في ذكرى غيابه العاشرة.. الشهيد محمد البراهمي حاضراً
بقلم: محمد العبد الله - كاتب وسياسي فلسطيني.
- " في صفاء رؤيا الجماهير تكون الثورة جزءاً لا ينقسم عن الخبز والماء، وأكف الكدح، ونبض القلب ".
الشهيد " غسان كنفاني ".
- " أَظُنُّها طلقاتُ الغدْرِ حينَ هَوَتْ تكادُ لو أبصرَتْ عيْنَيْكَ تَعْتَذِرُ".
من قصيدة " جبل الباروك " للشاعر" شوقي بزيع ".
لم تكن رصاصات الغدر الأسود التي أطلقها "مجهولون" على المناضل التاريخي، القائد القومي، والنائب في المجلس التأسيسي التونسي " محمد البراهمي " أمام منزله وأفراد عائلته يوم 25 / 7 / 2013 في حي الغزالة بولاية أريانة ، قد أصابت جسده وأودت بحياته ليرتقي شهيدا، بل، ضربت الحياة السياسية التونسية،وفي القلب منها، القوى القومية والتقدمية، التي لم تكن قد اجتازت مصابها الجلل في اغتيال المناضل والقائد السياسي التقدمي " شكري بلعيد " يوم 6 / 2 / 2013.
كانت السنوات التي عاشها الشهيد منذ بدايات تشكل وعيه السياسي الوطني والقومي وحتى لحظة استشهاده ، تضعنا أمام راهنية الواقع وآفاق المستقبل، خاصة أن الشهيد لم يتوقف عند تقديس الإطار الجماعي الذي يحمل الفكرة، بل استمر يغوص في عمق الأفكار من أجل التقاط مكامن ضعفها، وغُربتها عن واقع تونس، في محاولة الإجابة عن سؤال التجديد في المضمون الفكري للتجربة الناصرية. لهذا لم يتوقف عن تأسيس وبناء الأداة التنظيمية الجامعة في مرحلة ما، ليغادرها باحثا عن تجديد وتأصيل في الأفكار وفي حواملهاالاجتماعية. وقد كان مساره السياسي قد بدأ خلال دراسته الجامعية عندما انتسب ل " حركة الطلاب العرب التقدميين الوحدويين "، ليغادرها لاحقا من أجل تأسيس "حركة الوحدويين الناصريين " التي كانت محظورة وتعمل تحت الأرض. مع تفجر الغضب الجماهيري الثوري في17 كانون الأول/ ديسمبر 2010 وسقوط نظام " بن علي " في 14 كانون الثاني/ يناير 2011 ، أسس البراهمي "حركة الشعب " التي كان أمينها العام حتى السابع من يوليو/ تموز، حين أعلن استقالته من الامانة العامة بسبب " حالة الجمود التنظيمي والسياسي" ...ولأن حركة "النهضة الاسلامية" الحاكمة قامت بـ"اختراق" حزبه، كما قال حينها. وفي اليوم نفسه، أعلن البراهمي مع عدد من رفاقه تأسيس حزب "التيار الشعبي" ذي التوجه الناصري، الذي قاده من موقع الأمين العام حتى يوم استشهاده، والانضمام الى "الجبهة الشعبية " ، التحالف الجبهوي بين عدد من القوى القومية واليسارية التونسية.
مع كل ذلك، لم تكن المسيرة السياسية والكفاحية للمناضل التاريخي مفروشة بالورود، بل كانت تجربة نضالية مستمرة عاش خلالها ظروف العمل السري، والاعتقال لأكثر من مرة.
حمل المناضل البراهمي من أخلاق الريف - وهو إبن ولاية سيدي بوزيد –، الطيبة،البساطة ،التواضع، والتسامح. لكن تلك الصفات الإنسانية النبيلة تلازمت مع الصلابة الفكرية في الحفاظ على الإرث السياسي والنضالي للناصرية. وفي لقاء مع فضائية عربية قبل عام تقريبا، تحدثت المناضلة " مباركة عواينية البراهمي" رفيقة درب الشهيد عن زوجها " " محمد البراهمي هو رجل عروبي قومي انتمى للتيار الناصري وكان لا يؤلّه عبد الناصر ولكن كان يأخذ من تجربة جمال عبد الناصر الإيجابيات منها ". لهذا لم تحصره " القطرية "، ليأسره الاهتمام فقط بالشأن الداخلي التونسي، بل كان مع فلسطين القضية والشعب والمقاومة، ووقف بكل صلابة ضد الجماعات والحركات المتأسلمة " الجهادية "، رافضا التآمر على سورية والتغرير بالشباب التونسي من خلال إرساله للالتحاق بالجماعات الإرهابية في سورية التي تعمل ضمن خطة الإمبريالية والصهيونية والرجعية في التآمر على الدولة الوطنية من أجل تدميرها.
عشر سنوات مرت على ارتقاء القائد القومي والتقدمي، شهيدا. سقط الجسد مضرجا بدمائه الطاهرة، لكن روح " البراهمي " مازالت تسكن المكان. خاب ظن القتلة الفاشيين بأن غياب الجسد يعني غياب الأفكار وموتها. اليوم، جيل من الشباب والشابات، يتقدمون صفوف الحركة السياسية ويملأون الميادين وكل مواقع النضال الجماهيري حاملين أفكارالشهيد القائد.
