أبحر بن كعب
لما قتل سيد الشهداء (عليه السلام)، عمد أبحر بن كعب إلى الإمام (عليه السلام)، فكانت يداه بعد ذلك تتيبسان في الصيف كأنهما عودان، وتترطبان في الشتاء فتنضحان دماً وقيحاً.
وفي رواية أخرى: كانت يداه تقطران في الشتاء دماً.
وبعد ما خرج إبراهيم بن الأشتر مع جيشه على قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام وأخذ الثأر، أسر منهم جماعة، وكان فيهم: أبحر بن كعب، فلما قدموا إليه أبحر بن كعب، قال إبراهيم (رحمه الله): يا ويلك ما فعلت يوم الطف؟
قال: أخذت قناع زينب (عليها السلام) من رأسها وقرطيها من أذنيها، فجذبت حتى خرمت أذنيها!.
فقال له إبراهيم ـ وهو يبكي ـ : يا ويلك ما قالت لك؟
قال: قالت: قطع الله يديك ورجليك وأحرقك الله تعالى بنار الدنيا قبل نار الآخرة.
فقال إبراهيم له: يا ويلك ما خجلت من الله تعالى؟! ولاراقبت من جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! ولا أدركتك الرأفة عليها؟
ثم قال له: اطلع يديك فأطلع يديه، وإذا هما مقطوعتان، ثم قطع إبراهيم رجليه، ثم أحرق بالنار في ثورة المختار.
أبو الأشرس
كان أبو الأشرس من أعيان جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) فلما خرج إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) مع جيشه للانتقام والأخذ بالثأر من قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) وقع بين الجيشين قتال بشاطئ نهر الخازر قرب الموصل فقتل فيها أبو الأشرس وبعث برأسه إلى المختار.
أخنس بن زيد
قال السدّي: أضافني رجل في ليلة كنت أحب الجليس، فرحبت به وقربته وأكرمته، وجلسنا نتسامر، فانتهى في سمره إلى طفّ كربلاء، وكان قريب العهد من قتل الحسين (عليه السلام)، فتأوهت الصعداء، وتزفرت كملاً.
فقال: ما بالك؟
قلت: ذكرت مصاباً يهون عنده كل مصاب، مصاب الحسين(عليه السلام) لأن جده (صلى الله عليه وآله) قال: (إن من طولب بدم ولدي الحسين(عليه السلام) يوم القيامة لخفيف الميزان).
قال: قال هكذا جده؟
قلت: نعم.
وقال (صلى الله عليه وآله): (ولدي الحسين يقتل ظلماً وعدواناً، ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار، ويعذّب بعذاب نصف أهل النار، وقد غلت يداه ورجلاه وله رائحة يتعوذ أهل النار منها، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك، (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب)(1)، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب جهنم).
قال: لا تصدق هذا الكلام يا أخي؟
قلت: كيف هذا؟ وقد قال (صلى الله عليه وآله): (لا كذبت ولا كذّبت).
قال: ترى قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قاتل ولدي الحسين لايطول عمره). وها أنا ـ وحقّك ـ قد تجاوزت التسعين، مع أنك ما تعرفني.
قلت: لا والله.
قال: أنا الأخنس بن زيد وقد حضرت قتله.
قلت: وما صنعت يوم الطفّ؟!
قال: أنا الذي أمرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسد الحسين (عليه السلام) بسنابك الخيل، وهشمت أضلاعه وجررت نطعاً من تحت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو عليل، حتى كببته على وجهه، وخرمت أذني صفية بنت الحسين (عليه السلام) لقرطين كانا في أذنيها.
قال السدّي: فبكى قلبي هجوعاً وعيناي دموعاً، وخرجت أعالج على إهلاكه، وإذا بالسراج قد ضعفت..
فقام يزهرها، فاشتعلت به، ففركها في التراب فلم تنطف، فصاح بي: أدركني يا أخي..
فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك، فلما شمت النار رائحة الماء، ازدادت قوة..
فصاح بي: ما هذه النار وما يطفؤها؟!
قلت: ألق بنفسك في النهر.
فرمى بنفسه، فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه، كالخشبة البالية في الريح البارح.
