الاستراتيجية الأمنية الجديدة
في 2 رمضان المبارك 1431 هجرية (الموافق 12 أغسطس/ آب 2010 ميلادية) تغيرت الأجواء السياسية في البحرين بشكل ربما فاجأ الكثيرين، ولاسيما أن التغيير ارتبط باعتماد استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات الأمنية الداخلية المتمثلة في أعمال تخريب حوّلت الكثير من المناطق السكنية إلى بيئة مرتبكة في حياتها اليومية، وتضمن النهج الجديد خطة لمواجهة التحديات المنبثقة من معارضين يطرحون خطاباً سياسياً خارج العملية السياسية. وعلى هذا الأساس رأينا أن الاستراتيجية الأمنية الجديدة تسير بمسارين، أحدهما تتولاه «وزارة الداخلية» وهو المتعلق بمنع أعمال الحرق والتخريب، والآخر يتولاه «جهاز الأمن الوطني» وهو المتعلق بالمعارضين الذين يطرحون خطاباً سياسياً تعتبره الجهات الرسمية تحريضاً على أعمال العنف.
ولربما أن الساحة تعودت فيما مضى على كيفية تعامل وزارة الداخلية مع المهمات التي تضطلع بها، فالوزارة لديها دائرة إعلامية نشطة، ولديها مسئولها القانوني الذي يتواصل مع الصحافة والمحامين والجمعيات الحقوقية والسياسية، ويحرص كل مسئول على إيصال وجهة نظر الوزارة من الناحيتين الإعلامية والقانونية، ولذا فإن بيانات الوزارة تحتوي على إشارات تتحدث عن تحويل المتهمين إلى النيابة العامة بأسرع ما يمكن.
أما الملفات التي تقع تحت مسئولية «جهاز الأمن الوطني» فهي تسير بطريق غير واضحة، والتصريحات للصحافة تبعث عبر وكالة أنباء البحرين (بنا) على هيئة «صرح مصدر أمني مسئول»، كما أن البيانات لا توضح القانون الذي تمّت على أساسه عمليات التوقيف، ولا توضح متى سيعرض المتهم على النيابة العامة، ومتى يمكن للمحامين الالتقاء بموكليهم.
إن لدينا حالياً أكثر من جهاز يعمل في قطاع الأمن الداخلي، وهذا القطاع يسير منذ مطلع رمضان الجاري على استراتيجية جديدة للدولة، وهذه الاستراتيجية الجديدة ألغت الأساليب التي كانت معتمدة فيما سبق ، ولذا فإن مختلف قطاعات المجتمع مازالت تحاول تفهّم الأمور والأفق الذي يمكن ان تصل إليه.
وأعتقد أن على قطاع الأمن الداخلي أن يقوم بمراجعة شاملة للسياسات والعمليات المتبعة حالياً من أجل وضع خريطة طريق لتحقيق الأمن والاستقرار، ولكن من دون الإخلال بشكل مباشر بمنجزات الإصلاح التي تحققت خلال السنوات الماضية. إن من الإجحاف أن تقول أي جهة إن البحرين ليس فيها منجزات تحققت فعلاً على الأرض، لاسيما فيما يتعلق بالحريات العامة وكرامة المواطنين منذ 2001، كما أنه من الإجحاف أن يباشر قطاع الأمن الداخلي باستراتيجية جديدة تحتوي على ممارسات قد تخل بحكم القانون ونظام المؤسسات وقد تؤدي إلى الإضرار بالمنجزات التي تحققت، وكأنها بذلك تخدم المنتقدين اللاذعين الذين لم يؤمنوا بأن أي منجزات تحققت. وعليه، فإنني آمل أن يضع المسئولون في الدولة نصب أعينهم الحاجة إلى توضيح الاستراتيجية الأمنية الجديدة، مع توضيح المسئولية السياسية عن ما يجري، وأن يتم توضيح الجهات التي يمكن للمحامين والصحافة والجمعيات الحقوقية والسياسية الاتصال بها بهدف حفظ الحقوق، وإزالة الغموض الحالي وذلك لكي نعزز فكرة الإلتزام بدولة المؤسسات والقانون.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2904 - الخميس 19 أغسطس 2010م الموافق 09 رمضان 1431هـ
في 2 رمضان المبارك 1431 هجرية (الموافق 12 أغسطس/ آب 2010 ميلادية) تغيرت الأجواء السياسية في البحرين بشكل ربما فاجأ الكثيرين، ولاسيما أن التغيير ارتبط باعتماد استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات الأمنية الداخلية المتمثلة في أعمال تخريب حوّلت الكثير من المناطق السكنية إلى بيئة مرتبكة في حياتها اليومية، وتضمن النهج الجديد خطة لمواجهة التحديات المنبثقة من معارضين يطرحون خطاباً سياسياً خارج العملية السياسية. وعلى هذا الأساس رأينا أن الاستراتيجية الأمنية الجديدة تسير بمسارين، أحدهما تتولاه «وزارة الداخلية» وهو المتعلق بمنع أعمال الحرق والتخريب، والآخر يتولاه «جهاز الأمن الوطني» وهو المتعلق بالمعارضين الذين يطرحون خطاباً سياسياً تعتبره الجهات الرسمية تحريضاً على أعمال العنف.
