وفيهم ولا تأخذكم بي رحمة ، وكان يخرج من تلقاء نفيه لرصد أهداف لعمليات قادمة .
كما وقام رامي بالعديد من عمليات إطلاق النار على سيارات المستوطنين في منطقة كارني واشتبك في أحد الأيام مع حراس معبر كارني .
وشارك في التصدي لكافة الاجتياحات الصهيونية بلا استثناء وخصوصاً في منطقتي الشجاعية والزيتون ، وكان مسئولاً عن العديد من المجموعات العسكرية القسامية ومسئول موقع كتائب القسام على الانترنت وأحد أعضاء اللجنة العلمية في الكتائب ، وكما وعمل برفقة الشهيد القائد يوسف أبو هين في رصد ومتابعة العديد من الأهداف الصهيونية لتنفيذ عمليات عسكرية .
كان يخرج من تلقاء نفسه لرصد أهداف لعمليات قادمة .كان رامي شديد الحرص على متابعة تدريبات الرماية وكان يعتبر من القناصين المحترفين ، فلم يكن يخطئ هدفاً واحداً ، وعرف عنه أيضاً هدوءه في المواقف الحرجة ، لم يكن يرتبك حتى وسط إطلاق النار .
ثقة القائد العام به وبجهوده :
وقد طلب منه الشيخ صلاح شحادة تأسيس أول موقع لكتائب الشهيد عز الدين القسام على الإنترنت وقام فعلاً بهذه المهمة بنجاح بالغ مما أكسب الموقع سمعة متميزة ، و بعد زفافه بيوم واحد ُطلب منه أن ينزل بعض مقاطع الفيديو على الموقع وأن يقوم بصياغة بيان أول عملية إطلاق هاون مصورة وأن يوزعه على مكاتب الصحافة والإعلام ، وقد قام بذلك فعلا .
زفاف فوق العادة :
وللشهيد رامي سعد قصة شهيرة يوم عقد قرانه وفي نفس الليلة بدلاً من أن يسهر عند خطيبته كونها الليلة الأولى لخطبته ذهب ليكون مسئولاً عن عملية تفجير موقع نتساريم باستخدام عربة حصان ، وقد تم اعتقاله ليلتها من قبل قوات الأمن الوقائي الفلسطيني ، مع العلم أنه كان مسئول المجموعة التي قامت بعملية تفجير موقع نتساريم (العملية الأولى ) باستخدام عربة حصان .
وهكذا مضى :
لم يتوقف شهيدنا البطل رامي سعد وهو يبحث عن الشهادة وقد شارك في التصدي لكافة الإجتياحات التي حصلت في منطقتي الزيتون والشجاعية .
في ليلته الأخيرة كان على اتصال بآل أبو هين حتى الساعة الثانية عشر تقريبا وكان يشجعهم ويقوي معنوياتهم ويحثهم على الصمود ، وكان يتصل بزملائه يستشيرهم بالخروج إلا أنهم رفضوا لأن الدخول لمنطقة محاصرة كليا ليلاً خطر جداً ، وعند ظهر اليوم التالي خرج وزملاءه في الشجاعية وكان يقول لابد من فك الحصار عن الشباب ، لأن اليهود سيلجأون الليلة لحسم المعركة ولابد من إخراجهم قبل المغرب ، فخرج لتفقد الموقع وهو يحمل مسدسه الشخصي وسلاحه الرشاش هو وزملائه ، وفي احد الشوارع الفرعية شاهد دبابة صهيونية وكان الجنود ينزلون من إحدى العمارات ويجرون باتجاه الدبابة ، عاد وزملاءه إلى سيارتهم واصطحبوا أسلحتهم الرشاشة على اتفاق أن يطلقوا النار على الجنود وهم ينزلون من العمارات ، كان الشهيد وزملائه ينصحون الأهالي بالرجوع إلى الخلف خوفاً من رد اليهود على إطلاق النار ، وكان في الجهة المقابلة في الشارع إحدى المحلات له ثلاث درجات ارتفاعها تقريبا 50سم فإذا برامي يجري مسرعاً ناحية الدرج و دون علم زملاءه المشغولين بإبعاد الناس ويجلس على ركبته ويباشر إطلاق النار على الجنود "الإسرائيليين" وقد أطلق حوالي عشرين رصاصة دون توقف حتى ردت عليه الدبابة برصاص من العيار الثقيل عيار 800 ليصاب برصاصة واحدة في جنبه اخترقت أحشائه ، ليرتقي إلى العلا شهيداً بعدما نال ما تمنى بعد طول انتظار.
