عنوانها صدق الخطاب والقول الفصل...حرب تموز حكاية انتصار لم تنته فصولها بعد.
أحمد قاسم حسين (صحيفة الوطن السورية الألكترونية)
تمر في هذه الأيام الذكرى السنوية الرابعة لحرب تموز التي تصادف الثاني عشر من تموز من كل عام لنقف أمام انتصار المقاومة اللبنانية الباسلة وصمودها الأسطوري الذي أذهل العدو والصديق
هذه الحرب التي شنها جيش الاحتلال الصهيوني ضد لبنان ومقاومته بقرار سياسي من حكومة كاديما التي كان يرأسها «إيهود أولمرت» الذي دفع مستقبله السياسي ثمناً لهذه الحرب وبتأييد من دوائر صنع القرار في الإدارة الأميركية برئاسة «جورج بوش» آنذاك، وذلك على خلفية قيام حزب اللـه بأسر جنديين إسرائيليين دخلا الحدود اللبنانية، حيث اتخذ جيش الاحتلال الصهيوني، مدعوماً من المستوى السياسي في إسرائيل، من هذه العملية ذريعة لشن حرب عدوانية على المقاومة استمرت لأكثر من ثلاثين يوماً ارتكبت خلالها «إسرائيل» جرائم حرب بكل المقاييس بحق المدنيين اللبنانيين وممتلكاتهم، حيث استخدم الجيش الصهيوني أكثر الأسلحة تطوراً المصنعة في الكيان وكذلك المستوردة من الولايات المتحدة الأميركية، ولكن المفاجأة كانت من خلال الصمود الأسطوري لحزب اللـه الذي امتص الضربة الأولى وانتقل بسرعة من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، هذا الانتقال الذي أذهل معظم المراقبين السياسيين والعسكريين والذي عكس التماسك والتواصل خلال أيام الحرب بين القيادة السياسية والعسكرية لحزب اللـه، واستخدمت المقاومة إلى جانب الأسلحة المتطورة أيضاً الإنسان المقاوم المؤمن بعدالة قضيته والذي أعد العدة لمثل هذا اليوم الذي صعق فيه عدوه وجعله يقف أمامه مذهولاً مهزوماً.
واستطاع رجال حزب اللـه أن يلحقوا خسائر بالجانب الإسرائيلي من خلال الصواريخ التي استخدمتها المقاومة والتي استطاعت تدمير أهم سلاح بري إسرائيلي والذي يعتبر مفخرة الجيش الإسرائيلي إلا وهو «الميركافا» لا بل تجاوزت المقاومة التوقعات بكثير عندما دمرت البارجة الحربية الإسرائيلية «ساعر» قبالة الشواطئ اللبنانية بإعلان من السيد حسن نصر اللـه وأثناء خطاب متلفز له، الأمر الذي عكس البنية المتماسكة وقوة الاتصال بين المستويين السياسي والعسكري لحزب اللـه. وجن جنون إسرائيل التي راحت تضرب وتستهدف المدنيين اللبنانيين ظناً منها أن ذلك سيشكل عامل ضغط على المقاومة وسيفك من عرا الرباط المتين بين المقاومة وجمهورها لكن خاب ظنهم وانتصر لبنان بمقاومته الباسلة وانتصرت المقاومة بجمهورها، وانتهت العمليات العسكرية على الأرض بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701، ولكن الحرب لم تنته بين حزب اللـه وإسرائيل لتدخل العلاقة بينهما في حرب باردة لا تزال فصولها تتكشف يوماً بعد يوم، حيث استطاعت المقاومة أن تخلق نوعاً جديداً من معادلات الردع مع «إسرائيل» في المنطقة بعد حرب تموز، وكلما حاولت إسرائيل التفكير بأي عمل عسكري ضد لبنان يقدم حزب اللـه خطاباً سياسياً متكاملاً من خلال قادته وعلى رأسهم السيد حسن نصر اللـه يدفع العدو الصهيوني ودوائر صنع القرار فيه إلى إجراء قراءة شاملة له، وعليه فإن المقاومة استطاعت أن تخلق حالة من الردع التي إن لم تمنع الحرب حالياً – ولاسيما أن إسرائيل دولة عدوان- فهي تستطيع أن تؤجل الحرب أطول وقت ممكن، مؤسسة بذلك مدرسة جديدة في العلاقات الدولية قائمة على الردع الذي لا يدخل فيه السلاح النووي كمكون من مكونات نظرية الردع، وأحد أهم مكونات هذه النظرية الجديدة التي تعتمد على السلاح التقليدي هو صدق الخطاب والقول الفصل للمقاومة وقادتها من جهة، وبناء الإنسان المقاوم المؤمن بعدالة قضيته والقادر على جعل التكنولوجيا أداة طيعة بين يديه.
