يها المنتفضون: يا أهلنا في القدس، والخليل، والعيسوية ومخيم شعفاط، والضفة، وغزة، وعموم فلسطين، يا من انتفضتم، فنفضتم عن الأمة غبار الخزي والعار والشنار. يا من حركتم المياه الآسنة الراكدة.. مياه التطبيع والتعهير والتفاوض والتنازل والتخاذل والانسحاق والذل والتبعية، والاستجارة بالأعداء اللئام. أعداء ما يعلنون، ليل نهار، أن: "أمن هؤلاء المحتلين الصهاينة من أمنا، ومصيرهم مصيرنا، وأقدارهم فوق أقدارنا، ملتزمون كل الالتزام، بوجودهم واستيطانهم ألإحلالي، ونفوذهم وتسلطهم وعدوانهم، وأسوارهم وجدرهم، وحملاتهم، واغتيالاتهم وسرقتهم المقدسات والأرض والبشر والشجر والحجر"، ولا باس بعد ذلك وع ذلك أن نعلن: "أننا وسطاء عملية التسوية والسلام" بين المُغتصب/ المُحتل/ السارق/ الناهب/ المعتدي/ الجلاد وبين الضحية، المستباح، المقتول، المغتال، المصاب، المعتقل، المقهور، المضطهد، اللاجئ، المشرد وحده في زمن "العولمة والتواصل، والحريات وحقوق الإنسان، وتقرير المصير وزوال أشكال الإستخراب".
أيها المنتفضون: يا من نهضتم نصرة لله تعالي، ولرسوله، دفاعا عن قدسنا، وعن أقصانا.. مسري الرسول صلي الله عليه وسلم، أولي القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ذلك المسجد الذي بارك الله حوله، أرض الزيتون والسلام والخير والآمان، أرض المحشر والمنشر، والذي "احتلوه، واعتقلوه، ودنسوه، وهودوه، وبنوا بجواره كنيس خرابهم، ليهدموه لإقامة هيكلهم المزعوم"..أنا معكم مناصراً، ومؤازراً، ومدافعاً، يدي بأيديكم، أشد عليها، خطواتي بخطواتكم، كري مع كركم، وإقِدامي مع إقدامكم، صفاً واحدا.
أيها المنتفضون: المدافعون عن أقصانا، وقدسنا، ومقدساتنا في فلسطين، كل فلسطين المحتلة،.. أنا معكم، أنتفض كما تنتفضون، يدي بأيديكم، نحري دون نحركم، جسدي دون أجسادكم، دمي دون دمائكم. أواجه معكم الرصاص، وقنابل الغاز، والصوت، ونهش الكلاب، ورفس الخيول، وضربات العصي، وركل الأقدام، وإصابات العيون والجلود والعظام، وخنق اللئام لأنفاسكم الغاضبة.
أيها المنتفضون/ المقاومون: يا من حجارتكم، حجارة من سجيل، ترسل عليهم أجسادهم شواظ من نار، فيفرون، ويرتعبون داخل مدرعاتهم، فينسحبون، وبمعية كلابهم، وفوق خيولهم (وكلاهما تتبرأ من صنيعهم، وقهرهم أيضاً لها) فيتقهقرون، وهم يعوون.. أنا معكم، أرمي مع رميكم، فأصيب منهم كما تصيبون.
أيها المنتفضون: يكفي أنكم تعرفون وتحددون وتقاومون عدوكم وعدونا معكم. أنتم متحررون من التغييب والتمييع والاستعباد بكل صوره.. لدنيا، أو لمال أو لشهوة أو لمنصب الذي يكدر حياة الأغنياء/ والمقهورين علي حد سواء.
أيها المنتفضون: يا من ترفعون الراية، راية توحيد ووحدة الأمة علي قضيتها المصيرية الأساس، قضية الوجود لا الحدود، قضية التدافع بين الحق والباطل:" لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" (المائدة: 82)، قضية العقائد، لا السياسة والتفاوض: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (البقرة:120) بعدما فرقها حب الدنيا، والدرهم والدينار، والشيع والأحزاب والقبائل، والحدود والسدود، والجُدر، وفرق كرة القدم، وثلاثمائة فضائية للهو والرقص، والتسلية التخديرية، و"النوم في العسل"، وكأن لا شيئ يحدث.