هذا وأنا أنظره، فوالله الذي لا إله إلا هو، لم تطفأ حتى صار فحماً، وسار على وجه الماء.
أخنس بن مرثد
كان أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي من جيش عمر بن سعد (لعنه الله) فلما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، سلب أخنس عمامته (عليه السلام)، فاعتم بها، فصار معتوهاً مجذوماً.
إسحاق بن حوية
لما قتل سيد الشهداء (عليه السلام) مال الناس إلى سلبه ينهبونه، وأخذ قميصه (عليه السلام) إسحاق بن حوية، فصار أبرص، ثم أخذه المختار وقتله ثم اُحرق بالنار.
أسماء بن خارجة
عزم المختار (رحمه الله) على هدم دار أسماء بن خارجة الفزاري وإحراقها، لأنه عمل في قتل مسلم بن عقيل (عليه السلام)، فجعل المختار يقول: أما ورب السماء والماء، ورب الضياء والظلماء، لتنزلنّ نار من السماء حمراء دهماء سحماء ولتحرقن دار أسماء.
فبلغ ذلك أسماء، فقال: قد سجع أبو إسحاق بداري، فليس لي مقام هنا بعد هذا.
فخرج أسماء إلى البادية هارباً، وأرسل المختار إلى داره فهدمها.
أسود الأوسي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام) يوم عاشوراء، أخذ نعليه (عليه السلام) أسود الأوسي، فقتله المختار ثم أحرق بالنار.
أسود بن حنظلة
لما هجم القوم على الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ سيفه رجل من بني نهشل من بني دارم، يقال: الأسود بن حنظلة، فقتله المختار ثم اُحرق بالنار.
أم هجام
لما وصل أسارى آل الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى الكوفة، كانت امرأة تسمى بـ (أمّ هجام) على سطح دارها تشاهد الأسارى، فلما وقع نظرها على رأس سيد الشهداء (عليه السلام) المقدس وهو على الرمح تجاسرت عليه.
فلما سمعت بذلك زينب (عليه السلام) دعت على أم هجام..
فسقطت من سطح دارها إلى الأرض وهلكت.
ابن أبي جويرة المزني
كان ابن أبي جويرة المزني من عسكر عمر بن سعد (لعنه الله)، فجاء على فرس له نحو الإمام الحسين (عليه السلام)، فلما نظر إلى النار تتقد حول مخيم الحسين (عليه السلام) صفق بيده، ونادى: يا حسين ويا أصحاب الحسين أبشروا بالنار، فقد تعجلتموها في الدنيا.
فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟!
فقيل: ابن أبي جويرة المزني.
فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا.
فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار، فاحترق.
ابن حوشب
كان ابن حوشب من أعيان جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة)، فلما خرج إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) مع جيشه على قتلة سيد الشهداء(عليه السلام) للانتقام والأخذ بالثأر، وقع بين الجيشين معركة بشاطئ نهر الخازر قرب الموصل، فما انجلت الحرب إلا وقد قتل ابن حوشب.
ابن ضبعان
كان ابن ضبعان في جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) فلما خرج إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) مع جيشه على قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام والأخذ بالثأر، وقع بين الجيشين قتال بشاطئ نهر الخازر قرب الموصل، وحمل فيها أحوص بن شداد الهمداني على ابن ضبعان وضربه ضربة شديدة فسقط قتيلاً.
ابن مالك
كان ابن مالك من جملة قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) فبعث المختار إليه وإلى ثلاثة كانوا معه، عبد الله بن كامل.
فجاء بهم إليه، فقال لهم المختار: يا قتلة سيد شباب أهل الجنة ألا ترون الله قد أقاد منكم؟ فقد أصاركم الورس إلى يوم نحس، وكانوا قد نهبوا الورس الذي مع الحسين (عليه السلام) ثم أمر بهم أن يخرجوا إلى السوق وتضرب أعناقهم.
أياس بن مضارب
لما خرج إبراهيم الأشتر بجيشه للانتقام ممن قتل الإمام الحسين(عليه السلام) ، قال لإياس بن مضارب: يا عدو الله ألست من قتلة الحسين بن علي (عليه السلام)؟!
