على الوتر
استراحة الخميس: وما أدراكم أنه حظ عاثر..
لميس ضيف
في الموروث الصيني قصه تقول إن شيخاً كان يعيش فوق تل من التلال ولا يملك إلا جواداً هزيلاً ، ففر جواده ذات عشية، فجاء الجيران يواسونه لحظه العاثر.. فأجابهم بدهشة: وما أدراكم أنه حظٌ عاثر ؟
وبعد ليالٍ عاد الجواد بين قطيع خيول برية، فجاء جيرانه يهنئونه على الحظ السعيد فأجابهم مشدوهاً : وما أدراكم أنه حظٌ سعيد ؟
ولم تمضِ أيام حتى سقط ابنه الوحيد وهو يدرب أحد الخيول البرية فكسرت ساقاه..
فتراكض له الجيران يواسونه في حظه العاثر
فأجابهم مستنكراً: وما أدراكم أنه حظ عاثر ؟
وما هي إلا أسابيع حتى شبت حربٌ ضروس وجنّدت الدولة شباب القرى وساقتهم للموت قسراً؛ ولكنها أعفت ابن الشيخ من القتال بسبب.. ساقيه المكسورتين..!!
******
وروي أن أعمى ومقعدا كانا في قرية ، بفقر وضّر، لا قائد للأعمى ولا حامل للمقعد، وكان في القرية رجل يطعمهما كل يوم احتسابا لله تعالى ، فلم يزالا بنعمة إلى أن هلك الرجل، فلبثا أياما جزعين واشتد جوعهما، فأجمعا على أن يحمل الأعمى المقعد فيدله المقعد على الطريق ببصره ليتصدق عليهما أهل القرية؛ فنجح أمرهما وعاشا على ذلك في رغد عشرين عاماً إلا قليلا..!!
للقدر في حياتنا دور لا يغفله إلا قليل العقل والإيمان.. فهناك حسابات بشرية ، وهناك حسابات إلهية.. ووحدهم السذج والخدج من يظنون أن حساباتهم هي الأفضل.. يقول كعب بن زهير:
لو كنت أعجب من شيء لأعجبني ....سعي الفتى وهو مخبوء له القدر..
إذا كان سعد المرء في الدهر مقبلا.... تدانت له الأشياء من كل جانب..
فنحن البشر نشقي أنفسنا في الحياة بالحسابات والخطط والتدبر والجزع ؛ ونشعل قلوبنا بالهواجس مما قد يأتي به الغد من ملمات أو يأخذه من نعّم.. نظريا؛ نؤمن كلنا بقضاء الله وقدره إلا أننا لا نستطيع أن نترجم هذا الإيمان أفعالاً.. نعم؛ على الإنسان أن يطلب: الرزق وما يسببه.. والخير وما يقود إليه.. والسعادة وما يجلبها ويتجنب البلاء وما يستدره.. ولكن الواقع أننا تحت يد القدر الإلهي؛ وأن كل ما يصيبنا من خير وشر تدبير له تدابيره عند رب العزة..
بعض ما يصيبنا في الحياة من نسج أيدينا: من ظلمنا وإفراطنا وتكبرنا وغلونا وتقصيرنا.. ولكن المنعطفات المهمة التي يفاجئنا به القدر : من مرض ورزق وطعون وأفراح وفقدان عزيز كلها تأتي بمشيئة أكبر من أن نفهم كنهها أحياناً .. وكثيراً ما نكتشف أن الأيام المغبرة قد تكون تمهيداً لأيام سعد.. وأن ما فات وتأخر من فرص ومغانم قد تكون له نجاةً دون أن يدري..
وحدهم أهل الحكمة لا يغالون في الحزن على ما لا يفتقدون: من مال ورزق، أو ولد وشريك، أو منصب أو مغنم.. فلرب العرش في حجزه وبذله للنعم حكم.. لا نفقهها إلا بعد حين..
_________
رحيق الكلام:
في سورة الكهف وردت آية تقول (وكان تحته كنز لهما) فسرها ابن عباس قائلا ‘’كان الكنز لوحاً من ذهب كتب عليه: عجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بالرزق كيف ينصب، وعجبت لمن يوقن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن لها؛ لا إله إلا الله محمد رسول الله’’.
.. وإجازة سعيدة لقرائي الأعزاء..