أيها المنتفضون، والمنتفضات: أيها الشباب والشابات.. أنا معكم، وأولادي معكم، وبناتي معكم في انتفاضتكم. يا من يخشاكم، ويخشي ـ هبتكم وتحرككم ـ الأعداء، والظالمون، والفاسدين، والمفسدين، والعتاة، والطغاة، والعملاء المتصهينون. لقد خيبتم آمالهم، حينما حسبوكم "جثة هامدة"، وضيعتم أموالهم التي راهنوا بها علي إغوائكم، وإضلالكم، وإفسادكم، وتخديركم، وتغييبكم:"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (الأنفال:36). وليقرع مناهضي "نظرية المؤامرة" رؤوسهم في عرض الحائط" بدلا من دفنها في الرمال. فهؤلاء العداء وعملائهم يحيكون ويعلنون عن مؤامراتهم ـ ليل نهارـ بلا مورابة ولا استخفاء، ولا استحياء.
أيها المنتفضون: أنتم، يا أهلنا الفلسطينيين الصابرين الشجعان لستم منكسرين، أو مستسلمين. أنتم تحت الاحتلال أحرار، تواجهون الظلم والطغيان والعدوان، وهل لمنكسر إرادة في مواجهة الظلم والطغيان والعدوان؟.إن في مثل تلكم الانتفاضات المباركة تتبدي الإرادات الفولاذية الحقة، التي يتباكي عليها أمثال هؤلاء، هروبا وإدعاء: "أليس هناك ثمة مؤامرة، وإنه صراع سياسي بسيط، لا تقلقوا سيُحل، فاصبروا، وعليكم "ضبط النفس"، قرنا بعد قرن، فالمفاوضات ستحل كل شيء". فهم أحبابنا، وأبناء عمومتنا، ووسطاء السلام والتسوية النزهاء الشرفاء، جاؤوا في "نزهة" ليحتلوننا ويقتلوننا ويغتالوننا ويشردوننا ويسرقوننا ويستبيحوننا ويهبوننا في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان وكشمير، وسبتة ومليلة، والصومال والسودان، واليمن"السعيد" الخ.
أيها المنتفضون: وهذه السطور تسطر في أول جمعة عقب إفتتاح"كنيسهم"، تُشدد القيود والحواجز تمنع من هم دون سن "الخمسين من العمر" من الصلاة في مسجدهم الأقصى فهم " مغلق" حتى يتم "تهويده وهدمه كاملاًُ بعد خلخلته من أسفله بأنفاق سرطانية حفرت لمدة 43 عاماً" تطالب "، بينما تدعو وتناشد ما يسمي الرباعية الدولية" بـ"وقف الاستيطان"، وتبدي "قلقها" علي الأوضاع الإنسانية في غزة.
أيها المنتفضون: تعلمون أن كل مآسي العصر الراهن، و"أزماته": بمعاركة وصراعاته، بفقره وإفقاره، بمرضه وإمراضه، وجهله وتجهيله، بمشرديه ولاجئيه، وأيتامه وأرامله، بفرقته وتشرذمه، بقهره واستبداده، بفساده وإفساده، بنهب عقوله، واستخراب ثرواته، بسرقة أوطانه ومقدساته وأطفاله، هي "بنزهتهم" تلك علي أرضنا.. أرضنا وأوطاننا نحن دون سواها من أراضي وأوطان المعمورة.
أيها المنتفضون/ المقاومون: الأنظار تتعلق بكم، أنتم تملكون زمام المبادرة، هكذا قدركم..فأنتم "في رباط إلي يوم الدين". أنتم تعطون الدرس تلو الدرس بشهدائكم وأراملكم، بأطفالكم وشيوخكم، بدمائكم وزيتونكم، بعيونكم وعظامكم، عله يُغير من حال المتململين/ المكتئبين/ القلقين/ المنبطحين/ المهزومين/ "المتصهينين الجدد" / المتكئين علي وسائدهم الوثيرة، وفي مكاتبهم الفاخرة، تعساء، لا يجدون ما يفعلون ليتركوا أثرا حقيقياً يذكرهم التاريخ به، إلا دعاوي:"أنكم ستحتلون سيناء، وتهربون المخدرات والروسيات الداعرات، فالخطر منكم أكيد، وأنتم الأعداء اللدودين، فتمايزكم لفريقين، هو سبب كل بلاء، الفرقة فرقتكم، وإذا وقعتكم عرائض الصلح أنصلح كل شيء، القضية قضيتكم، وليس لنا فيها ناقة ولا جمل".