واليوم ينشغل الإسرائيليون بتفكيك رموز تلك الخطابات ومحاولة الإجابة عن تحدياتها حيث يطالعنا الأمين العام لـ«حزب اللـه» السيد حسن نصر اللـه متحدثاً عن امتلاك المقاومة القدرة على تغيير وجه المنطقة في الحرب المقبلة. فقد كانت هذه إشارة أولى إلى أن ما يخفيه حزب اللـه هو أعظم بكثير مما يفترضه الكثيرون وعليه على إسرائيل أن تقوم بالمقارنة أيضاً بين قدرات حزب اللـه الهائلة وحلفاء حزب اللـه في المنطقة (سورية وإيران) وتعد للعشرة قبل القيام بأي مغامرة غير محسوبة العواقب، ولا بد من التذكير أن الجمهور الإسرائيلي يثق بخطاب حسن نصر اللـه أكثر من ثقته بخطابات قياداته السياسية والعسكرية، وصدى مثل هذه الخطابات لدى الجمهور الإسرائيلي مؤثر جداً.
ومؤخراً وجه السيد نصر اللـه رسالة أكثر وضوحاً إلى الإسرائيليين: «مطار بن غوريون مقابل مطار رفيق الحريري، وأبنية تل أبيب مقابل أبنية الضاحية الجنوبية، ومعامل الكهرباء لديكم مقابل معامل الكهرباء لدينا، ومصانعكم مقابل مصانعنا». باختصار كان ذلك إعلاناً صريحاً عن امتلاك أسلحة تصيب إصابات دقيقة من جهة وأن البنية التحتية الإسرائيلية أصبحت «أسيرة حرب» من جهة ثانية. وفي ذروة الانخراط الإسرائيلي جيشاً ومجتمعاً في مناورة «نقطة تحول 4» المعدة لمواجهة تحديات اليابسة، يوجه السيد نصر اللـه خطاباً للإسرائيليين قائلاً: «إذا حاصرتم سواحلنا فسنحاصر سواحلكم ونضرب السفن المتجهة إلى موانئكم».
شكل هذا الإعلان تطوراً استراتيجياً نوعياً في مسار الصراع مع إسرائيل، كشف جانباً إضافياً من حجم القفزة الحاصلة في قدرات المقاومة بعد حرب تموز 2006، وما يجدر التوقف عنده في هذا السياق، عبارة أوردها الأمين العام لحزب اللـه في سياق كلامه لمناسبة العيد العاشر للمقاومة والتحرير، لما تحمله من معان ودلالات رغم أنه تعمد تغليفها بقشرة من الدعابة. حين قال نصر اللـه مبتسماً: نحن نتحدث الآن عن البحر المتوسط ولم نصل بعد إلى البحر الأحمر.