هكذا كانت شهادته ولكن !!
حريٌّ بنا ونحن نقرأ هذه السطور أن تمتلئ قلوبنا بكل مشاعر التقدير الممزوج بالسرور والحبور، والافتخار أن أمثال هؤلاء الشهداء – الذين تخرجوا في جامعة الحماس، وانتموا إلى دعوة الحق المعطاءة – قد فعلوا هذه الأفعال ممن المجد اللا منقطع والروعة الفياضة العطّاءة، فشهيدنا كان يستطيع أن يركن إلى الدنيا ويفرح بزوجته ويكمل دراسته، ولكنه أراده فرحًا جليبيبيًّا، فلا تنفض يداه غبارًا علق بجسده وإخوانه محاصرون أو مضايقون يتربص بهم أعداؤهم الدوائر، ولا تجرأ بوادر النوم أن تداعب عينيه طالما أن أحد إخوانه لا يزال يرزح تحت بندقية غازٍ أو دخيل، ولا يحاول قلبه مجرد التفكير في الراحة ما لم يكن متأكدًا تمامًا وبالمعاينة أنه قد صنع ما تكتحل به عينا كل مسلم ومسلمة.
دعوة صريحة :
كلامنا لا لبس فيه ولا غموض ولا تشكيك يحيط به ولا تعريض، بل الصراحة نفسها والوضوح ذاته، فنحن ندعوك وقد قرأت هذه الكلمات واستمتعت بتلك المواقف أن تسير على نفس الدرب الذي أراده رامي لنفسه واختاره لحياته، لتنال النتيجة الطبيعية المفرحة ولا شك والمسعدة ولا ريب.
أللهم اغفر لشهدائنا جميعًا
وأسكن شهيدنا الفردوس الأعلى
وحقق له مطلوبة وأنله مرغوبة
إنك ولي ذلك والقادر عليه
غزة – خاص
جميل أن يتعلم المرء علما ويعمل به ، ولكن الأجمل منه أن يقوده هذا العلم لان يكون مجاهدا ويقوده جهاده لنيل الشهادة الصادقة في سبيل الله عز وجل ، وهكذا كان أخونا الشهيد رامي فارساً في الدعوة والجهاد يمتشق سلاح التفجير أمام الصهاينة الخنازير ويتسلح بقلم الشاعرية والكتابة ، فكأن حروف كلماته تشع بريقاً نورانياً وكأن جوارها لبعضها البعض يعطيها نبضا لا يقف وشعوراً وردياً لا يتمزق واستيعاباً عظيماً يستعصي على التناسي أو التغافل .
ولكن الذي عايش هذا الشهيد الحي يعلم أن رامي قد رام العلا وفكر في المراقي فما للدنيا على المجاهد الحقيقي قدرة وما لها عليه سبيل .