أيها المنتفضون: الحياة عزيمة وعزمات، فمن فقدها بات عاجزا مشلولاً.. يحركه الآخرون علي غير رغبة منه ولا إرادة. أنتم تعيشون يومكم دون وجل من غد، فالغد بيد الله وحده، ومن كان هذا شأنه فلن يحرص علي شيء سيبذل ويعطي، أنتم تبذلون الروح وهل من شيء أغلي منها؟..إن أقصى أماني الطغاة والمستبدين، أن يحصلوا على شعبٍ منكسر، يشعر "بالدونية"، و"لا ، ولن يُستثار".أنتم، يا أهلنا الفلسطينيين المنتفضين تعيشون إنسانيتكم وكرامتكم وعزتكم.
أيها المنتفضون: مخطئ من ظن أو يظن أن الحصار، والقهر، والجدر الأسمنتية والفولاذية وقضبان المعتقلات الحديدية ستحاصركم، أو تأسركم أو تسجنكم أو تعزلكم. إنها تحاصر، وتأسر وتسجن وتعزل من يصنعها، ويشيدها ويبنيها. إنه لأهون ألف مرة أن تكون مظلوماً تحاول الانتصار لنفسه، من أن تكون ظالماً ولو مرة واحدة تسمع أنّات الآخرين ، وترى آلامهم ولا تبالي، أين الجدر الإسمنتية والفولاذية وقضبان المعتقلات الحديدية من إرادة الحرية؟؟. أين الأسلحة الفتاكة، والطائرات المقاتلة، وقنابل النابلم، والفوسفور الأبيض، واليوارنيوم المنضد من إرادة الحياة، ومقاومة الغاصب المحتل؟..يقول "أبو القاسم الشابي":
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
ولا بـــد لليل أن ينجـــلي ولا بد للقيد أن ينكسر.
أيها المنتفضون: يا من لا تدللون نفوسكم، فقد فطمتموها علي على مغالبة الصعاب، وتحمل المحن والمشاق وأي محن وابتلاءات ومشاق. نفوسكم بذلك شامخة لن تُنخذل، أو تُذل أو تستسلم أو تُهزم أبداً. يقولون أن الحياة تشبه كثيراً: "مباراة للملاكمة، لا يهم إذا خسرت أربعة عشر جولة ، كل ما عليك هو أن تسقط منافسك بالضربة القاضية في الثواني الأخيرة، وبذلك تكون الفائز، بالتحمل والكفاح والنضال والصبر. فالمرء "لا ينتهي عندما يخسر/ أو يكبو، بل عندما ينسحب يائساً"، يقول الله تعالي:"الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج:40). إن النصر لآت:"إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (غافر:51)، و"إن الشجاعة والنصر صبر ساعة"، وسنحتفل بهذا النصر قريبا في القدس والأقصى والخليل، والشيخ جراح، وسلوان، ورام الله، والناصرة، وبيت لحم، وعسقلان، ويافا، وحيفا وعموم فلسطين: "فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (الروم:4-5). لكن لا تغمرنكم نشوة النصر فتنسوني.. فأنا معكم.
أيها المنتفضون: يا من نهضتم نصرة لله تعالي، ولرسوله، دفاعا عن قدسنا، وعن أقصانا.. مسري الرسول صلي الله عليه وسلم، أولي القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ذلك المسجد الذي بارك الله حوله، أرض الزيتون والسلام والخير والآمان، أرض المحشر والمنشر، والذي "احتلوه، واعتقلوه، ودنسوه، وهودوه، وبنوا بجواره كنيس خرابهم، ليهدموه لإقامة هيكلهم المزعوم"..أنا معكم مناصراً، ومؤازراً، ومدافعاً، يدي بأيديكم، أشد عليها، خطواتي بخطواتكم، كري مع كركم، وإقِدامي مع إقدامكم، صفاً واحدا.
أيها المنتفضون: المدافعون عن أقصانا، وقدسنا، ومقدساتنا في فلسطين، كل فلسطين المحتلة،.. أنا معكم، أنتفض كما تنتفضون، يدي بأيديكم، نحري دون نحركم، جسدي دون أجسادكم، دمي دون دمائكم. أواجه معكم الرصاص، وقنابل الغاز، والصوت، ونهش الكلاب، ورفس الخيول، وضربات العصي، وركل الأقدام، وإصابات العيون والجلود والعظام، وخنق اللئام لأنفاسكم الغاضبة.
