جعفر عبد الكريم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حركة جعفر الخابوري الا سلا ميه


    العنصرية والعسكرتاريا والليبرمانيون الجدد!

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    مراقب عام
    مراقب عام


    عدد المساهمات : 475
    تاريخ التسجيل : 11/10/2009
    العمر : 54

    العنصرية والعسكرتاريا والليبرمانيون الجدد! Empty العنصرية والعسكرتاريا والليبرمانيون الجدد!

    مُساهمة  جعفر الخابوري الأربعاء فبراير 10, 2010 9:05 pm

    العنصرية والعسكرتاريا والليبرمانيون الجدد!



    زهير اندراوس

    صحيفة القدس العربي اللندنية 15/5/2006



    في حقيقة الأمر أشعر بنوع غريب من المفاجأة عندما يقوم العرب في هذه الديار بالتعبير عن استغرابهم واشمئزازهم وامتعاضهم من العنصرية المتأججة في جميع شرائح المجتمع الإسرائيلي، ويسود لدي الانطباع بأن العنصرية الإسرائيلية، وهي من المكونات الرئيسية للفاشية المقيتة والبغيضة، هي أمر جديد أو غريب على هذا المجتمع الذي يحافظ على تعاضده وتماسكه وكينونته وصيرورته مستعملاً سلاح نفي الآخر وعزله عن المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي قلباً وقالباً.



    كنا سنقول ماذا جرى لو أن ما يسمى بمؤشر الديمقراطية نشر نتائجه في دولة لا تتشدق في الصباح والمساء بالديمقراطية، ولكنها عملياً تمارس أساليب العنصرية المؤسساتية والشعبية ضد أبناء الأقلية القومية العربية الفلسطينية، وهم بالمناسبة لمن خانته ذاكرته الأصحاب الأصليون لهذه الأرض. اثنان وستون بالمئة من اليهود الإسرائيليين يؤمنون في عقلهم الباطني بضرورة تحويل "إسرائيل" إلى دولة نقية من العرب، أي أنهم يعتقدون بأنه يتحتم على دولتهم طرد العرب من موطنهم ويطالبونها بالعمل الجاد على تحقيق عملية الطرد الجماعي، باعتقادنا فإن هذا المعطي هو تحصيل حاصل، فهذه هي النتيجة الحتمية لما اقترفته "إسرائيل" في العام 1948 عندما هجرت وشردت شعباً بأكمله وأقامت على أنقاضه كياناً، وعندما تجد الدولة المبررات والمسوغات لهذه الجريمة فلا يستغربن أحد من تحول العنصرية في "إسرائيل" إلى رافد حيوي في الحياة اليومية، لأنه عندما يتقمص الجلاد دور الضحية ويحول الضحية إلى الجلاد تنعكس هذه الأمور بشكل واضح وفاضح في التفكير الجماعي للأكثرية التي تربت وترعرعت على أفكار أقطاب الحركة الصهيونية الذين فرضوا على المجتمع الإسرائيلي المركب من قوميات مختلفة غير متجانسة في تفكيرها ونمط سلوكها، التسليم بمقولتهم الكاذبة بأن فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.



    اثنان وستون بالمئة فقط من الإسرائيليين الصهاينة يريدون طردنا من بلادنا وأرضنا، ونشدد في هذا السياق على مفردة فقط، لإيماننا المطلق بأن الأغلبية الساحقة من اليهود الإسرائيليين يؤمنون في عقلهم الباطني بضرورة تحويل "إسرائيل" إلى دولة نقية من العرب.



    علي أية حال، نعتقد أن النتائج التي أفرزها مؤشر الديمقراطية للعام 2006 هي نتائج خطيرة للغاية، واللافت أن ثمانين بالمئة من المستطلعة آراؤهم قالوا بالحرف الواحد إنهم يثقون ثقة كاملة بالجيش الإسرائيلي، وهذه النتيجة تدل على أن العسكرتاريا تسيطر على هذا المجتمع وتجعله مجتمعاً دموياً، لأن الجيش في هذه الدولة منذ قيامها وحتى اليوم يشن العدوان تلو العدوان ويقمع بصورة منهجية أبناء شعبنا في المناطق المحتلة عام 1967. بكلمات أخرى يمكن القول إن الجيش يسيطر عملياً على هذه الدولة، أو إن "إسرائيل" هي جيش يملك دولة وليست دولة تملك جيشاً.



