قـرن الاعلانات * خليل قنديل
حينما تخرج عيناك عن طورهما الاعتيادي في المشاهدة وتحدق قليلاً بما حولها من المشاهد التي تحتل كل شيء لا بد وانك ستدهش من كل هذه الاعلانات التي تلاحقك كالكابوس اينما حللت وحيثما رحلت.
فالاعتياد البصري على مشاهدة الاعلانات صار يشبه حالة العماء التي تقود الى التسليم الطوعي بقوة حضور الاعلانات في حياتنا الى الدرجة التي صار فيها كل هذا الزخم الاعلاني وكأنه جزء من طبيعة الحياة ذاتها.
فانت وحينما تسير في الشارع وتنظر الى جانبيه وترى الارمات المستطيلة والمربعة التي تتوج رؤوس المحال التجارية اضافة الى التوضيحات الفرعية التي تدلل على صاحب المحل ونوعية سلعه وهاتفه وصندوقه البريدي سوف تدرك انك تسير وسط سماكة اعلانية تشبه الكابوس تماما وذلك بما تحمله هذه الاعلانات والارمات من تشويهات لونية غير متسقة او متناسبة الى درجة تشويه الذائقة البصرية.
وهناك اعلانات اضافية ممتدة بين جانبي الشارع مكتوبة على قماش خام مشدودة بحبال على الطرفين تشير الى اعلانات عن تنزيلات على السلع بطريقة تشبه الاحتلال تماماً.
واذا تطلعت حولك ستشاهد على الاعمدة الكهربائية اعلانات عن وظائف عاجلة او عن دورات تعليمية في جميع انواع المهن كما ستجد في المساحة الاسمنتية البخيلة بين المحل والمحل الآخر الذي يجاوره استطالة ورقية كتب عليها اعلان عن بيع شقة او دعوة لاستئجار شقة مفروشة.
وأنت اذا صعدت درجأً معدنياً يربط بجسره المعدني ايضاً بين شارعين سوف تهاجمك الاعلانات من كل صوب وارقام هواتف كتبت بخطوط ساذجة هذا اضافة الى تلك الاعلانات السرية المكبوتة التي تخدش الذوق العام.
واذا قيض لك ان تعفي نفسك من كل هذه الهجمة الاعلانية وتختار الذهاب الى البيت سوف ترى الهجمة الاعلانية الكابوسية التي تطل برأسها المشاكس من جهاز التلفزيون حيث هنا الاعلانات تتخذ فقهها المؤدلج والمدروس قبل الفاصل وبعد الفاصل واثناء النشرة الاخبارية والجوية وخلال اللحظات المتأججة درامياً في المسلسل الدرامي اليومي.
واذا حاولت الهروب الى جهاز كمبيوترك وفتحت الايميل الخاص بك ستجد سيلاً من الاعلانات ارسلت اليك بشكل عشوائي تحت شعار "الحجر الذي لا يصيب يدوش".
ان هجمة الاعلانات هذه باتت تميز قرننا بحيث انه صار قرنَ الاعلانات بامتياز. وصرنا نحن عبارة عن كائنات تختلط مع سلع تدب على الارض وتلكم هي الكارثة.
khaleilq@yahoo.com
التاريخ : 16-02-2010
حينما تخرج عيناك عن طورهما الاعتيادي في المشاهدة وتحدق قليلاً بما حولها من المشاهد التي تحتل كل شيء لا بد وانك ستدهش من كل هذه الاعلانات التي تلاحقك كالكابوس اينما حللت وحيثما رحلت.
فالاعتياد البصري على مشاهدة الاعلانات صار يشبه حالة العماء التي تقود الى التسليم الطوعي بقوة حضور الاعلانات في حياتنا الى الدرجة التي صار فيها كل هذا الزخم الاعلاني وكأنه جزء من طبيعة الحياة ذاتها.
فانت وحينما تسير في الشارع وتنظر الى جانبيه وترى الارمات المستطيلة والمربعة التي تتوج رؤوس المحال التجارية اضافة الى التوضيحات الفرعية التي تدلل على صاحب المحل ونوعية سلعه وهاتفه وصندوقه البريدي سوف تدرك انك تسير وسط سماكة اعلانية تشبه الكابوس تماما وذلك بما تحمله هذه الاعلانات والارمات من تشويهات لونية غير متسقة او متناسبة الى درجة تشويه الذائقة البصرية.
وهناك اعلانات اضافية ممتدة بين جانبي الشارع مكتوبة على قماش خام مشدودة بحبال على الطرفين تشير الى اعلانات عن تنزيلات على السلع بطريقة تشبه الاحتلال تماماً.
واذا تطلعت حولك ستشاهد على الاعمدة الكهربائية اعلانات عن وظائف عاجلة او عن دورات تعليمية في جميع انواع المهن كما ستجد في المساحة الاسمنتية البخيلة بين المحل والمحل الآخر الذي يجاوره استطالة ورقية كتب عليها اعلان عن بيع شقة او دعوة لاستئجار شقة مفروشة.
وأنت اذا صعدت درجأً معدنياً يربط بجسره المعدني ايضاً بين شارعين سوف تهاجمك الاعلانات من كل صوب وارقام هواتف كتبت بخطوط ساذجة هذا اضافة الى تلك الاعلانات السرية المكبوتة التي تخدش الذوق العام.
واذا قيض لك ان تعفي نفسك من كل هذه الهجمة الاعلانية وتختار الذهاب الى البيت سوف ترى الهجمة الاعلانية الكابوسية التي تطل برأسها المشاكس من جهاز التلفزيون حيث هنا الاعلانات تتخذ فقهها المؤدلج والمدروس قبل الفاصل وبعد الفاصل واثناء النشرة الاخبارية والجوية وخلال اللحظات المتأججة درامياً في المسلسل الدرامي اليومي.
واذا حاولت الهروب الى جهاز كمبيوترك وفتحت الايميل الخاص بك ستجد سيلاً من الاعلانات ارسلت اليك بشكل عشوائي تحت شعار "الحجر الذي لا يصيب يدوش".
ان هجمة الاعلانات هذه باتت تميز قرننا بحيث انه صار قرنَ الاعلانات بامتياز. وصرنا نحن عبارة عن كائنات تختلط مع سلع تدب على الارض وتلكم هي الكارثة.
khaleilq@yahoo.com
التاريخ : 16-02-2010