أيها المنتفضون/ المقاومون: يا من حجارتكم، حجارة من سجيل، ترسل عليهم أجسادهم شواظ من نار، فيفرون، ويرتعبون داخل مدرعاتهم، فينسحبون، وبمعية كلابهم، وفوق خيولهم (وكلاهما تتبرأ من صنيعهم، وقهرهم أيضاً لها) فيتقهقرون، وهم يعوون.. أنا معكم، أرمي مع رميكم، فأصيب منهم كما تصيبون.
أيها المنتفضون: يكفي أنكم تعرفون وتحددون وتقاومون عدوكم وعدونا معكم. أنتم متحررون من التغييب والتمييع والاستعباد بكل صوره.. لدنيا، أو لمال أو لشهوة أو لمنصب الذي يكدر حياة الأغنياء/ والمقهورين علي حد سواء.
أيها المنتفضون: يا من ترفعون الراية، راية توحيد ووحدة الأمة علي قضيتها المصيرية الأساس، قضية الوجود لا الحدود، قضية التدافع بين الحق والباطل:" لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" (المائدة: 82)، قضية العقائد، لا السياسة والتفاوض: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (البقرة:120) بعدما فرقها حب الدنيا، والدرهم والدينار، والشيع والأحزاب والقبائل، والحدود والسدود، والجُدر، وفرق كرة القدم، وثلاثمائة فضائية للهو والرقص، والتسلية التخديرية، و"النوم في العسل"، وكأن لا شيئ يحدث.
أيها المنتفضون، والمنتفضات: أيها الشباب والشابات.. أنا معكم، وأولادي معكم، وبناتي معكم في انتفاضتكم. يا من يخشاكم، ويخشي ـ هبتكم وتحرككم ـ الأعداء، والظالمون، والفاسدين، والمفسدين، والعتاة، والطغاة، والعملاء المتصهينون. لقد خيبتم آمالهم، حينما حسبوكم "جثة هامدة"، وضيعتم أموالهم التي راهنوا بها علي إغوائكم، وإضلالكم، وإفسادكم، وتخديركم، وتغييبكم:"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" (الأنفال:36). وليقرع مناهضي "نظرية المؤامرة" رؤوسهم في عرض الحائط" بدلا من دفنها في الرمال. فهؤلاء العداء وعملائهم يحيكون ويعلنون عن مؤامراتهم ـ ليل نهارـ بلا مورابة ولا استخفاء، ولا استحياء.
أيها المنتفضون: أنتم، يا أهلنا الفلسطينيين الصابرين الشجعان لستم منكسرين، أو مستسلمين. أنتم تحت الاحتلال أحرار، تواجهون الظلم والطغيان والعدوان، وهل لمنكسر إرادة في مواجهة الظلم والطغيان والعدوان؟.إن في مثل تلكم الانتفاضات المباركة تتبدي الإرادات الفولاذية الحقة، التي يتباكي عليها أمثال هؤلاء، هروبا وإدعاء: "أليس هناك ثمة مؤامرة، وإنه صراع سياسي بسيط، لا تقلقوا سيُحل، فاصبروا، وعليكم "ضبط النفس"، قرنا بعد قرن، فالمفاوضات ستحل كل شيء". فهم أحبابنا، وأبناء عمومتنا، ووسطاء السلام والتسوية النزهاء الشرفاء، جاؤوا في "نزهة" ليحتلوننا ويقتلوننا ويغتالوننا ويشردوننا ويسرقوننا ويستبيحوننا ويهبوننا في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان وكشمير، وسبتة ومليلة، والصومال والسودان، واليمن"السعيد" الخ.
أيها المنتفضون: وهذه السطور تسطر في أول جمعة عقب إفتتاح"كنيسهم"، تُشدد القيود والحواجز تمنع من هم دون سن "الخمسين من العمر" من الصلاة في مسجدهم الأقصى فهم " مغلق" حتى يتم "تهويده وهدمه كاملاًُ بعد خلخلته من أسفله بأنفاق سرطانية حفرت لمدة 43 عاماً" تطالب "، بينما تدعو وتناشد ما يسمي الرباعية الدولية" بـ"وقف الاستيطان"، وتبدي "قلقها" علي الأوضاع الإنسانية في غزة.
أيها المنتفضون: تعلمون أن كل مآسي العصر الراهن، و"أزماته": بمعاركة وصراعاته، بفقره وإفقاره، بمرضه وإمراضه، وجهله وتجهيله، بمشرديه ولاجئيه، وأيتامه وأرامله، بفرقته وتشرذمه، بقهره واستبداده، بفساده وإفساده، بنهب عقوله، واستخراب ثرواته، بسرقة أوطانه ومقدساته وأطفاله، هي "بنزهتهم" تلك علي أرضنا.. أرضنا وأوطاننا نحن دون سواها من أراضي وأوطان المعمورة.