كان بارعاً في استقطاب أسماع الجماهير متميزاً في كلامه الموزون شعرا ومنطقا ، تحس كأن قطرات الماء الزلاق تهرق ذراتها على أرض موات من الدعوة فتحيلها واحة تسكن فيها ورود التجديد وتترعرع فوقها أزهار التنشيط وتنمو في مرابعها نباتات الصمود .. ومع كل هذا كان ولا يزال لكل فرد في هذه الحياة ميعاد مع قدر الموت الذي ينتظرنا جميعا بالمرصاد ، ويكفينا أن نقول إن رامي استطاع أن يحدد الميتة الكريمة التي كان يمثل فيها المجاهد الذائد عن حياض أرضه ، فهل تود أخي القارئ الحبيب أن تسير على دربه ؟؟ أم تتنكب هذا الطريق .
** المولد والنشأة :
مولود جديد تستنشق أنفه أزاهير الحياة التي امتزج فيها أريجها بمعاناة شعب مغلوب على أمره ، وتتعالى أصوات حنجرته صارخاً بنداء الحياة كان صوته الهادر زمجرة الأسود وغضبة الليوث الهاصرة ، وكأن أول ما يخرجه فمه البريء من كلام الأطفال التمتمي يعلن وبشكل صريح وواضح أنني بدرب الجهاد لا أرضى التخاذل والتساقط والرضوخ .
بهذه الحالة وعلى هذه الشاكلة استقبل حي الجهاد والمقاومة والصمود حي الشجاعية بغزة ابنه الجديد وعزيزه الكريم " رامي " لتستقبله يدا أبويه الطاهرتين تحنكاه بتمر العزة والكرامة ، وتسمعه أذان الحق والقوة والحرية ، ليرضع مع لبن الحياة ألبان الصمود والثبات والقوة الحقيقية .
لذا ليس غريبا أن يدفع مصدر الطهر هذا به إلى موائد القران وذكر الرحمن ليسبح في بحر الإيمان ويستقيم قبل أن تنعم أظفاره ويكتمل عقله وينضج فهمه ، وبينما هذه الحالة تطلبت ظروف عمل والده أن يتوجهوا إلى مصر ، ولكنه وكعادة كل طائر يطير ثم يعود إلى عشه حيث عاد شهيدنا المغوار " رامي " إلى وطنه الغالي فلسطين والى حيه الذي أحب حي الشجاعية .
** حياته الدراسية :
كان الشهيد متميزاً في كل مرحلة من مراحل حياته الدراسية وهذا التميز أهله لأن يكون من أهل الامتياز في الثانوية العامة عام 1996 ، الشيء الذي أقدره أن يدخل كلية الهندسة التي أحب بالجامعة الإسلامية .
وكان طالباً مجتهداً و خلوقاً مبدعاً في دراسته يجتهد في تحصيل العلم والمعرفة المرتبطة بدراسته ولم يهمل في هذه الفترة هواية المطالعة وكتابة الشعر التي يعشقها حيث ألف العديد من الأشعار والمقالات التي نزل العديد منها في الصحف والمجلات ومواقع الانترنت وبخاصة تلك المهتمة بالقضية الفلسطينية ولم يكن الشهيد يبعد عن حصوله على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسوب سوى شهر عن الامتحانات النهائية ، ولكن المنية عاجلته فسطرت له شهادة الاصطفاء الرباني فكانت على أروع ما تكون الشهادات فهي العلامة الفخرية من رب البرية وهي السمة الكريمة من صاحب الملك والملكوت .
** في صفوف مجلس الطلاب
توطيداً للحياة الدعوية الكبيرة ومشاركة في مسيرة انتشال التائهين الغائبين عن ساحة الفاعلية في هذا الوطن الحبيب وخدمة للقطاع الطلابي المترامية أطرافه والممتدة جذوره في قطاعنا الحبيب .