ولربما أن الساحة تعودت فيما مضى على كيفية تعامل وزارة الداخلية مع المهمات التي تضطلع بها، فالوزارة لديها دائرة إعلامية نشطة، ولديها مسئولها القانوني الذي يتواصل مع الصحافة والمحامين والجمعيات الحقوقية والسياسية، ويحرص كل مسئول على إيصال وجهة نظر الوزارة من الناحيتين الإعلامية والقانونية، ولذا فإن بيانات الوزارة تحتوي على إشارات تتحدث عن تحويل المتهمين إلى النيابة العامة بأسرع ما يمكن.
أما الملفات التي تقع تحت مسئولية «جهاز الأمن الوطني» فهي تسير بطريق غير واضحة، والتصريحات للصحافة تبعث عبر وكالة أنباء البحرين (بنا) على هيئة «صرح مصدر أمني مسئول»، كما أن البيانات لا توضح القانون الذي تمّت على أساسه عمليات التوقيف، ولا توضح متى سيعرض المتهم على النيابة العامة، ومتى يمكن للمحامين الالتقاء بموكليهم.
إن لدينا حالياً أكثر من جهاز يعمل في قطاع الأمن الداخلي، وهذا القطاع يسير منذ مطلع رمضان الجاري على استراتيجية جديدة للدولة، وهذه الاستراتيجية الجديدة ألغت الأساليب التي كانت معتمدة فيما سبق ، ولذا فإن مختلف قطاعات المجتمع مازالت تحاول تفهّم الأمور والأفق الذي يمكن ان تصل إليه.
وأعتقد أن على قطاع الأمن الداخلي أن يقوم بمراجعة شاملة للسياسات والعمليات المتبعة حالياً من أجل وضع خريطة طريق لتحقيق الأمن والاستقرار، ولكن من دون الإخلال بشكل مباشر بمنجزات الإصلاح التي تحققت خلال السنوات الماضية. إن من الإجحاف أن تقول أي جهة إن البحرين ليس فيها منجزات تحققت فعلاً على الأرض، لاسيما فيما يتعلق بالحريات العامة وكرامة المواطنين منذ 2001، كما أنه من الإجحاف أن يباشر قطاع الأمن الداخلي باستراتيجية جديدة تحتوي على ممارسات قد تخل بحكم القانون ونظام المؤسسات وقد تؤدي إلى الإضرار بالمنجزات التي تحققت، وكأنها بذلك تخدم المنتقدين اللاذعين الذين لم يؤمنوا بأن أي منجزات تحققت. وعليه، فإنني آمل أن يضع المسئولون في الدولة نصب أعينهم الحاجة إلى توضيح الاستراتيجية الأمنية الجديدة، مع توضيح المسئولية السياسية عن ما يجري، وأن يتم توضيح الجهات التي يمكن للمحامين والصحافة والجمعيات الحقوقية والسياسية الاتصال بها بهدف حفظ الحقوق، وإزالة الغموض الحالي وذلك لكي نعزز فكرة الإلتزام بدولة المؤسسات والقانون.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2904 - الخميس 19 أغسطس 2010م الموافق 09 رمضان 1431هـ