جعفر عبد الكريم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حركة جعفر الخابوري الا سلا ميه


    الأمطار تكشف هشاشة العظام!

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    مراقب عام
    مراقب عام


    عدد المساهمات : 475
    تاريخ التسجيل : 11/10/2009
    العمر : 54

    الأمطار تكشف هشاشة العظام! Empty الأمطار تكشف هشاشة العظام!

    مُساهمة  جعفر الخابوري الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 9:17 am

    الأمطار تكشف هشاشة العظام!
    بينما أوردت وكالات الأنباء خبراً عن أداء صلاة الاستسقاء في مساجد المملكة العربية السعودية الشقيقة، نشرت الصحف المحلية أمس ثلاثة مانشيتات عن الأمطار.

    صحيفةٌ حملت مانشيتاً أدبياً يقول: «أمطار البحرين تحاصر مدارس وتغلق شوارع وتسقط منازل»، ونشرت التفاصيل على ثلاث صفحات بالداخل. وصحيفةٌ تحدّثت عن «غرق منازل بالمنامة وتعطّل مراكز صحية و35 حادثاً مرورياً»، ونشرت التفاصيل في صفحتين. أما الثالثة فقالت: «أمطار الشتاء تربك البحرين... اختناقات مرورية والبلديات والأشغال تعلنان الطوارئ وتعطّل السوق المركزي». حتى الصحيفتين الأخريين تكلمت إحداهما عن «الأمطار الرعدية التي أغرقت الشوارع والبيوت»، فيما حذّرت الأخرى من أن «الأحوال الجوية لن تستقر حتى الأربعاء»، على الصفحة الأولى.

    إذاً هناك إجماعٌ صحافيٌ نادراً ما يحدث، على تناول ظاهرةٍ طبيعيةٍ تربك البلد سنوياً مع بداية موسم الشتاء، وتعرقل المدارس والمؤسسات، وتتسبب في وقوع عشرات الحوادث المرورية، دون أن نهتدي إلى حلولٍ تنتشلنا من هذه المآزق السنوية المعتادة. والغريب أن هطول المطر لم يستغرق أكثر من سويعاتٍ معدودة، بل إن الجزء الأكبر منها هطل صباح الأحد، ولم يستغرق أكثر من 40 دقيقة، فأغرق المنازل والطرقات.

    التحقيقات والتقارير المصوّرة في مختلف الصحف تُجمع على أن أكثر المناطق تضرّراً هي عاصمتنا الجميلة (المنامة)، والتي يفترض أن تتمتع ببنيةٍ تحتيةٍ صلبةٍ لا تهزها الزلازل والبراكين... فكيف بزخّاتٍ سريعةٍ ومتقطعةٍ من الأمطار؟

    إذا كانت البنية التحتية في العاصمة، التي تمثّل واجهة البلد وحاضنة البعثات الدبلوماسية، على هذه الدرجة من الهشاشة... فماذا تتوقّع من المناطق الهامشية أو المهمّشة، التي لم توضع بعد على سكة التنمية الحضرية؟ وماذا عن القرى التي عانت من ثلاثين سنة من الإهمال بُعَيد الاستقلال؟

    أمطارٌ عابرةٌ لم يتجاوز معدلها 10 ملم، كشفت خلال ساعاتٍ فقط هشاشة العظام الذي تعاني منه بنيتنا التحتية، فماذا لو استمر تدفّقها يوماً كاملاً أو يومين فقط؟ وهل لدينا أية استعدادات لمثل هذه السيناريوهات غير المستبعدة مع كلّ هذه التقلبات الجوية الحادة في العالم؟ وهل نحن قادرون على مواجهة الأسوأ - لا سمح الله - إذا كانت أربعون دقيقة من المطر تسبّب لنا كلّ هذه المعاناة والإرباك؟

    الجانب غير المرئي من الصورة هو ما يحدث في منازل الطبقات الفقيرة، التي تعيش حالةً من الارتباك والبؤس، وخصوصاً حين تتقاطر المياه من أسقف الغرف في تلك القرى المهملة. وأصارحكم، حين كتبت العام الماضي فصلاً في كتاب «روافد من بلادي» عن ذكريات الطفولة والصبا، توقفت عند هذه الصورة التي انحفرت في أعماقي قبل ثلاثين عاماً، دون أن تزايلني مشاعر الضعف والعجز وقلة الحيلة. ولم يجل بخاطري حين الكتابة أن هناك مئات الأسر مازالت تعاني في بيوت قديمة، ويمثل لها موسم الأمطار كارثةً تثير الكثير من الأسى والأشجان.

    لم أكتب طلباً للنقد، ففي الكوارث أو أشباه الكوارث تحتاج إلى خطط إنقاذ، أولها استنفار «الأشغال» و»البلديات» لشفط المياه التي تغرق الشوارع، تيسيراً لحياة الناس ومنعاً للأمراض... وليس آخرها تسريع مشروع البيوت المتهالكة الآيلة للسقوط. ومن الجانب الأهلي لا ننسى دور الجمعيات الإسلامية والصناديق الخيرية في مختلف المناطق التي تبنت منذ سنوات مشاريع عوازل الأمطار لمئات المنازل والأسر.




    قاسم حسين
    صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2986 - الثلثاء 09 نوفمبر 2010م الموافق 03 ذي الحجة 1431هـ

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 5:32 am