كان الشهيد على موعد مع القدر فلقد عمل الشهيد في صفوف الكتلة الإسلامية في فترة دراسته الثانوية والجامعية ، وفي عام 2000 رشحه إخوانه للعمل في صفوف مجلس طلاب الجامعة الإسلامية كأمين للصندوق ، من خلال الانتخابات التي جرت في ذلك العام وبالفعل فاز رامي و إخوانه في الكتلة بتلك الانتخابات وحصلوا على نسبة 73% ، وكان أول بروز له في أول مهرجان بمناسبة الفوز " مهرجان الفوز الساحق " بكلماته النارية وشعره المعبر وقد أبدع في عمله في المجلس وفي خدمة إخوانه الطلاب وكانت له مواقف مشهودة شديدة و صلبه في وجه إدارة الجامعة عندما كانت تحاول اتخاذ قراراً ما لا يصب في مصلحة الطلاب ، بل وكل من عرف جهده واجتهاده وصدق وفائه كان يعلم انه لم يأل جهداً ولم يدخر وسعاً في تقديم كل ما تستطيعه نفسه بعون ربه لإخوانه الطلاب ، ولعمري فقد كان قلمه ذا مداد عطري نوراني أنيق تتقاصر الروعة ذاتها أمام كلامه وعباراته التي اعتاد فيها على حسن سليقته وصفاء فطرته .
** الروحانية الجهادية :
كان معروفاً عنه أنه شخص إيماني روحاني وقد أثر في كثير من طلاب الجامعة وغيرهم وخصوصاً في ليالي رمضان لما يتمتع به من نداوة الصوت وجميل الألفاظ وحسن ترتيله لكتاب الله " القرآن الكريم " .
ومنذ أول يوم من انتفاضة الأقصى شارك رامي وبقوة في أول مسيرة حاشدة لمجلس طلاب الجامعة الإسلامية، وأمّ جموع المصلين في صلاة الغائب على أرواح الشهداء في ميدان فلسطين ، ولم يستطع البقاء مكتوف الأيدي فشارك في فعاليات هذه الانتفاضة حيث كان يذهب يومياً إلى مناطق التماس ليشارك أبناء شعبه في جهادهم ضد الصهاينة البغاة مسطراً أروع آيات الجهاد والانتصار على أرض أقحلتها خيانة الخائنين وأجدبتها نفاقات المنافقين وحقد الحاقدين .
** فارس البندقية :
لم يكن رامي ليترك فرصة للجهاد دون استغلالها ، عرف حبه الشديد للجهاد وغيرته على الإسلام والمسلمين ، فقد انضم رامي إلى الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حمـاس " كتائب الشهيد عز الدين القسام " الوحدة الخاصة 103 في أول شهر من الانتفاضة وكان على علاقة وثيقة وأبوية مع القائد العام لكتائب القسام الشيخ المجاهد الشهيد " صلاح شحادة " وكان يقول له الشيخ شحادة " أنت ابني الذي حرمت منه " ولعل أن الذي حدا بشيخنا المجاهد أبي مصطفى أن تكون علاقته برامي على هذه الشاكلة هو ما كان يتمتع به هذا الرجل من الجمع بين القلم والبندقية وحبه للجهاد لا يقطعها نظير ولا يحدها طالب ولا يصلها هاو ولاه ساه ، والناظر إلى صورته " مجرد الصورة " يحس العزة تتجسد قسماتها على محياه وتبدو الأسدية في أنيابه الغضنفرية ونرى الحطابة الحماسية رؤية حقيقية من وضعية يده ، وتبصر الاندماجية بين كلامه ومقاله من وراء نظارته الزاهرة .
