قاتَلَ اللهُ الفقــر..
لميس ضيف
في الغد سيقف الحاج سلمان، وهو صياد ستيني من سترة، بين يدي القضاء القطري ليحاكم بتهمة دخول المياه القطرية.. والحاج سلمان كان من بين من قُبض عليهم قبل أسابيع وأفرج عنهم بكفالة لحين محاكمتهم إلا أن الحاج سلمان ظل محجوزاً لأنه حاول الفرار وقت المداهمة كونه قد تعرض إلى السجن غير ذات مرة للسبب ذاته..
كثيرون منكم لا يهمهم الحاج سلمان أعاد لعائلته أم تعفن في سجن ما.. ولكن المسألة أكبر منه ومن أسرته التي خيم عليها الحزن منذ حبس عائلها الوحيد.. إنها قضية سقوط شريحة من مواطنينا من الحسبة، وقضية أمن غذائي مهدد بسبب استهتار لا مثيل له بالبيئة.. في البحرين هناك 4707 صيادين محترفين، و1804 صيادين يتخذون من الصيد مصدراً ثانياً للرزق.. نتحدث هنا عن أكثر من 6500 عائلة يقتاتون من مهنة مهددة بالزوال.. وعن مئات الآلاف من الأسر الذين تمدهم تلك المهنة بالغذاء.. ولا يبدو أن جفناً يرف وهو يشهد تلك الجريمة التاريخية التي تُرتكب - بفُحش - على مرأى ومسمع من الجميع!..
625 كيلومتراً هي مجموع طول سواحل البحرين التي استُملك معظمها بوضع اليد ولم يبق منها سوى 26 كيلومتراً كمنافذ صغيرة متفرقة للصيادين، أغلبها بلا خير! الحفر والردم البحري والتجويف اليومي وشفط الرمال وتلويث البحر بمياه الصرف الصحي من جهة ومخلفات المصانع من جهة أخرى.. ناهيك عن تطويق مساحات من البحر، البحر الذي جعله تعالى مشاعاً، بحيث لا يسمح للبحارة بالاقتراب منه ناهيكم عن الصيد فيه!
الحاج سلمان - ومثله الآلاف - ليسوا مجرمين بقدر ما هم ضحايا، وعلى الأشقاء في قطر أن يعرفوا ذلك.. نعرف أن التسلل للمياه الإقليمية جريمة ولكننا نوجه سؤالات للأفاضل في السفارة القطرية ومنها للإخوة في قطر والكلام ذاته ليسمعه مسؤولونا الذين «يتعامون» عن هذه المعضلة:
هل تعتقدون حقاً أن الصيادين يجازفون بأنفسهم، وبالتعرض إلى الضرب والملاحقة من أجل دفق الأدرينالين لا أكثر؟ هل تعتقدون أن معدمين كهؤلاء.. يروق لهم أن تتعرض قواربهم وأدواتهم للمصادرة وهي غالباً كل ما يملكون؟! أتعتقدون أنهم «يستحلون» السجن في أحضان الغربة، وترك عائلاتهم التي لا عائل لها سواهم للمغامرة بحياتهم؟ بحياتهم نقول بعد موت جابر الحيان رحمة الله عليه على إثر مطاردات خفر السواحل القطرية له، لولا قرص العوز والحاجة للخبز.. ولعن الله الفقر؛ وألف «سحقاً للجوع» الذي يدفع المرء إلى إذلال نفسه والمجازفة بها بهذا الشكل!
الإخوة في قطر نخاطب ونقول:
خيركم يعم على الجميع.. ومساعداتكم الإنسانية تذهب لأقطار العالم كافة لا تذر مسلماً ولا ملحداً، وثلث مساجد إفريقيا تشهد ببياض أيديكم. فلمَ كل هذا مع إخوانكم الصياديين البحرينيين الذين لا يطلبون إلا رزق الله في بحر الله.. ما ذنبهم ليحاطوا بهذه القسوة وأنتم أعلم بأنهم ما دخلوا مياهكم بطراً بل «للشديد القوي»! إننا في منظومة واحدة.. كلنا أبناء مجلس «التعاون» فلمَ لا يتم تنظيم دخول صيادي البحرين ضمن حصة معينة، وفترات معينة، بالترتيب مع السلطات البحرينية لضبط وتنظيم العملية ومساعدة هؤلاء من منطلق إنساني على الأقل؟!
بالأمس فقط رفضت الحكومة مقترحاً نيابياً بإنشاء صندوق لدعم الصيادين بذريعة أن الدعم متحقق من خلال مظلة الضمان الاجتماعي، فأين يولّي هؤلاء بوجوههم وما من أحد يشعر بوطأة أوضاعهم إلا الله؟!..