أيها المنتفضون/ المقاومون: الأنظار تتعلق بكم، أنتم تملكون زمام المبادرة، هكذا قدركم..فأنتم "في رباط إلي يوم الدين". أنتم تعطون الدرس تلو الدرس بشهدائكم وأراملكم، بأطفالكم وشيوخكم، بدمائكم وزيتونكم، بعيونكم وعظامكم، عله يُغير من حال المتململين/ المكتئبين/ القلقين/ المنبطحين/ المهزومين/ "المتصهينين الجدد" / المتكئين علي وسائدهم الوثيرة، وفي مكاتبهم الفاخرة، تعساء، لا يجدون ما يفعلون ليتركوا أثرا حقيقياً يذكرهم التاريخ به، إلا دعاوي:"أنكم ستحتلون سيناء، وتهربون المخدرات والروسيات الداعرات، فالخطر منكم أكيد، وأنتم الأعداء اللدودين، فتمايزكم لفريقين، هو سبب كل بلاء، الفرقة فرقتكم، وإذا وقعتكم عرائض الصلح أنصلح كل شيء، القضية قضيتكم، وليس لنا فيها ناقة ولا جمل".
أيها المنتفضون: الحياة عزيمة وعزمات، فمن فقدها بات عاجزا مشلولاً.. يحركه الآخرون علي غير رغبة منه ولا إرادة. أنتم تعيشون يومكم دون وجل من غد، فالغد بيد الله وحده، ومن كان هذا شأنه فلن يحرص علي شيء سيبذل ويعطي، أنتم تبذلون الروح وهل من شيء أغلي منها؟..إن أقصى أماني الطغاة والمستبدين، أن يحصلوا على شعبٍ منكسر، يشعر "بالدونية"، و"لا ، ولن يُستثار".أنتم، يا أهلنا الفلسطينيين المنتفضين تعيشون إنسانيتكم وكرامتكم وعزتكم.
أيها المنتفضون: مخطئ من ظن أو يظن أن الحصار، والقهر، والجدر الأسمنتية والفولاذية وقضبان المعتقلات الحديدية ستحاصركم، أو تأسركم أو تسجنكم أو تعزلكم. إنها تحاصر، وتأسر وتسجن وتعزل من يصنعها، ويشيدها ويبنيها. إنه لأهون ألف مرة أن تكون مظلوماً تحاول الانتصار لنفسه، من أن تكون ظالماً ولو مرة واحدة تسمع أنّات الآخرين ، وترى آلامهم ولا تبالي، أين الجدر الإسمنتية والفولاذية وقضبان المعتقلات الحديدية من إرادة الحرية؟؟. أين الأسلحة الفتاكة، والطائرات المقاتلة، وقنابل النابلم، والفوسفور الأبيض، واليوارنيوم المنضد من إرادة الحياة، ومقاومة الغاصب المحتل؟..يقول "أبو القاسم الشابي":
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
ولا بـــد لليل أن ينجـــلي ولا بد للقيد أن ينكسر.
أيها المنتفضون: يا من لا تدللون نفوسكم، فقد فطمتموها علي على مغالبة الصعاب، وتحمل المحن والمشاق وأي محن وابتلاءات ومشاق. نفوسكم بذلك شامخة لن تُنخذل، أو تُذل أو تستسلم أو تُهزم أبداً. يقولون أن الحياة تشبه كثيراً: "مباراة للملاكمة، لا يهم إذا خسرت أربعة عشر جولة ، كل ما عليك هو أن تسقط منافسك بالضربة القاضية في الثواني الأخيرة، وبذلك تكون الفائز، بالتحمل والكفاح والنضال والصبر. فالمرء "لا ينتهي عندما يخسر/ أو يكبو، بل عندما ينسحب يائساً"، يقول الله تعالي:"الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج:40). إن النصر لآت:"إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (غافر:51)، و"إن الشجاعة والنصر صبر ساعة"، وسنحتفل بهذا النصر قريبا في القدس والأقصى والخليل، والشيخ جراح، وسلوان، ورام الله، والناصرة، وبيت لحم، وعسقلان، ويافا، وحيفا وعموم فلسطين: "فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (الروم:4-5). لكن لا تغمرنكم نشوة النصر فتنسوني.. فأنا معكم.