** البصمات السعدية في صفوف القسامية :
هذا وقد شارك الشهيد رامي في العديد من عمليات إطلاق النار على العدو الصهيوني وكان أول من صاغ بيان الوحدة القسامية الخاصة 103 تتبنى فيه سلسلة عمليات لإطلاق النار ومنها عملية طريق نتساريم كارني في 17-12-2000 التي تكبد فيها العدو خسائر فادحة و لم تفلح فئرانه في إنقاذ القافلة المستهدفة إلا بقوات ضخمة و مروحيات و دبابات أيقظت شرق غزة ، وعملية نتساريم في 24-12-2000 حيث عمد المجاهدون إلى اقتحام مستوطنة نتساريم و اشتبكوا مع أبراج المراقبة و استخدمت فئران الكيان الصهيوني كل ما تملك من الترسانة العسكرية حتى الزوارق البحرية في حين أفلت المجاهدون بأعجوبة من حصار خرافي مستخدمين الأسلحة الرشاشة و القنابل و سلسلة عمليات الثأر و هي مجموعة من الاشتباكات المتفرقة تتمثل في الإغارة علي الجنود و المستوطنين تمركزت حول مستوطنات نتساريم و كفار داروم و الخط الشرقي وكانت هذه العمليات بمثابة الانتقام لاستشهاد القائد القسامي عوض سلمي " أبو مجاهد " الذي تأثر شهيدنا رامي كثيرا باستشهاده .
وقام رامي برفقة إخوانه في الوحدة الخاصة 103 بزرع عبوة ناسفة في منطقة بيت حانون ، كما وشارك رامي في العملية الجريئة على طريق كارني – نتساريم يوم الاثنين 15/1/2001م الساعة 7:45 صباحاً والتي أدت إلى تدمير سيارتين عسكريتين كاملتين وذلك نتيجة لتفجير عبوة ناسفة موجهة زرعها المجاهدون على مسافة لا تتجاوز الأمتار الأربعة من السيارتين مما حولها هباءً منثوراً، هذا وقد تمكن المجاهدون من تصوير هذه العملية تلفزيونياً وجاءت هذه العملية رداً على عمليات الاغتيال التي ينفذها العدو الصهيوني ضد أبناء شعبنا البطل والتي كان آخرها اغتيال أحد قادة إخواننا في حركة فتح الشهيد شاكر حسونة.
وكان لشهيدنا رامي شرف المشاركة صبيحة يوم الاثنين الموافق 22/1/2001م وفي تمام الساعة 7:7صباحاً من تفجير دبابة صهيونية مخصصة لحماية القوافل العسكرية الصهيونية وقوافل المستوطنين حيث تمكن مجاهدونا بفضل الله ورعايته من زرع عبوة ناسفة موجهة بوزن 40كجم على بعد أقل من متر واحد من الدبابة مما أدى إلى تدميرها تدميراً تاماً وتمكن المجاهدون وللمرة الثانية من تصوير العملية تلفزيونياً وكان رامي هو المصور في العملية ونال شرف الضغط على زر التفجير وهو يحمل في يده الأخرى الكاميرا وكانت كلماته لحظتها تهز القلوب " الله أكبر .. اللهم منك النصر " , وجاءت هذه العملية في سياق الرد على المجازر البشعة التي ترتكبها دولة الكيان المسخ بحق شعبنا الأعزل المرابط وخصوصاً اختطاف فتاة فلسطينية من بير نبالا كما وتمثل إنذاراً أخيراً لقطعان المستوطنين الذين تغولوا في هجمتهم على أهلينا المرابطين الصابرين في خان يونس الصمود.
كما وشارك رامي في عملية نوعية أخرى من خلال القيام بسلسلة تفجيرات تم من خلالها استهداف قافلة دبابات صهيونية على طريق (نتساريم – كارني) ونسف إحداها كاملة وإصابة الثانية بصورة طفيفة . ولقد كانت عناية الله ورعايته تحوط المجموعة فقد تمكن فدائيو الوحدة (103) من تخطي حواجز الأمن الصهيوني الفاشل على ضخامتها وأفلحوا في نصب العبوات وتمكنوا من العودة والتفجير دون أذى والفضل أولاً وأخيراً لله عز وجل ، ونظراً لانكشاف الموقع وعدم توافر عوامل الأمان تم استثناء التصوير في هذه العملية وجاءت هذه العملية كرد على قيام المجرمين الصهاينة بقتل اثنين من أبنائنا في مدينة رفح الصمود وتزامناً مع مرور أربعين يوماً على استشهاد ابن القسام (نور الدين صافي) منفذ عملية إيريز الاستشهادية .