ثم التفت إبراهيم إلى رجل من أصحاب اياس يكنى: أبا قطن الهمداني، فتناول رمحه من يده وطعن أياس طعنة في صدره نكسته عن فرسه.
ثم قال لأصحابه: انزلوا فخذوا رأسه.
فنزل بعض أصحابه فاجتز رأسه..
وفر أصحاب أياس هرباً على وجوههم..
ثم أتى إبراهيم إلى المختار فقال: قم أيها الأمير، فقد كنا عزمنا على أن نخرج ليلة الخميس، وقد حدث أمر لابد معه من الخروج الآن الساعة.
فقال المختار: وما الأمر رحمك الله؟!
فحدثه الحديث.
فقال المختار: بشرك الله بخير، فهذا أول الظفر.
بجدل بن سليم الكلبي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي.
ولما لم يتمكن من إخراج الخاتم قطع إصبعه الشريف مع الخاتم..
فأخذه المختار، فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتى هلك.
بحير بن عمرو الجرمي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ سراويله (عليه السلام) بحير بن عمرو الجرمي، فصار زمناً مقعداً من رجليه، فقتله المختار ثم اُحرق بالنار.
بسر بن أبي سمط
بعث المختار عبد الله بن كامل إلى عثمان بن خالد والى أبي أسماء بسر بن أبي سمط، وكانا ممن شهدا قتل الحسين (عليه السلام) واشتركا في سلبه.
فأحاط عبد الله ابن كامل عند العصر بمسجد بني دهمان، ثم قال: عليّ مثل خطايا بني دهمان منذ خلقوا إلى يوم يبعثون إن لم أوت بعثمان بن خالد وبسر، وإن لم أضرب أعناقهما.
فقالوا له: أمهلنا حتى نطلبهما.
فخرجوا مع الخيل في طلبه، فوجدوهما جالسين في الجبانة يريدان أن يخرجا إلى الجزيرة.
فأتي بهما عبد الله بن كامل، فضرب أعناقهما، ثم أحرقا بالنار.
وكانا ممن شهدا قتل الحسين (عليه السلام) واشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وفي سلبه.
بشير بن مالك
جاء بشير بن مالك برأس الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة، فلما وضع الرأس الشريف بين يدي عبيد الله بن زياد (لعنه الله) قال:
املأ ركابي فضة وذهبا ***أنا قتلت الملك المحجبا
ومن يصلي القبلتين في الصبى***وخيرهم أن يذكرون النسبا
قتلـت خير النـاس أماً وأبا
فغضب عبيد الله من قوله، ثم قال له: إذا علمت أنه كذلك، فلم قتلته؟! والله لا نلت مني خيراً ولألحقنك به..
ثم قدمه وضرب عنقه.
وفي رواية أن سنان بن أنس الأيادي جاء بالرأس، إلى آخر القصة.
تميم بن حصين
برز من عسكر عمر بن سعد في يوم عاشوراء رجل يقال له: تميم بن حصين الفزاري..
فنادى: يا حسين، ويا أصحاب الحسين! أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات؟! والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت عطشاً.
فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟
فقيل: تميم بن حصين.
فقال الحسين (عليه السلام): هذا وأبوه من أهل النار، اللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم.
فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها، فمات عطشاناً.
جابر بن يزيد الازدي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ عمامته جابر بن يزيد الازدي فاعتم بها..
فصار مجذوماً معتوهاً.
ثم أخذه المختار فقتله، ثم اُحرق بالنار.
أقول: ذكر حديث العمامة في أشخاص آخرين ولعله كانت للإمام (عليه السلام) عمامتين أو أكثر، أو أخذها أحدهم من الآخر واعتم بها.
جبيرة الكلبي
حفر أصحاب الحسين (عليه السلام) بأمر الإمام (صلوات الله عليه) حول الخيمة خندقاً وملؤوها ناراً حتى يكون الحرب من جهة واحدة.
فتقدم رجل من أهل الكوفة فقال: تعجلت يا حسين بنار الدنيا قبل نار الآخرة؟
فقال الحسين (عليه السلام): تعيّرني بالنار؟! وأبي (عليه السلام) قاسمها وربي غفور رحيم.
ثم قال (عليه السلام) لأصحابه: أتعرفون هذا الرجل؟
فقالوا: هو جبيرة الكلبي.
فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أحرقه بالنار في الدنيا قبل نار الآخرة.
قال الراوي: فما استتم كلامه (عليه السلام) حتى تحرك بـ (جبيرة) جواده. فطرحه مكباً على رأسه في وسط النار، فاحترق.
فكبّر الأصحاب ونادى مناد في السماء: هنئت بالإجابة سريعاً يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال عبد الله بن مسرور: لما رأيت ذلك، رجعت عن حرب الحسين (عليه السلام).
جرير بن مسعود
لما هجم القوم يوم عاشوراء على سيد الشهداء (عليه السلام) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام) ، أخذ القوس والحلل، جرير بن مسعود الحضرمي والرحيل بن خيثمة الجعفي وهانئ بن شبيب الحضرمي، فقتلهم المختار ثم اُحرقوا بالنار.
جعوبة بن حوية
ولما سلب القوم الإمام الحسين (عليه السلام) بعد استشهاده، أخذ ثوبه(عليه السلام) جعوبة بن حوية الحضرمي ولبسه فتغير وجهه وسقط شعره وبرص بدنه.
وقتله المختار ثم اُحرق بالنار.
حارث قاتل أولاد مسلم
ولما قتل حارث ولدي مسلم بن عقيل (عليه السلام) دعا عبيد الله بن زياد بغلام له اسود يقال له: نادر..
فقال له: يا نادر دونك هذا الشيخ شد كتفيه، فانطلق به إلى الموضع الذي قتل الغلامين فيه، فاضرب عنقه وسلبه لك.
فانطلق الغلام به إلى الموضع الذي ضرب أعناقهما فيه.. فضرب عنقه ورمى بجيفته إلى الماء، فلم يقبله الماء ورمى به إلى الشط.
وأمر عبيد الله بن زياد أن يحرق بالنار.
ففعل به ذلك وصار إلى عذاب الله.
ثم إن ذلك الرجل أتى برأس ذلك اللعين فنصبه على قناة في الكوفة وجعل الصبيان يرجمونه بالحجارة.
1ـ سورة النساء: 56.
لما قتل سيد الشهداء (عليه السلام)، عمد أبحر بن كعب إلى الإمام (عليه السلام)، فكانت يداه بعد ذلك تتيبسان في الصيف كأنهما عودان، وتترطبان في الشتاء فتنضحان دماً وقيحاً.
وفي رواية أخرى: كانت يداه تقطران في الشتاء دماً.
وبعد ما خرج إبراهيم بن الأشتر مع جيشه على قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام وأخذ الثأر، أسر منهم جماعة، وكان فيهم: أبحر بن كعب، فلما قدموا إليه أبحر بن كعب، قال إبراهيم (رحمه الله): يا ويلك ما فعلت يوم الطف؟
قال: أخذت قناع زينب (عليها السلام) من رأسها وقرطيها من أذنيها، فجذبت حتى خرمت أذنيها!.
فقال له إبراهيم ـ وهو يبكي ـ : يا ويلك ما قالت لك؟
قال: قالت: قطع الله يديك ورجليك وأحرقك الله تعالى بنار الدنيا قبل نار الآخرة.
فقال إبراهيم له: يا ويلك ما خجلت من الله تعالى؟! ولاراقبت من جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! ولا أدركتك الرأفة عليها؟
ثم قال له: اطلع يديك فأطلع يديه، وإذا هما مقطوعتان، ثم قطع إبراهيم رجليه، ثم أحرق بالنار في ثورة المختار.
أبو الأشرس
كان أبو الأشرس من أعيان جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) فلما خرج إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) مع جيشه للانتقام والأخذ بالثأر من قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) وقع بين الجيشين قتال بشاطئ نهر الخازر قرب الموصل فقتل فيها أبو الأشرس وبعث برأسه إلى المختار.
أخنس بن زيد
قال السدّي: أضافني رجل في ليلة كنت أحب الجليس، فرحبت به وقربته وأكرمته، وجلسنا نتسامر، فانتهى في سمره إلى طفّ كربلاء، وكان قريب العهد من قتل الحسين (عليه السلام)، فتأوهت الصعداء، وتزفرت كملاً.