إن منطق الفصول المتتالية لحكاية الحرب مع «إسرائيل» الذي تستعمله المقاومة في حقيقة الأمر يثمر في منع إسرائيل العدوانية من القيام بمغامرات في المنطقة، وإن كان هذا مستحيلاً لأن الكيان الصهيوني بطبيعته كيان عدواني توسعي عنصري لا يعيش دون حروب وعدوان، لكن المقاومة بقدراتها وإمكانياتها قادرة على إلحاق الخسارة به على غرار حرب تموز 2006 ولاسيما أن السيد حسن نصر اللـه قالها في أحد خطاباته «إن أي حرب قادمة ستغير وجه المنطقة» وإسرائيل أعتقد تلقت الرسالة جيداً من سيد المقاومة التي هي اليوم صاحبة الخطاب الفصل
أحمد قاسم حسين (صحيفة الوطن السورية الألكترونية)
تمر في هذه الأيام الذكرى السنوية الرابعة لحرب تموز التي تصادف الثاني عشر من تموز من كل عام لنقف أمام انتصار المقاومة اللبنانية الباسلة وصمودها الأسطوري الذي أذهل العدو والصديق
هذه الحرب التي شنها جيش الاحتلال الصهيوني ضد لبنان ومقاومته بقرار سياسي من حكومة كاديما التي كان يرأسها «إيهود أولمرت» الذي دفع مستقبله السياسي ثمناً لهذه الحرب وبتأييد من دوائر صنع القرار في الإدارة الأميركية برئاسة «جورج بوش» آنذاك، وذلك على خلفية قيام حزب اللـه بأسر جنديين إسرائيليين دخلا الحدود اللبنانية، حيث اتخذ جيش الاحتلال الصهيوني، مدعوماً من المستوى السياسي في إسرائيل، من هذه العملية ذريعة لشن حرب عدوانية على المقاومة استمرت لأكثر من ثلاثين يوماً ارتكبت خلالها «إسرائيل» جرائم حرب بكل المقاييس بحق المدنيين اللبنانيين وممتلكاتهم، حيث استخدم الجيش الصهيوني أكثر الأسلحة تطوراً المصنعة في الكيان وكذلك المستوردة من الولايات المتحدة الأميركية، ولكن المفاجأة كانت من خلال الصمود الأسطوري لحزب اللـه الذي امتص الضربة الأولى وانتقل بسرعة من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، هذا الانتقال الذي أذهل معظم المراقبين السياسيين والعسكريين والذي عكس التماسك والتواصل خلال أيام الحرب بين القيادة السياسية والعسكرية لحزب اللـه، واستخدمت المقاومة إلى جانب الأسلحة المتطورة أيضاً الإنسان المقاوم المؤمن بعدالة قضيته والذي أعد العدة لمثل هذا اليوم الذي صعق فيه عدوه وجعله يقف أمامه مذهولاً مهزوماً.
واستطاع رجال حزب اللـه أن يلحقوا خسائر بالجانب الإسرائيلي من خلال الصواريخ التي استخدمتها المقاومة والتي استطاعت تدمير أهم سلاح بري إسرائيلي والذي يعتبر مفخرة الجيش الإسرائيلي إلا وهو «الميركافا» لا بل تجاوزت المقاومة التوقعات بكثير عندما دمرت البارجة الحربية الإسرائيلية «ساعر» قبالة الشواطئ اللبنانية بإعلان من السيد حسن نصر اللـه وأثناء خطاب متلفز له، الأمر الذي عكس البنية المتماسكة وقوة الاتصال بين المستويين السياسي والعسكري لحزب اللـه. وجن جنون إسرائيل التي راحت تضرب وتستهدف المدنيين اللبنانيين ظناً منها أن ذلك سيشكل عامل ضغط على المقاومة وسيفك من عرا الرباط المتين بين المقاومة وجمهورها لكن خاب ظنهم وانتصر لبنان بمقاومته الباسلة وانتصرت المقاومة بجمهورها، وانتهت العمليات العسكرية على الأرض بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701، ولكن الحرب لم تنته بين حزب اللـه وإسرائيل لتدخل العلاقة بينهما في حرب باردة لا تزال فصولها تتكشف يوماً بعد يوم، حيث استطاعت المقاومة أن تخلق نوعاً جديداً من معادلات الردع مع «إسرائيل» في المنطقة بعد حرب تموز، وكلما حاولت إسرائيل التفكير بأي عمل عسكري ضد لبنان يقدم حزب اللـه خطاباً سياسياً متكاملاً من خلال قادته وعلى رأسهم السيد حسن نصر اللـه يدفع العدو الصهيوني ودوائر صنع القرار فيه إلى إجراء قراءة شاملة له، وعليه فإن المقاومة استطاعت أن تخلق حالة من الردع التي إن لم تمنع الحرب حالياً – ولاسيما أن إسرائيل دولة عدوان- فهي تستطيع أن تؤجل الحرب أطول وقت ممكن، مؤسسة بذلك مدرسة جديدة في العلاقات الدولية قائمة على الردع الذي لا يدخل فيه السلاح النووي كمكون من مكونات نظرية الردع، وأحد أهم مكونات هذه النظرية الجديدة التي تعتمد على السلاح التقليدي هو صدق الخطاب والقول الفصل للمقاومة وقادتها من جهة، وبناء الإنسان المقاوم المؤمن بعدالة قضيته والقادر على جعل التكنولوجيا أداة طيعة بين يديه.
