تلفزيون "فلسطين".. غياب لأبسط قواعد العمل الإعلامي المهني حتى بمقاييس نظرية "إعلام السلطة"
الخليل ـ المركز الفلسطيني للإعلام
تمثَّل تلفزيون فلسطين، ومنذ إنشائه مع قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994، نظرية "السلطة" والتي تشكّل واحدة من نظريات الإعلام والنظم الإعلامية، ونظرية "السلطة" هذه، تعتمد على نظريات أفلاطون وميكافيللي، وترى أن الشعب غير جدير بتحمّل المسؤولية، أما السلطة فهي ملك للحاكم أو السلطة التي يشكلها.
ومما تتميز به هذه النظرية من أفكار؛ فهي أن الشخص الذي يعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية، يعمل بها كامتياز منحته إياه "السلطة" ويتعين أن يكون ملتزما أمام "السلطة" التي قامت بتعيينه.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن النظام السياسي الفلسطيني ينفرد بأمر قد يكون طريفاً في علم الاجتماع السياسي، وهو أن الرئاسة الفلسطينية كمؤسسة تشكل "السلطة"، بينما الحكومة تشكل "المعارضة"!!
من المعروف أن التلفزيون هو وسيلة إعلامية شعبية واسعة الانتشار تستهدف غالبية أفراد المجتمع الفلسطيني، لما يمتاز به التلفزيون بقربه من واقع الاتصال الإنساني مما يزيد من فعاليته وأثره في نفوس المتلقين على تفاوت أعمارهم ومستوياتهم العلمية والفكرية وحتى الطبقية.
ولمّا كان تلفزيون فلسطين، قد تحددت هويته وتوجهاته منذ إنشائه، باعتباره يعكس وجهة نظر "السلطة ـ الرئاسة"، ووظّف للدفاع عنها، والوقوف في وجه كل من يخالفها الرأي، فقد كان تلفزيون فلسطين المؤسسة الرديفة للأجهزة الأمنية "السلطوية" في الهجوم على فصائل المقاومة (المعارضة)، وبالتحديد حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
إلا أنه في ظل الخلافات الداخلية التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي، والتي فازت فيها حركة حماس بأكثر من 60 بالمائة من مقاعد المجلس التشريعي، وبعد تشكيل حركة حماس للحكومة الفلسطينية، غدا تلفزيون فلسطين أداة من أدوات التوتير الداخلي، وتأجيج الخلافات ونشر البلبلة والتحريض على الفوضى، على نحو سافر، فأخذ يقوم بشكل واضح وجلي بقلب الحقائق وتشويه الوقائع وتضخيم الصغائر وتصغير المصائب والتفنن في انتقاء الأخبار بما يتماشى مع مصلحة طرف على حساب طرف آخر دون أي اعتبار لأبسط قواعد العمل الصحفي المهني القائم على أساس الدقة والموضوعية والحياد، حتى بمقاييس نظرية "إعلام السلطة".
تلفزيون "فلسطين"
ويلحظ المتابع لـ "تلفزيون فلسطين" سهولة "سلطوية" هذه القناة التلفزيونية من خلال نشرات الأخبار والبرامج المطروحة، فمثلا نشرة الأخبار تبدأ بالرئاسة، ثم ينتقل الحديث عن أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية والتي لا تمثل كافة أطياف الشعب الفلسطيني، وبعدها يأتي الحديث عن أعضاء اللجنة التنفيذية لحركة فتح، وفي النهاية يذكر خبر سريع وخاطف عن الحكومة الفلسطينية المنتخبة ورئيسها السيد إسماعيل هنية.
ولا يقتصر الأمر إلى هذا الحد، فعندما اختطفت قوات الاحتلال الصهيوني رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والنواب والوزراء، وكلهم ينتمون لحركة حماس، سلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء على هذا الحدث، لكن تلفزيون فلسطين الذي ينتمي المختطفون إلى الشعب الذي يتسمَّى باسمه تعامل معه كأي حدث وقع في أي منطقة في العالم، وكأن النواب والوزراء ليسو من فلسطين ولا ينتمون إليها ولم ينتخبهم الشعب الفلسطيني.
