منظر طفل بحريني أصيب بالشوزن
قبيل مغادرة الصحيفة مساء الاثنين، فوجئت بوجود طفل دون الخامسة عشرة، يقف مرتعداً، مع والديه أمام مكتب الاستقبال.
كان وجه الصبي ملطخاً بالدم، ويداه ووجنتاه مصبوغة بالدم أيضاً. في يديه بعض الخدوش، وفي رأسه انتفاخات، ومن فمه يسيل الدم. اقتربت من الوالد أسأله: ماذا جرى؟ فأجاب: ضربته قوات الشغب. كيف، وهل كان هناك أحداث؟ فأجاب: لا، بالمرة، الولد استحم وخرج ليشتري بعض الحاجيات من البرّادة، وبعد قليل سمعنا صوتاً شديداً، فظننته صوت انفجار. وبعد لحظات اتصل بنا بعض الجيران يطلبون منا الذهاب لأخذ ولدنا من الشارع.
منذ عام كنت أتحاشى الكتابة عن أية قضية أمنية، لأسباب عدة، لكن منظر الصبي مساء أمس الأول صدمني بما فيه من دم، وظلّ يراودني شعورٌ بالتقيؤ، وظللت أشعر بطعم الدم في فمي وأنا أسوق السيارة إلى البيت... وبالمناسبة، لم تنشر صوره حتى الآن احتراماً لمشاعر القراء.
في فبراير/ شباط 2010، أصدرت «هيومان رايتس ووتش» تقريراً بعنوان «عودة التعذيب في البحرين»، رصدت فيه تراجع أوضاعنا الحقوقية خلال الأعوام الأخيرة. واستُقبل التقرير بسيلٍ من الشتائم والسباب واللغة السوقية التي تجيدها الأقلام المؤجّرة. وتعرّض مسئولو المنظمة الدولية المستقلة إلى حملة تشويه أضحكت علينا العالم الخارجي.
إن هذه السياسة الإعلامية لا تصلح حتى للقرن الماضي، وإنشاء جمعيات كارتونية للتكلّم بلغة الحقوقيين لا يخدم إصلاحاً ولا يحقّق هدفاً وطنياً ولا يبيّض صحيفة بلد. هذه الجمعيات الكارتونية ليس لها دورٌ غير تكثير أعداد الطفيليين الذين يعتاشون على المال العام الحرام.
خبر الطفل المصاب نشر في «الوسط» أمس، والداخلية ليست بحاجة لتتعب نفسها بإصدار بيان مستنسخ من ملفٍّ قديم، فاستخدام سلاح الشوزن ضد الإنسان مرفوضٌ إنسانياً، والموظفون العموميون ليسوا فوق القانون والمحاسبة.
الناس لا ينتظرون بيانات تنقصها فضيلة الاعتراف بالخطأ والوعد بمحاسبة المخطئ، بعدما تكاثرت وتواترت شكاوى الانتهاكات. الناس ينتظرون من الوزارة أن تضبط قوات الأمن التي قد يستهوي بعضها تحدّي القانون ومخالفة الأوامر والاستهتار بحقوق وكرامة البشر. ألا قد بلغت؟ اللهم فاشهد.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3064 - الأربعاء 26 يناير 2011م الموافق 22 صفر 1432هـ
قبيل مغادرة الصحيفة مساء الاثنين، فوجئت بوجود طفل دون الخامسة عشرة، يقف مرتعداً، مع والديه أمام مكتب الاستقبال.
كان وجه الصبي ملطخاً بالدم، ويداه ووجنتاه مصبوغة بالدم أيضاً. في يديه بعض الخدوش، وفي رأسه انتفاخات، ومن فمه يسيل الدم. اقتربت من الوالد أسأله: ماذا جرى؟ فأجاب: ضربته قوات الشغب. كيف، وهل كان هناك أحداث؟ فأجاب: لا، بالمرة، الولد استحم وخرج ليشتري بعض الحاجيات من البرّادة، وبعد قليل سمعنا صوتاً شديداً، فظننته صوت انفجار. وبعد لحظات اتصل بنا بعض الجيران يطلبون منا الذهاب لأخذ ولدنا من الشارع.
منذ عام كنت أتحاشى الكتابة عن أية قضية أمنية، لأسباب عدة، لكن منظر الصبي مساء أمس الأول صدمني بما فيه من دم، وظلّ يراودني شعورٌ بالتقيؤ، وظللت أشعر بطعم الدم في فمي وأنا أسوق السيارة إلى البيت... وبالمناسبة، لم تنشر صوره حتى الآن احتراماً لمشاعر القراء.
في فبراير/ شباط 2010، أصدرت «هيومان رايتس ووتش» تقريراً بعنوان «عودة التعذيب في البحرين»، رصدت فيه تراجع أوضاعنا الحقوقية خلال الأعوام الأخيرة. واستُقبل التقرير بسيلٍ من الشتائم والسباب واللغة السوقية التي تجيدها الأقلام المؤجّرة. وتعرّض مسئولو المنظمة الدولية المستقلة إلى حملة تشويه أضحكت علينا العالم الخارجي.
إن هذه السياسة الإعلامية لا تصلح حتى للقرن الماضي، وإنشاء جمعيات كارتونية للتكلّم بلغة الحقوقيين لا يخدم إصلاحاً ولا يحقّق هدفاً وطنياً ولا يبيّض صحيفة بلد. هذه الجمعيات الكارتونية ليس لها دورٌ غير تكثير أعداد الطفيليين الذين يعتاشون على المال العام الحرام.
خبر الطفل المصاب نشر في «الوسط» أمس، والداخلية ليست بحاجة لتتعب نفسها بإصدار بيان مستنسخ من ملفٍّ قديم، فاستخدام سلاح الشوزن ضد الإنسان مرفوضٌ إنسانياً، والموظفون العموميون ليسوا فوق القانون والمحاسبة.
الناس لا ينتظرون بيانات تنقصها فضيلة الاعتراف بالخطأ والوعد بمحاسبة المخطئ، بعدما تكاثرت وتواترت شكاوى الانتهاكات. الناس ينتظرون من الوزارة أن تضبط قوات الأمن التي قد يستهوي بعضها تحدّي القانون ومخالفة الأوامر والاستهتار بحقوق وكرامة البشر. ألا قد بلغت؟ اللهم فاشهد.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3064 - الأربعاء 26 يناير 2011م الموافق 22 صفر 1432هـ