واليوم ينشغل الإسرائيليون بتفكيك رموز تلك الخطابات ومحاولة الإجابة عن تحدياتها حيث يطالعنا الأمين العام لـ«حزب اللـه» السيد حسن نصر اللـه متحدثاً عن امتلاك المقاومة القدرة على تغيير وجه المنطقة في الحرب المقبلة. فقد كانت هذه إشارة أولى إلى أن ما يخفيه حزب اللـه هو أعظم بكثير مما يفترضه الكثيرون وعليه على إسرائيل أن تقوم بالمقارنة أيضاً بين قدرات حزب اللـه الهائلة وحلفاء حزب اللـه في المنطقة (سورية وإيران) وتعد للعشرة قبل القيام بأي مغامرة غير محسوبة العواقب، ولا بد من التذكير أن الجمهور الإسرائيلي يثق بخطاب حسن نصر اللـه أكثر من ثقته بخطابات قياداته السياسية والعسكرية، وصدى مثل هذه الخطابات لدى الجمهور الإسرائيلي مؤثر جداً.
ومؤخراً وجه السيد نصر اللـه رسالة أكثر وضوحاً إلى الإسرائيليين: «مطار بن غوريون مقابل مطار رفيق الحريري، وأبنية تل أبيب مقابل أبنية الضاحية الجنوبية، ومعامل الكهرباء لديكم مقابل معامل الكهرباء لدينا، ومصانعكم مقابل مصانعنا». باختصار كان ذلك إعلاناً صريحاً عن امتلاك أسلحة تصيب إصابات دقيقة من جهة وأن البنية التحتية الإسرائيلية أصبحت «أسيرة حرب» من جهة ثانية. وفي ذروة الانخراط الإسرائيلي جيشاً ومجتمعاً في مناورة «نقطة تحول 4» المعدة لمواجهة تحديات اليابسة، يوجه السيد نصر اللـه خطاباً للإسرائيليين قائلاً: «إذا حاصرتم سواحلنا فسنحاصر سواحلكم ونضرب السفن المتجهة إلى موانئكم».
شكل هذا الإعلان تطوراً استراتيجياً نوعياً في مسار الصراع مع إسرائيل، كشف جانباً إضافياً من حجم القفزة الحاصلة في قدرات المقاومة بعد حرب تموز 2006، وما يجدر التوقف عنده في هذا السياق، عبارة أوردها الأمين العام لحزب اللـه في سياق كلامه لمناسبة العيد العاشر للمقاومة والتحرير، لما تحمله من معان ودلالات رغم أنه تعمد تغليفها بقشرة من الدعابة. حين قال نصر اللـه مبتسماً: نحن نتحدث الآن عن البحر المتوسط ولم نصل بعد إلى البحر الأحمر.
إن منطق الفصول المتتالية لحكاية الحرب مع «إسرائيل» الذي تستعمله المقاومة في حقيقة الأمر يثمر في منع إسرائيل العدوانية من القيام بمغامرات في المنطقة، وإن كان هذا مستحيلاً لأن الكيان الصهيوني بطبيعته كيان عدواني توسعي عنصري لا يعيش دون حروب وعدوان، لكن المقاومة بقدراتها وإمكانياتها قادرة على إلحاق الخسارة به على غرار حرب تموز 2006 ولاسيما أن السيد حسن نصر اللـه قالها في أحد خطاباته «إن أي حرب قادمة ستغير وجه المنطقة» وإسرائيل أعتقد تلقت الرسالة جيداً من سيد المقاومة التي هي اليوم صاحبة الخطاب الفصل