    التاريخ علمنا بأن الشعوب المتحضرة والتواقة للسلام تعارض كافة أشكال العنف والعدوان وتترجم هذا الأمر عن طريق المظاهرات الاحتجاجية، فالمظاهرات الجبارة التي تعم العواصم الغربية للإعلان عن رفضها القاطع للعدوان الإمبريالي لدولها على العراق، هي شعوب تريد الحياة لها ولغيرها، أما في "إسرائيل" فإن الجيش يحظى بالثقة الكاملة، وبالتالي لم نسمع عن مظاهرات اخترقت تل أبيب أو أية مدينة إسرائيلية احتجاجا على العدوان المستمر علي الشعب الفلسطيني. وللتذكير فقط فإن آخر مظاهرة شهدتها هذه الدولة كانت في العام 1982 عندما نفذت الكتائب اللبنانية بإيعاز وتواطؤ من "إسرائيل" المجزرة الرهيبة في مخيمي اللاجئين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا في لبنان. حوالي نصف مليون شخص شاركوا في المظاهرة التي نظمتها قوى السلام الإسرائيلية في تل أبيب والتي أجبرت الحكومة على تعيين لجنة تحقيق رسمية أوصت في نهاية المطاف بإقصاء وزير الأمن آنذاك اريئيل شارون من منصبه وقررت أيضاً منعه من تبوؤ منصب وزير الدفاع. ولكن تقهقر القوى السلامية الإسرائيلية بات جلياً للعين منذ زمن بعيد، ففي هذه الأيام عندما يقترف الاحتلال الجرائم البشعة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة فإن المجتمع الإسرائيلي يمر مر الكرام على ذلك، والأخطر من ذلك أن شارون الذي أقصي من منصبه في وزارة الأمن انتخب رئيساً للوزراء في ثلاث دورات متتالية، الأمر الذي يقطع الشك باليقين، أن المجتمع الإسرائيلي يؤمن بأن الأشخاص الأقوياء من وجهة نظره هم الأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم. وعليه نرى حسب مؤشر الديمقراطية أن واحدًا وستين بالمئة من الإسرائيليين يوافقون على أن القادة الأقوياء أمثال شارون يساهمون أكثر بكثير في الحفاظ على الدولة من القوانين المعمول بها في هذه الدولة. وعندما يصبح الشعب أسير ما يسميهم بالقادة الأقوياء فإنه يتحول بطبيعة الحال إلى مجتمع تستشري فيه الفاشية.



    هناك دلائل وقرائن كثيرة تؤكد ما نقوله بأن تطور المجتمع الإسرائيلي يسير باتجاه مأسسة العنصرية وتقديس العسكرتاريا، فعلى سبيل المثال عندما نشرت مواقع الانترنت الإسرائيلية تصريحات الفاشي أفيغدور ليبرمان من على منصة الكنيست الإسرائيلي في الأسبوع الماضي بأنه يجب إعدام النواب العرب، وجدنا في موقع صحيفة يديعوت أحرونوت رد فعل من القراء، والأكثرية الساحقة من كاتبي الردود وافقوا ليبرمان على تصريحاته، وأعلنوا أنهم يريدونه رئيساً للوزراء، أي أن ليبرمان عبر بشكل أو بآخر عما يجول في فكر قادة هذه الدولة، والقراء كانوا العينة الصحيحة والصادقة للمجتمع الإسرائيلي برمته.



    هذه المعطيات المذهلة ولكنها في نفس الوقت متوقعة تحتم علينا ترتيب أوراقنا الداخلية والعمل بشكل علمي ومدروس علي ترتيب أجندتنا السياسية لمواجهة هذا المجتمع الذي يتهمنا بالعنصرية وفي نفس الوقت يمارسها ضدنا بشكل يومي. نعتقد أنه آن الأوان لأن تتحمل القيادات العربية مسؤوليتها الوطنية والتاريخية وتتعالى على الخلافات الداخلية من أجل تنظيم العرب في هذه البلاد كأقلية قومية، وأن تكف عن إطلاق تصريحات الشجب والاستنكار لمقولة عنصرية صادرة من الليبرمانيين الجدد، لأننا إذا واصلنا الغناء كل على ليلاه، وإذا بقيت شرذمة مجتمعنا سيدة الموقف، فإننا بذلك نقترف أكبر جريمة بحق أنفسنا وبحق الأجيال الصاعدة من فلسطينيي الداخل، التي لن تسامحنا في المستقبل على تصرفاتنا غير المسؤولة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 6:17 am