فقال: ما بالك؟
قلت: ذكرت مصاباً يهون عنده كل مصاب، مصاب الحسين(عليه السلام) لأن جده (صلى الله عليه وآله) قال: (إن من طولب بدم ولدي الحسين(عليه السلام) يوم القيامة لخفيف الميزان).
قال: قال هكذا جده؟
قلت: نعم.
وقال (صلى الله عليه وآله): (ولدي الحسين يقتل ظلماً وعدواناً، ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار، ويعذّب بعذاب نصف أهل النار، وقد غلت يداه ورجلاه وله رائحة يتعوذ أهل النار منها، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك، (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب)(1)، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب جهنم).
قال: لا تصدق هذا الكلام يا أخي؟
قلت: كيف هذا؟ وقد قال (صلى الله عليه وآله): (لا كذبت ولا كذّبت).
قال: ترى قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (قاتل ولدي الحسين لايطول عمره). وها أنا ـ وحقّك ـ قد تجاوزت التسعين، مع أنك ما تعرفني.
قلت: لا والله.
قال: أنا الأخنس بن زيد وقد حضرت قتله.
قلت: وما صنعت يوم الطفّ؟!
قال: أنا الذي أمرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسد الحسين (عليه السلام) بسنابك الخيل، وهشمت أضلاعه وجررت نطعاً من تحت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو عليل، حتى كببته على وجهه، وخرمت أذني صفية بنت الحسين (عليه السلام) لقرطين كانا في أذنيها.
قال السدّي: فبكى قلبي هجوعاً وعيناي دموعاً، وخرجت أعالج على إهلاكه، وإذا بالسراج قد ضعفت..
فقام يزهرها، فاشتعلت به، ففركها في التراب فلم تنطف، فصاح بي: أدركني يا أخي..
فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك، فلما شمت النار رائحة الماء، ازدادت قوة..
فصاح بي: ما هذه النار وما يطفؤها؟!
قلت: ألق بنفسك في النهر.
فرمى بنفسه، فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه، كالخشبة البالية في الريح البارح.
هذا وأنا أنظره، فوالله الذي لا إله إلا هو، لم تطفأ حتى صار فحماً، وسار على وجه الماء.
أخنس بن مرثد
كان أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي من جيش عمر بن سعد (لعنه الله) فلما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، سلب أخنس عمامته (عليه السلام)، فاعتم بها، فصار معتوهاً مجذوماً.
إسحاق بن حوية
لما قتل سيد الشهداء (عليه السلام) مال الناس إلى سلبه ينهبونه، وأخذ قميصه (عليه السلام) إسحاق بن حوية، فصار أبرص، ثم أخذه المختار وقتله ثم اُحرق بالنار.
أسماء بن خارجة
عزم المختار (رحمه الله) على هدم دار أسماء بن خارجة الفزاري وإحراقها، لأنه عمل في قتل مسلم بن عقيل (عليه السلام)، فجعل المختار يقول: أما ورب السماء والماء، ورب الضياء والظلماء، لتنزلنّ نار من السماء حمراء دهماء سحماء ولتحرقن دار أسماء.
فبلغ ذلك أسماء، فقال: قد سجع أبو إسحاق بداري، فليس لي مقام هنا بعد هذا.
فخرج أسماء إلى البادية هارباً، وأرسل المختار إلى داره فهدمها.
أسود الأوسي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام) يوم عاشوراء، أخذ نعليه (عليه السلام) أسود الأوسي، فقتله المختار ثم أحرق بالنار.
أسود بن حنظلة
لما هجم القوم على الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ سيفه رجل من بني نهشل من بني دارم، يقال: الأسود بن حنظلة، فقتله المختار ثم اُحرق بالنار.
أم هجام
لما وصل أسارى آل الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى الكوفة، كانت امرأة تسمى بـ (أمّ هجام) على سطح دارها تشاهد الأسارى، فلما وقع نظرها على رأس سيد الشهداء (عليه السلام) المقدس وهو على الرمح تجاسرت عليه.
فلما سمعت بذلك زينب (عليه السلام) دعت على أم هجام..
فسقطت من سطح دارها إلى الأرض وهلكت.