وفي عملية أخرى استهدفت دبابة صهيونية شارك شهيدنا رامي في تفجيرها برفقة الشهيد القسامي مهند سويدان حيث كان الشهيدان يحملان العبوة التي كانت تزن حوالي 40 كيلو جرام وخلال سيرهما في الأرض الطينية علقت قدم الشهيد رامي في الطين ولم يتمكن من إخراجها بسبب حمله العبوة والعتاد العسكري الخاص به فأراد الانسحاب من المكان فما كان من الشهيد مهند سويدان إلا أن قال له ولماذا أتينا إلى هنا أعطني يدك وأخرج رامي من هذا المأزق وكان له الفضل بعد الله عز وجل في نجاح تدمير الدبابة .
** دعوا أعمالكم تتحدث عنكم
كما شارك رامي في عملية حجر الديك المزدوجة والتي تم فيها تدمير دبابتين صهيونيتين حيث استطاع رامي تفجيرهما من مسافة لا تزيد عن 80 متر لدرجة أنه لم يعد يسمع لساعات طويلة بسبب قوة صوت الانفجار .
كان يقول لزملائه يومها إذا شاهدتم اليهود يهاجمونني أريدكم أن تفجروا العبوات فيّ وفيهم ولا تأخذكم بي رحمة ، وكان يخرج من تلقاء نفيه لرصد أهداف لعمليات قادمة .
كما وقام رامي بالعديد من عمليات إطلاق النار على سيارات المستوطنين في منطقة كارني واشتبك في أحد الأيام مع حراس معبر كارني .
وشارك في التصدي لكافة الاجتياحات الصهيونية بلا استثناء وخصوصاً في منطقتي الشجاعية والزيتون ، وكان مسئولاً عن العديد من المجموعات العسكرية القسامية ومسئول موقع كتائب القسام على الانترنت وأحد أعضاء اللجنة العلمية في الكتائب ، وكما وعمل برفقة الشهيد القائد يوسف أبو هين في رصد ومتابعة العديد من الأهداف الصهيونية لتنفيذ عمليات عسكرية .
كان يخرج من تلقاء نفسه لرصد أهداف لعمليات قادمة .كان رامي شديد الحرص على متابعة تدريبات الرماية وكان يعتبر من القناصين المحترفين ، فلم يكن يخطئ هدفاً واحداً ، وعرف عنه أيضاً هدوءه في المواقف الحرجة ، لم يكن يرتبك حتى وسط إطلاق النار .
ثقة القائد العام به وبجهوده :
وقد طلب منه الشيخ صلاح شحادة تأسيس أول موقع لكتائب الشهيد عز الدين القسام على الإنترنت وقام فعلاً بهذه المهمة بنجاح بالغ مما أكسب الموقع سمعة متميزة ، و بعد زفافه بيوم واحد ُطلب منه أن ينزل بعض مقاطع الفيديو على الموقع وأن يقوم بصياغة بيان أول عملية إطلاق هاون مصورة وأن يوزعه على مكاتب الصحافة والإعلام ، وقد قام بذلك فعلا .
زفاف فوق العادة :
وللشهيد رامي سعد قصة شهيرة يوم عقد قرانه وفي نفس الليلة بدلاً من أن يسهر عند خطيبته كونها الليلة الأولى لخطبته ذهب ليكون مسئولاً عن عملية تفجير موقع نتساريم باستخدام عربة حصان ، وقد تم اعتقاله ليلتها من قبل قوات الأمن الوقائي الفلسطيني ، مع العلم أنه كان مسئول المجموعة التي قامت بعملية تفجير موقع نتساريم (العملية الأولى ) باستخدام عربة حصان .
وهكذا مضى :
لم يتوقف شهيدنا البطل رامي سعد وهو يبحث عن الشهادة وقد شارك في التصدي لكافة الإجتياحات التي حصلت في منطقتي الزيتون والشجاعية .