فبركات واضحة
وبلغ هذا الانحياز ذروته بتولي هذه القناة قيادة الحملة الدعائية للإضراب المسيَّس الذي دعت إليه أطراف في حركة فتح في محاولة يائسة لإسقاط الحكومة الفلسطينية، حيث بدأ التلفزيون بعرض البرامج والمقابلات الخاصة والمفبركة لشن الهجوم على الحكومة، ووصلت هذه الفبركة درجةً إلى أن قام التلفزيون في أحد البرامج بمقابلة مع طفل يتحدث عن وضع أسرته المعيشية، وأن والده الموظف لا يستطيع أن يشتري له حقيبة مدرسية ولا حتى ملابس بسبب عدم صرف المرتبات، وأنه حزين من هذا الأمر، واتَّضح بعد ذلك أن هذا الطفل هو نجل لرجل أعمال كبير يمتلك أموالاً يستطيع أن يصرف على عدد من الموظفين.
وسيلة دعائية وليست إعلامية
هل يمثل تلفزيون فلسطين الشعب الفلسطيني؟ ولماذا يمارس هذا الانحياز وهذه الفبركة؟ ومن المستفيد من هكذا سياسة؟، هذه الأسئلة طرحها "المركز الفلسطيني للإعلام" على عدد من المثقفين والمهتمين في الشارع الفلسطيني.
فمن جانبه يقول الدكتور عبد الستار قاسم المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية: إن تلفزيون فلسطين هو وسيلة دعاية وليس إعلام، وقال: "أنا لا أشاهد هذه القناة إلا فيما ندر لأنها ليست قناة للشعب الفلسطيني بل هي بوق لفتح، ومنحازة جداً، وتقاريره سطحية لا تتصف بأي نوع من المهنية، والواضح أن الذين يعملون في هذه المحطة لا يوجد لديهم أي معرفة أو علم ويلاحظ ذلك جلياً في التحليلات والتقارير الصحفية التي تتصف بالجهل المطبق".
وحول ترقية نبيل عمر مستشاراً للشؤون الإعلامية للرئيس، وبالتالي توليه المسؤولية عن وسائل الإعلام قال: هذه الأسماء مرتبطة بالأمريكان و(الإسرائيليين)، وإن استلمت مهماماً إعلامية، فهي ستعمل على تضليل الشعب الفلسطيني.
أما الدكتور أمجد الحموري، فيرى أن تلفزيون فلسطين غير موضوعي، ويعاني من إنتاج فني ضعيف جداً، وتكرير دائم للقضايا نفسها على طول الوقت ما يدفعنا دائماً للبحث عن الخبر في قنوات أخرى، ويضيف الحموري "أنَّ الشؤون الفلسطينية لها حظ في القنوات الأخرى أكثر من تلفزيون فلسطين الذي يتبنى نظرة شمولية للأمور الداخلية، وتعامله الحزبي واضح الأمر الذي أفقده مصداقيته في تغطيته للأحداث الداخلية".
وحول تبرير البعض لتردي الموضوعية والأداء في التلفزيون بنقص الموارد قال الحموري: "ليس صحيحاً ذلك؛ لأن المسألة مسألة إرادة ورغبة أكثر من موارد والنظرة الموضوعية لا تحتاج موارد، والتلفزيون الفلسطيني معروف بحجم الإنفاق الضخم وطاقم الموظفين ذات العدد الهائل".
مستوى هابط وإذكاء للفتنة
ويتفق الكاتب والمتخصص في الشأن الصهيوني الأستاذ محمود شبانه مع الذين سبقوه، ويقترح تغيير اسم التلفزيون من تلفزيون فلسطين إلى تلفزيون الحزب الحاكم سابقا الخارج من الحكم والذي يعمل لإعادة نفسه في الحكم.