ابن أبي جويرة المزني
كان ابن أبي جويرة المزني من عسكر عمر بن سعد (لعنه الله)، فجاء على فرس له نحو الإمام الحسين (عليه السلام)، فلما نظر إلى النار تتقد حول مخيم الحسين (عليه السلام) صفق بيده، ونادى: يا حسين ويا أصحاب الحسين أبشروا بالنار، فقد تعجلتموها في الدنيا.
فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟!
فقيل: ابن أبي جويرة المزني.
فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا.
فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار، فاحترق.
ابن حوشب
كان ابن حوشب من أعيان جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة)، فلما خرج إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) مع جيشه على قتلة سيد الشهداء(عليه السلام) للانتقام والأخذ بالثأر، وقع بين الجيشين معركة بشاطئ نهر الخازر قرب الموصل، فما انجلت الحرب إلا وقد قتل ابن حوشب.
ابن ضبعان
كان ابن ضبعان في جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) فلما خرج إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) مع جيشه على قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام والأخذ بالثأر، وقع بين الجيشين قتال بشاطئ نهر الخازر قرب الموصل، وحمل فيها أحوص بن شداد الهمداني على ابن ضبعان وضربه ضربة شديدة فسقط قتيلاً.
ابن مالك
كان ابن مالك من جملة قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) فبعث المختار إليه وإلى ثلاثة كانوا معه، عبد الله بن كامل.
فجاء بهم إليه، فقال لهم المختار: يا قتلة سيد شباب أهل الجنة ألا ترون الله قد أقاد منكم؟ فقد أصاركم الورس إلى يوم نحس، وكانوا قد نهبوا الورس الذي مع الحسين (عليه السلام) ثم أمر بهم أن يخرجوا إلى السوق وتضرب أعناقهم.
أياس بن مضارب
لما خرج إبراهيم الأشتر بجيشه للانتقام ممن قتل الإمام الحسين(عليه السلام) ، قال لإياس بن مضارب: يا عدو الله ألست من قتلة الحسين بن علي (عليه السلام)؟!
ثم التفت إبراهيم إلى رجل من أصحاب اياس يكنى: أبا قطن الهمداني، فتناول رمحه من يده وطعن أياس طعنة في صدره نكسته عن فرسه.
ثم قال لأصحابه: انزلوا فخذوا رأسه.
فنزل بعض أصحابه فاجتز رأسه..
وفر أصحاب أياس هرباً على وجوههم..
ثم أتى إبراهيم إلى المختار فقال: قم أيها الأمير، فقد كنا عزمنا على أن نخرج ليلة الخميس، وقد حدث أمر لابد معه من الخروج الآن الساعة.
فقال المختار: وما الأمر رحمك الله؟!
فحدثه الحديث.
فقال المختار: بشرك الله بخير، فهذا أول الظفر.
بجدل بن سليم الكلبي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي.
ولما لم يتمكن من إخراج الخاتم قطع إصبعه الشريف مع الخاتم..
فأخذه المختار، فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتى هلك.
بحير بن عمرو الجرمي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ سراويله (عليه السلام) بحير بن عمرو الجرمي، فصار زمناً مقعداً من رجليه، فقتله المختار ثم اُحرق بالنار.
بسر بن أبي سمط
بعث المختار عبد الله بن كامل إلى عثمان بن خالد والى أبي أسماء بسر بن أبي سمط، وكانا ممن شهدا قتل الحسين (عليه السلام) واشتركا في سلبه.
فأحاط عبد الله ابن كامل عند العصر بمسجد بني دهمان، ثم قال: عليّ مثل خطايا بني دهمان منذ خلقوا إلى يوم يبعثون إن لم أوت بعثمان بن خالد وبسر، وإن لم أضرب أعناقهما.
فقالوا له: أمهلنا حتى نطلبهما.
فخرجوا مع الخيل في طلبه، فوجدوهما جالسين في الجبانة يريدان أن يخرجا إلى الجزيرة.
فأتي بهما عبد الله بن كامل، فضرب أعناقهما، ثم أحرقا بالنار.
وكانا ممن شهدا قتل الحسين (عليه السلام) واشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وفي سلبه.