في ليلته الأخيرة كان على اتصال بآل أبو هين حتى الساعة الثانية عشر تقريبا وكان يشجعهم ويقوي معنوياتهم ويحثهم على الصمود ، وكان يتصل بزملائه يستشيرهم بالخروج إلا أنهم رفضوا لأن الدخول لمنطقة محاصرة كليا ليلاً خطر جداً ، وعند ظهر اليوم التالي خرج وزملاءه في الشجاعية وكان يقول لابد من فك الحصار عن الشباب ، لأن اليهود سيلجأون الليلة لحسم المعركة ولابد من إخراجهم قبل المغرب ، فخرج لتفقد الموقع وهو يحمل مسدسه الشخصي وسلاحه الرشاش هو وزملائه ، وفي احد الشوارع الفرعية شاهد دبابة صهيونية وكان الجنود ينزلون من إحدى العمارات ويجرون باتجاه الدبابة ، عاد وزملاءه إلى سيارتهم واصطحبوا أسلحتهم الرشاشة على اتفاق أن يطلقوا النار على الجنود وهم ينزلون من العمارات ، كان الشهيد وزملائه ينصحون الأهالي بالرجوع إلى الخلف خوفاً من رد اليهود على إطلاق النار ، وكان في الجهة المقابلة في الشارع إحدى المحلات له ثلاث درجات ارتفاعها تقريبا 50سم فإذا برامي يجري مسرعاً ناحية الدرج و دون علم زملاءه المشغولين بإبعاد الناس ويجلس على ركبته ويباشر إطلاق النار على الجنود "الإسرائيليين" وقد أطلق حوالي عشرين رصاصة دون توقف حتى ردت عليه الدبابة برصاص من العيار الثقيل عيار 800 ليصاب برصاصة واحدة في جنبه اخترقت أحشائه ، ليرتقي إلى العلا شهيداً بعدما نال ما تمنى بعد طول انتظار.
هكذا كانت شهادته ولكن !!
حريٌّ بنا ونحن نقرأ هذه السطور أن تمتلئ قلوبنا بكل مشاعر التقدير الممزوج بالسرور والحبور، والافتخار أن أمثال هؤلاء الشهداء – الذين تخرجوا في جامعة الحماس، وانتموا إلى دعوة الحق المعطاءة – قد فعلوا هذه الأفعال ممن المجد اللا منقطع والروعة الفياضة العطّاءة، فشهيدنا كان يستطيع أن يركن إلى الدنيا ويفرح بزوجته ويكمل دراسته، ولكنه أراده فرحًا جليبيبيًّا، فلا تنفض يداه غبارًا علق بجسده وإخوانه محاصرون أو مضايقون يتربص بهم أعداؤهم الدوائر، ولا تجرأ بوادر النوم أن تداعب عينيه طالما أن أحد إخوانه لا يزال يرزح تحت بندقية غازٍ أو دخيل، ولا يحاول قلبه مجرد التفكير في الراحة ما لم يكن متأكدًا تمامًا وبالمعاينة أنه قد صنع ما تكتحل به عينا كل مسلم ومسلمة.
دعوة صريحة :
كلامنا لا لبس فيه ولا غموض ولا تشكيك يحيط به ولا تعريض، بل الصراحة نفسها والوضوح ذاته، فنحن ندعوك وقد قرأت هذه الكلمات واستمتعت بتلك المواقف أن تسير على نفس الدرب الذي أراده رامي لنفسه واختاره لحياته، لتنال النتيجة الطبيعية المفرحة ولا شك والمسعدة ولا ريب.
أللهم اغفر لشهدائنا جميعًا
وأسكن شهيدنا الفردوس الأعلى
وحقق له مطلوبة وأنله مرغوبة
إنك ولي ذلك والقادر عليه