ويشير شبانة إلى أن من أهم أوجه الإخفاقات في هذه القناة أولوية الخطاب الإعلامي لها، فبدلاً من فضح جرائم الاحتلال يسعى التلفزيون إلى إذكاء روح الفتنة الداخلية ومعالجة الخلافات الحزبية على حساب القضايا الوطنية الكبرى ويجعل من نفسه طرفاً غير نزيه في الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني.
ويرى شبانة أن هذا الأداء لا يتلاءم مع حجم الصرف الضخم من المال العام، وأن التلفزيون لا يوازن في التغطية بين محافظات الوطن.
من جهته، يقول الصحفي أكرم النتشة: إن تلفزيون "فلسطين" يعاني من مستوى هابط في الأداء، ولا توجد مهنية في العمل، حيث تفتقد برامجه وأخباره إلى المهنية، والبرامج التي يتم عرضها في الأغلب مملَّة ومكرَّرة، ويضيف النتشة: "إن التلفزيون الفلسطيني لا يملك سياسة إعلامية، وليس هنالك مصطلحات موحدة للموضوع نفسه، ففي كل يوم يتناول المذيع مفردات مغايرة لوصف الحدث نفسه، كما أن هنالك مشكلة في التغطية الإعلامية للأحداث؛ فمثلا عندما يكون الحدث في غزة ويوجد فيه عدد من مراسلي التلفزيون الفلسطيني، فإنك ترى كل الإذاعات والمحطات المحلية والعالمية تتسابق في نشر تفاصيل الحدث، فيما يبقى تلفزيون "فلسطين" على برامجه كالمعتاد، وكأنه ليس له علاقة بما يجري، وبعد ساعة من الحدث ترتسم على شاشته خبر عاجل".
دور غير وطني
في السياق نفسه، يؤكد رائد رمضان مدير صحيفة "أسواقنا" أن التلفزيون يفتقد الموضوعية في معالجة الكثير من القضايا، فهو يحرص على نشر أدق التفاصيل عن حركة فتح ويتجاهل أهم أخبار وتحركات الفصائل الأخرى، وعندما يقوم مذيع باستضافة أي شخصية من غير الطيف والتوجه المعروف للمحطة، فإن المذيع يقوم بتبني وجهة نظر حركة فتح ويدافع عنها باستماتة.
ويرى رمضان أن تلفزيون فلسطين تجاوز دوره الوطني في متابعة وتعزيز الصف الوطني إلى المساهمة في حالة الإرباك من خلال دعمه لإضراب المعلمين وتبنيه لوجهة نظر جهة واحدة دون الأخرى، كما أن هناك تميزاً واضحاً في برامج الاتصالات على الهواء مباشرة، فعندما يكون المتحدث من حركة فتح يفسح له المجال ويثنى على قوله، وعندما يكون المتحدث من حركة حماس يتم التضييق عليه، وكثيراً ما ينقطع الاتصال بالصدفة!!.
تلفزيون متخلف وبرامجه ضحلة
أما الأستاذ عبد العليم دعنا المحاضر في جامعة بوليتكنك فلسطين، والقيادي البارز في الجبهة الشعبية، فيقول معلِّقاً على أداء تلفزيون فلسطين: أنا بتصوري إخباريا أخباره بايتة، وإدارته غير ناجحة، وكذلك مراسلوه، ولونه واحد والمفروض كتلفزيون وطني أن يعبِّر عن كامل الطيف الفلسطيني، أما مهنيا فهو تلفزيون متخلِّف وبرامجه ضحلة لذلك لا نتشجع بمتابعته".
أما عن مسألة نقص الموارد يضيف دعنا: "فلا أعتقد أن تلفزيون كبيراً ومؤسسة بهذه الضخامة تعاني من نقص موارد في الوقت الذي يقوم موظف مثل هشام مكي بسرقة 18مليون دولار، هذا يدّل دلالة واضحة على حجم الإنفاق على هذه المؤسسة".
ويختم دعنا حديثه بالقول: إن تلفزيون فلسطين لا يبث ما يرفع من ثقافة الشعب ويعمِّق انتماءه، ولا يوجد ما يميِّزه عن المحطات المحلية الأخرى، فضلا عن أن أغلب الموظفين لا يتم اختيارهم بناءً على معايير الكفاءة والخبرة، بل يتم توظيفهم عبر الوساطات".