بشير بن مالك
جاء بشير بن مالك برأس الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة، فلما وضع الرأس الشريف بين يدي عبيد الله بن زياد (لعنه الله) قال:
املأ ركابي فضة وذهبا ***أنا قتلت الملك المحجبا
ومن يصلي القبلتين في الصبى***وخيرهم أن يذكرون النسبا
قتلـت خير النـاس أماً وأبا
فغضب عبيد الله من قوله، ثم قال له: إذا علمت أنه كذلك، فلم قتلته؟! والله لا نلت مني خيراً ولألحقنك به..
ثم قدمه وضرب عنقه.
وفي رواية أن سنان بن أنس الأيادي جاء بالرأس، إلى آخر القصة.
تميم بن حصين
برز من عسكر عمر بن سعد في يوم عاشوراء رجل يقال له: تميم بن حصين الفزاري..
فنادى: يا حسين، ويا أصحاب الحسين! أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات؟! والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت عطشاً.
فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟
فقيل: تميم بن حصين.
فقال الحسين (عليه السلام): هذا وأبوه من أهل النار، اللهم اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم.
فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها، فمات عطشاناً.
جابر بن يزيد الازدي
لما هجم القوم على سيد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء، وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام)، أخذ عمامته جابر بن يزيد الازدي فاعتم بها..
فصار مجذوماً معتوهاً.
ثم أخذه المختار فقتله، ثم اُحرق بالنار.
أقول: ذكر حديث العمامة في أشخاص آخرين ولعله كانت للإمام (عليه السلام) عمامتين أو أكثر، أو أخذها أحدهم من الآخر واعتم بها.
جبيرة الكلبي
حفر أصحاب الحسين (عليه السلام) بأمر الإمام (صلوات الله عليه) حول الخيمة خندقاً وملؤوها ناراً حتى يكون الحرب من جهة واحدة.
فتقدم رجل من أهل الكوفة فقال: تعجلت يا حسين بنار الدنيا قبل نار الآخرة؟
فقال الحسين (عليه السلام): تعيّرني بالنار؟! وأبي (عليه السلام) قاسمها وربي غفور رحيم.
ثم قال (عليه السلام) لأصحابه: أتعرفون هذا الرجل؟
فقالوا: هو جبيرة الكلبي.
فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أحرقه بالنار في الدنيا قبل نار الآخرة.
قال الراوي: فما استتم كلامه (عليه السلام) حتى تحرك بـ (جبيرة) جواده. فطرحه مكباً على رأسه في وسط النار، فاحترق.
فكبّر الأصحاب ونادى مناد في السماء: هنئت بالإجابة سريعاً يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال عبد الله بن مسرور: لما رأيت ذلك، رجعت عن حرب الحسين (عليه السلام).
جرير بن مسعود
لما هجم القوم يوم عاشوراء على سيد الشهداء (عليه السلام) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام) ، أخذ القوس والحلل، جرير بن مسعود الحضرمي والرحيل بن خيثمة الجعفي وهانئ بن شبيب الحضرمي، فقتلهم المختار ثم اُحرقوا بالنار.
جعوبة بن حوية
ولما سلب القوم الإمام الحسين (عليه السلام) بعد استشهاده، أخذ ثوبه(عليه السلام) جعوبة بن حوية الحضرمي ولبسه فتغير وجهه وسقط شعره وبرص بدنه.
وقتله المختار ثم اُحرق بالنار.
حارث قاتل أولاد مسلم
ولما قتل حارث ولدي مسلم بن عقيل (عليه السلام) دعا عبيد الله بن زياد بغلام له اسود يقال له: نادر..
فقال له: يا نادر دونك هذا الشيخ شد كتفيه، فانطلق به إلى الموضع الذي قتل الغلامين فيه، فاضرب عنقه وسلبه لك.
فانطلق الغلام به إلى الموضع الذي ضرب أعناقهما فيه.. فضرب عنقه ورمى بجيفته إلى الماء، فلم يقبله الماء ورمى به إلى الشط.
وأمر عبيد الله بن زياد أن يحرق بالنار.
ففعل به ذلك وصار إلى عذاب الله.
ثم إن ذلك الرجل أتى برأس ذلك اللعين فنصبه على قناة في الكوفة وجعل الصبيان يرجمونه بالحجارة.
1ـ سورة النساء: 56.