صحيفة الو قت البحرينيه
استراحة الخميس: وما أدراكم أنه حظ عاثر..
لميس ضيف
في الموروث الصيني قصه تقول إن شيخاً كان يعيش فوق تل من التلال ولا يملك إلا جواداً هزيلاً ، ففر جواده ذات عشية، فجاء الجيران يواسونه لحظه العاثر.. فأجابهم بدهشة: وما أدراكم أنه حظٌ عاثر ؟
وبعد ليالٍ عاد الجواد بين قطيع خيول برية، فجاء جيرانه يهنئونه على الحظ السعيد فأجابهم مشدوهاً : وما أدراكم أنه حظٌ سعيد ؟
ولم تمضِ أيام حتى سقط ابنه الوحيد وهو يدرب أحد الخيول البرية فكسرت ساقاه..
فتراكض له الجيران يواسونه في حظه العاثر
فأجابهم مستنكراً: وما أدراكم أنه حظ عاثر ؟
وما هي إلا أسابيع حتى شبت حربٌ ضروس وجنّدت الدولة شباب القرى وساقتهم للموت قسراً؛ ولكنها أعفت ابن الشيخ من القتال بسبب.. ساقيه المكسورتين..!!
******
وروي أن أعمى ومقعدا كانا في قرية ، بفقر وضّر، لا قائد للأعمى ولا حامل للمقعد، وكان في القرية رجل يطعمهما كل يوم احتسابا لله تعالى ، فلم يزالا بنعمة إلى أن هلك الرجل، فلبثا أياما جزعين واشتد جوعهما، فأجمعا على أن يحمل الأعمى المقعد فيدله المقعد على الطريق ببصره ليتصدق عليهما أهل القرية؛ فنجح أمرهما وعاشا على ذلك في رغد عشرين عاماً إلا قليلا..!!
للقدر في حياتنا دور لا يغفله إلا قليل العقل والإيمان.. فهناك حسابات بشرية ، وهناك حسابات إلهية.. ووحدهم السذج والخدج من يظنون أن حساباتهم هي الأفضل.. يقول كعب بن زهير:
لو كنت أعجب من شيء لأعجبني ....سعي الفتى وهو مخبوء له القدر..
إذا كان سعد المرء في الدهر مقبلا.... تدانت له الأشياء من كل جانب..
فنحن البشر نشقي أنفسنا في الحياة بالحسابات والخطط والتدبر والجزع ؛ ونشعل قلوبنا بالهواجس مما قد يأتي به الغد من ملمات أو يأخذه من نعّم.. نظريا؛ نؤمن كلنا بقضاء الله وقدره إلا أننا لا نستطيع أن نترجم هذا الإيمان أفعالاً.. نعم؛ على الإنسان أن يطلب: الرزق وما يسببه.. والخير وما يقود إليه.. والسعادة وما يجلبها ويتجنب البلاء وما يستدره.. ولكن الواقع أننا تحت يد القدر الإلهي؛ وأن كل ما يصيبنا من خير وشر تدبير له تدابيره عند رب العزة..
بعض ما يصيبنا في الحياة من نسج أيدينا: من ظلمنا وإفراطنا وتكبرنا وغلونا وتقصيرنا.. ولكن المنعطفات المهمة التي يفاجئنا به القدر : من مرض ورزق وطعون وأفراح وفقدان عزيز كلها تأتي بمشيئة أكبر من أن نفهم كنهها أحياناً .. وكثيراً ما نكتشف أن الأيام المغبرة قد تكون تمهيداً لأيام سعد.. وأن ما فات وتأخر من فرص ومغانم قد تكون له نجاةً دون أن يدري..
وحدهم أهل الحكمة لا يغالون في الحزن على ما لا يفتقدون: من مال ورزق، أو ولد وشريك، أو منصب أو مغنم.. فلرب العرش في حجزه وبذله للنعم حكم.. لا نفقهها إلا بعد حين..
_________
رحيق الكلام:
في سورة الكهف وردت آية تقول (وكان تحته كنز لهما) فسرها ابن عباس قائلا ‘’كان الكنز لوحاً من ذهب كتب عليه: عجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بالرزق كيف ينصب، وعجبت لمن يوقن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن لها؛ لا إله إلا الله محمد رسول الله’’.
.. وإجازة سعيدة لقرائي الأعزاء..
صحيفة الو قت البحرينيه