الخليل ـ المركز الفلسطيني للإعلام
تمثَّل تلفزيون فلسطين، ومنذ إنشائه مع قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994، نظرية "السلطة" والتي تشكّل واحدة من نظريات الإعلام والنظم الإعلامية، ونظرية "السلطة" هذه، تعتمد على نظريات أفلاطون وميكافيللي، وترى أن الشعب غير جدير بتحمّل المسؤولية، أما السلطة فهي ملك للحاكم أو السلطة التي يشكلها.
ومما تتميز به هذه النظرية من أفكار؛ فهي أن الشخص الذي يعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية، يعمل بها كامتياز منحته إياه "السلطة" ويتعين أن يكون ملتزما أمام "السلطة" التي قامت بتعيينه.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن النظام السياسي الفلسطيني ينفرد بأمر قد يكون طريفاً في علم الاجتماع السياسي، وهو أن الرئاسة الفلسطينية كمؤسسة تشكل "السلطة"، بينما الحكومة تشكل "المعارضة"!!
من المعروف أن التلفزيون هو وسيلة إعلامية شعبية واسعة الانتشار تستهدف غالبية أفراد المجتمع الفلسطيني، لما يمتاز به التلفزيون بقربه من واقع الاتصال الإنساني مما يزيد من فعاليته وأثره في نفوس المتلقين على تفاوت أعمارهم ومستوياتهم العلمية والفكرية وحتى الطبقية.
ولمّا كان تلفزيون فلسطين، قد تحددت هويته وتوجهاته منذ إنشائه، باعتباره يعكس وجهة نظر "السلطة ـ الرئاسة"، ووظّف للدفاع عنها، والوقوف في وجه كل من يخالفها الرأي، فقد كان تلفزيون فلسطين المؤسسة الرديفة للأجهزة الأمنية "السلطوية" في الهجوم على فصائل المقاومة (المعارضة)، وبالتحديد حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
إلا أنه في ظل الخلافات الداخلية التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي، والتي فازت فيها حركة حماس بأكثر من 60 بالمائة من مقاعد المجلس التشريعي، وبعد تشكيل حركة حماس للحكومة الفلسطينية، غدا تلفزيون فلسطين أداة من أدوات التوتير الداخلي، وتأجيج الخلافات ونشر البلبلة والتحريض على الفوضى، على نحو سافر، فأخذ يقوم بشكل واضح وجلي بقلب الحقائق وتشويه الوقائع وتضخيم الصغائر وتصغير المصائب والتفنن في انتقاء الأخبار بما يتماشى مع مصلحة طرف على حساب طرف آخر دون أي اعتبار لأبسط قواعد العمل الصحفي المهني القائم على أساس الدقة والموضوعية والحياد، حتى بمقاييس نظرية "إعلام السلطة".
تلفزيون "فلسطين"
ويلحظ المتابع لـ "تلفزيون فلسطين" سهولة "سلطوية" هذه القناة التلفزيونية من خلال نشرات الأخبار والبرامج المطروحة، فمثلا نشرة الأخبار تبدأ بالرئاسة، ثم ينتقل الحديث عن أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية والتي لا تمثل كافة أطياف الشعب الفلسطيني، وبعدها يأتي الحديث عن أعضاء اللجنة التنفيذية لحركة فتح، وفي النهاية يذكر خبر سريع وخاطف عن الحكومة الفلسطينية المنتخبة ورئيسها السيد إسماعيل هنية.
ولا يقتصر الأمر إلى هذا الحد، فعندما اختطفت قوات الاحتلال الصهيوني رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والنواب والوزراء، وكلهم ينتمون لحركة حماس، سلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء على هذا الحدث، لكن تلفزيون فلسطين الذي ينتمي المختطفون إلى الشعب الذي يتسمَّى باسمه تعامل معه كأي حدث وقع في أي منطقة في العالم، وكأن النواب والوزراء ليسو من فلسطين ولا ينتمون إليها ولم ينتخبهم الشعب الفلسطيني.