نعم، سقط الجسد، لكن الأفكار باقية، تتمدد وتتجذر.
بقلم: محمد العبد الله - كاتب وسياسي فلسطيني.
- " في صفاء رؤيا الجماهير تكون الثورة جزءاً لا ينقسم عن الخبز والماء، وأكف الكدح، ونبض القلب ".
الشهيد " غسان كنفاني ".
- " أَظُنُّها طلقاتُ الغدْرِ حينَ هَوَتْ تكادُ لو أبصرَتْ عيْنَيْكَ تَعْتَذِرُ".
من قصيدة " جبل الباروك " للشاعر" شوقي بزيع ".
لم تكن رصاصات الغدر الأسود التي أطلقها "مجهولون" على المناضل التاريخي، القائد القومي، والنائب في المجلس التأسيسي التونسي " محمد البراهمي " أمام منزله وأفراد عائلته يوم 25 / 7 / 2013 في حي الغزالة بولاية أريانة ، قد أصابت جسده وأودت بحياته ليرتقي شهيدا، بل، ضربت الحياة السياسية التونسية،وفي القلب منها، القوى القومية والتقدمية، التي لم تكن قد اجتازت مصابها الجلل في اغتيال المناضل والقائد السياسي التقدمي " شكري بلعيد " يوم 6 / 2 / 2013.
كانت السنوات التي عاشها الشهيد منذ بدايات تشكل وعيه السياسي الوطني والقومي وحتى لحظة استشهاده ، تضعنا أمام راهنية الواقع وآفاق المستقبل، خاصة أن الشهيد لم يتوقف عند تقديس الإطار الجماعي الذي يحمل الفكرة، بل استمر يغوص في عمق الأفكار من أجل التقاط مكامن ضعفها، وغُربتها عن واقع تونس، في محاولة الإجابة عن سؤال التجديد في المضمون الفكري للتجربة الناصرية. لهذا لم يتوقف عن تأسيس وبناء الأداة التنظيمية الجامعة في مرحلة ما، ليغادرها باحثا عن تجديد وتأصيل في الأفكار وفي حواملهاالاجتماعية. وقد كان مساره السياسي قد بدأ خلال دراسته الجامعية عندما انتسب ل " حركة الطلاب العرب التقدميين الوحدويين "، ليغادرها لاحقا من أجل تأسيس "حركة الوحدويين الناصريين " التي كانت محظورة وتعمل تحت الأرض. مع تفجر الغضب الجماهيري الثوري في17 كانون الأول/ ديسمبر 2010 وسقوط نظام " بن علي " في 14 كانون الثاني/ يناير 2011 ، أسس البراهمي "حركة الشعب " التي كان أمينها العام حتى السابع من يوليو/ تموز، حين أعلن استقالته من الامانة العامة بسبب " حالة الجمود التنظيمي والسياسي" ...ولأن حركة "النهضة الاسلامية" الحاكمة قامت بـ"اختراق" حزبه، كما قال حينها. وفي اليوم نفسه، أعلن البراهمي مع عدد من رفاقه تأسيس حزب "التيار الشعبي" ذي التوجه الناصري، الذي قاده من موقع الأمين العام حتى يوم استشهاده، والانضمام الى "الجبهة الشعبية " ، التحالف الجبهوي بين عدد من القوى القومية واليسارية التونسية.
مع كل ذلك، لم تكن المسيرة السياسية والكفاحية للمناضل التاريخي مفروشة بالورود، بل كانت تجربة نضالية مستمرة عاش خلالها ظروف العمل السري، والاعتقال لأكثر من مرة.
حمل المناضل البراهمي من أخلاق الريف - وهو إبن ولاية سيدي بوزيد –، الطيبة،البساطة ،التواضع، والتسامح. لكن تلك الصفات الإنسانية النبيلة تلازمت مع الصلابة الفكرية في الحفاظ على الإرث السياسي والنضالي للناصرية. وفي لقاء مع فضائية عربية قبل عام تقريبا، تحدثت المناضلة " مباركة عواينية البراهمي" رفيقة درب الشهيد عن زوجها " " محمد البراهمي هو رجل عروبي قومي انتمى للتيار الناصري وكان لا يؤلّه عبد الناصر ولكن كان يأخذ من تجربة جمال عبد الناصر الإيجابيات منها ". لهذا لم تحصره " القطرية "، ليأسره الاهتمام فقط بالشأن الداخلي التونسي، بل كان مع فلسطين القضية والشعب والمقاومة، ووقف بكل صلابة ضد الجماعات والحركات المتأسلمة " الجهادية "، رافضا التآمر على سورية والتغرير بالشباب التونسي من خلال إرساله للالتحاق بالجماعات الإرهابية في سورية التي تعمل ضمن خطة الإمبريالية والصهيونية والرجعية في التآمر على الدولة الوطنية من أجل تدميرها.
عشر سنوات مرت على ارتقاء القائد القومي والتقدمي، شهيدا. سقط الجسد مضرجا بدمائه الطاهرة، لكن روح " البراهمي " مازالت تسكن المكان. خاب ظن القتلة الفاشيين بأن غياب الجسد يعني غياب الأفكار وموتها. اليوم، جيل من الشباب والشابات، يتقدمون صفوف الحركة السياسية ويملأون الميادين وكل مواقع النضال الجماهيري حاملين أفكارالشهيد القائد.
نعم، سقط الجسد، لكن الأفكار باقية، تتمدد وتتجذر.