لميس ضيف
في الغد سيقف الحاج سلمان، وهو صياد ستيني من سترة، بين يدي القضاء القطري ليحاكم بتهمة دخول المياه القطرية.. والحاج سلمان كان من بين من قُبض عليهم قبل أسابيع وأفرج عنهم بكفالة لحين محاكمتهم إلا أن الحاج سلمان ظل محجوزاً لأنه حاول الفرار وقت المداهمة كونه قد تعرض إلى السجن غير ذات مرة للسبب ذاته..
كثيرون منكم لا يهمهم الحاج سلمان أعاد لعائلته أم تعفن في سجن ما.. ولكن المسألة أكبر منه ومن أسرته التي خيم عليها الحزن منذ حبس عائلها الوحيد.. إنها قضية سقوط شريحة من مواطنينا من الحسبة، وقضية أمن غذائي مهدد بسبب استهتار لا مثيل له بالبيئة.. في البحرين هناك 4707 صيادين محترفين، و1804 صيادين يتخذون من الصيد مصدراً ثانياً للرزق.. نتحدث هنا عن أكثر من 6500 عائلة يقتاتون من مهنة مهددة بالزوال.. وعن مئات الآلاف من الأسر الذين تمدهم تلك المهنة بالغذاء.. ولا يبدو أن جفناً يرف وهو يشهد تلك الجريمة التاريخية التي تُرتكب - بفُحش - على مرأى ومسمع من الجميع!..
625 كيلومتراً هي مجموع طول سواحل البحرين التي استُملك معظمها بوضع اليد ولم يبق منها سوى 26 كيلومتراً كمنافذ صغيرة متفرقة للصيادين، أغلبها بلا خير! الحفر والردم البحري والتجويف اليومي وشفط الرمال وتلويث البحر بمياه الصرف الصحي من جهة ومخلفات المصانع من جهة أخرى.. ناهيك عن تطويق مساحات من البحر، البحر الذي جعله تعالى مشاعاً، بحيث لا يسمح للبحارة بالاقتراب منه ناهيكم عن الصيد فيه!
الحاج سلمان - ومثله الآلاف - ليسوا مجرمين بقدر ما هم ضحايا، وعلى الأشقاء في قطر أن يعرفوا ذلك.. نعرف أن التسلل للمياه الإقليمية جريمة ولكننا نوجه سؤالات للأفاضل في السفارة القطرية ومنها للإخوة في قطر والكلام ذاته ليسمعه مسؤولونا الذين «يتعامون» عن هذه المعضلة:
هل تعتقدون حقاً أن الصيادين يجازفون بأنفسهم، وبالتعرض إلى الضرب والملاحقة من أجل دفق الأدرينالين لا أكثر؟ هل تعتقدون أن معدمين كهؤلاء.. يروق لهم أن تتعرض قواربهم وأدواتهم للمصادرة وهي غالباً كل ما يملكون؟! أتعتقدون أنهم «يستحلون» السجن في أحضان الغربة، وترك عائلاتهم التي لا عائل لها سواهم للمغامرة بحياتهم؟ بحياتهم نقول بعد موت جابر الحيان رحمة الله عليه على إثر مطاردات خفر السواحل القطرية له، لولا قرص العوز والحاجة للخبز.. ولعن الله الفقر؛ وألف «سحقاً للجوع» الذي يدفع المرء إلى إذلال نفسه والمجازفة بها بهذا الشكل!
الإخوة في قطر نخاطب ونقول:
خيركم يعم على الجميع.. ومساعداتكم الإنسانية تذهب لأقطار العالم كافة لا تذر مسلماً ولا ملحداً، وثلث مساجد إفريقيا تشهد ببياض أيديكم. فلمَ كل هذا مع إخوانكم الصياديين البحرينيين الذين لا يطلبون إلا رزق الله في بحر الله.. ما ذنبهم ليحاطوا بهذه القسوة وأنتم أعلم بأنهم ما دخلوا مياهكم بطراً بل «للشديد القوي»! إننا في منظومة واحدة.. كلنا أبناء مجلس «التعاون» فلمَ لا يتم تنظيم دخول صيادي البحرين ضمن حصة معينة، وفترات معينة، بالترتيب مع السلطات البحرينية لضبط وتنظيم العملية ومساعدة هؤلاء من منطلق إنساني على الأقل؟!
بالأمس فقط رفضت الحكومة مقترحاً نيابياً بإنشاء صندوق لدعم الصيادين بذريعة أن الدعم متحقق من خلال مظلة الضمان الاجتماعي، فأين يولّي هؤلاء بوجوههم وما من أحد يشعر بوطأة أوضاعهم إلا الله؟!..