فبركات واضحة
وبلغ هذا الانحياز ذروته بتولي هذه القناة قيادة الحملة الدعائية للإضراب المسيَّس الذي دعت إليه أطراف في حركة فتح في محاولة يائسة لإسقاط الحكومة الفلسطينية، حيث بدأ التلفزيون بعرض البرامج والمقابلات الخاصة والمفبركة لشن الهجوم على الحكومة، ووصلت هذه الفبركة درجةً إلى أن قام التلفزيون في أحد البرامج بمقابلة مع طفل يتحدث عن وضع أسرته المعيشية، وأن والده الموظف لا يستطيع أن يشتري له حقيبة مدرسية ولا حتى ملابس بسبب عدم صرف المرتبات، وأنه حزين من هذا الأمر، واتَّضح بعد ذلك أن هذا الطفل هو نجل لرجل أعمال كبير يمتلك أموالاً يستطيع أن يصرف على عدد من الموظفين.
وسيلة دعائية وليست إعلامية
هل يمثل تلفزيون فلسطين الشعب الفلسطيني؟ ولماذا يمارس هذا الانحياز وهذه الفبركة؟ ومن المستفيد من هكذا سياسة؟، هذه الأسئلة طرحها "المركز الفلسطيني للإعلام" على عدد من المثقفين والمهتمين في الشارع الفلسطيني.
فمن جانبه يقول الدكتور عبد الستار قاسم المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية: إن تلفزيون فلسطين هو وسيلة دعاية وليس إعلام، وقال: "أنا لا أشاهد هذه القناة إلا فيما ندر لأنها ليست قناة للشعب الفلسطيني بل هي بوق لفتح، ومنحازة جداً، وتقاريره سطحية لا تتصف بأي نوع من المهنية، والواضح أن الذين يعملون في هذه المحطة لا يوجد لديهم أي معرفة أو علم ويلاحظ ذلك جلياً في التحليلات والتقارير الصحفية التي تتصف بالجهل المطبق".
وحول ترقية نبيل عمر مستشاراً للشؤون الإعلامية للرئيس، وبالتالي توليه المسؤولية عن وسائل الإعلام قال: هذه الأسماء مرتبطة بالأمريكان و(الإسرائيليين)، وإن استلمت مهماماً إعلامية، فهي ستعمل على تضليل الشعب الفلسطيني.
أما الدكتور أمجد الحموري، فيرى أن تلفزيون فلسطين غير موضوعي، ويعاني من إنتاج فني ضعيف جداً، وتكرير دائم للقضايا نفسها على طول الوقت ما يدفعنا دائماً للبحث عن الخبر في قنوات أخرى، ويضيف الحموري "أنَّ الشؤون الفلسطينية لها حظ في القنوات الأخرى أكثر من تلفزيون فلسطين الذي يتبنى نظرة شمولية للأمور الداخلية، وتعامله الحزبي واضح الأمر الذي أفقده مصداقيته في تغطيته للأحداث الداخلية".
وحول تبرير البعض لتردي الموضوعية والأداء في التلفزيون بنقص الموارد قال الحموري: "ليس صحيحاً ذلك؛ لأن المسألة مسألة إرادة ورغبة أكثر من موارد والنظرة الموضوعية لا تحتاج موارد، والتلفزيون الفلسطيني معروف بحجم الإنفاق الضخم وطاقم الموظفين ذات العدد الهائل".
مستوى هابط وإذكاء للفتنة
ويتفق الكاتب والمتخصص في الشأن الصهيوني الأستاذ محمود شبانه مع الذين سبقوه، ويقترح تغيير اسم التلفزيون من تلفزيون فلسطين إلى تلفزيون الحزب الحاكم سابقا الخارج من الحكم والذي يعمل لإعادة نفسه في الحكم.
ويشير شبانة إلى أن من أهم أوجه الإخفاقات في هذه القناة أولوية الخطاب الإعلامي لها، فبدلاً من فضح جرائم الاحتلال يسعى التلفزيون إلى إذكاء روح الفتنة الداخلية ومعالجة الخلافات الحزبية على حساب القضايا الوطنية الكبرى ويجعل من نفسه طرفاً غير نزيه في الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني.
ويرى شبانة أن هذا الأداء لا يتلاءم مع حجم الصرف الضخم من المال العام، وأن التلفزيون لا يوازن في التغطية بين محافظات الوطن.
من جهته، يقول الصحفي أكرم النتشة: إن تلفزيون "فلسطين" يعاني من مستوى هابط في الأداء، ولا توجد مهنية في العمل، حيث تفتقد برامجه وأخباره إلى المهنية، والبرامج التي يتم عرضها في الأغلب مملَّة ومكرَّرة، ويضيف النتشة: "إن التلفزيون الفلسطيني لا يملك سياسة إعلامية، وليس هنالك مصطلحات موحدة للموضوع نفسه، ففي كل يوم يتناول المذيع مفردات مغايرة لوصف الحدث نفسه، كما أن هنالك مشكلة في التغطية الإعلامية للأحداث؛ فمثلا عندما يكون الحدث في غزة ويوجد فيه عدد من مراسلي التلفزيون الفلسطيني، فإنك ترى كل الإذاعات والمحطات المحلية والعالمية تتسابق في نشر تفاصيل الحدث، فيما يبقى تلفزيون "فلسطين" على برامجه كالمعتاد، وكأنه ليس له علاقة بما يجري، وبعد ساعة من الحدث ترتسم على شاشته خبر عاجل".
دور غير وطني
في السياق نفسه، يؤكد رائد رمضان مدير صحيفة "أسواقنا" أن التلفزيون يفتقد الموضوعية في معالجة الكثير من القضايا، فهو يحرص على نشر أدق التفاصيل عن حركة فتح ويتجاهل أهم أخبار وتحركات الفصائل الأخرى، وعندما يقوم مذيع باستضافة أي شخصية من غير الطيف والتوجه المعروف للمحطة، فإن المذيع يقوم بتبني وجهة نظر حركة فتح ويدافع عنها باستماتة.
ويرى رمضان أن تلفزيون فلسطين تجاوز دوره الوطني في متابعة وتعزيز الصف الوطني إلى المساهمة في حالة الإرباك من خلال دعمه لإضراب المعلمين وتبنيه لوجهة نظر جهة واحدة دون الأخرى، كما أن هناك تميزاً واضحاً في برامج الاتصالات على الهواء مباشرة، فعندما يكون المتحدث من حركة فتح يفسح له المجال ويثنى على قوله، وعندما يكون المتحدث من حركة حماس يتم التضييق عليه، وكثيراً ما ينقطع الاتصال بالصدفة!!.
تلفزيون متخلف وبرامجه ضحلة
أما الأستاذ عبد العليم دعنا المحاضر في جامعة بوليتكنك فلسطين، والقيادي البارز في الجبهة الشعبية، فيقول معلِّقاً على أداء تلفزيون فلسطين: أنا بتصوري إخباريا أخباره بايتة، وإدارته غير ناجحة، وكذلك مراسلوه، ولونه واحد والمفروض كتلفزيون وطني أن يعبِّر عن كامل الطيف الفلسطيني، أما مهنيا فهو تلفزيون متخلِّف وبرامجه ضحلة لذلك لا نتشجع بمتابعته".
أما عن مسألة نقص الموارد يضيف دعنا: "فلا أعتقد أن تلفزيون كبيراً ومؤسسة بهذه الضخامة تعاني من نقص موارد في الوقت الذي يقوم موظف مثل هشام مكي بسرقة 18مليون دولار، هذا يدّل دلالة واضحة على حجم الإنفاق على هذه المؤسسة".
ويختم دعنا حديثه بالقول: إن تلفزيون فلسطين لا يبث ما يرفع من ثقافة الشعب ويعمِّق انتماءه، ولا يوجد ما يميِّزه عن المحطات المحلية الأخرى، فضلا عن أن أغلب الموظفين لا يتم اختيارهم بناءً على معايير الكفاءة والخبرة، بل يتم توظيفهم عبر الوساطات".