من قتل عبدالناصر؟
بقلم د. رفعت سيد أحمد ١٠/ ٢/ ٢٠١٠
ستظل وفاة عبدالناصر لغزا يحتاج إلى من يفك طلاسمه، خاصة أنه مات وهو فى سن صغيرة نسبيا قياسا بغيره من حكام مصر السابقين واللاحقين (٥٢عاما)، وكان قبل وفاته ملء السمع والبصر وفى كامل لياقته الصحية إلا من أمراض بسيطة سهلة العلاج ولا تؤدى عادة إلى وفاة مفاجئة مثل تلك التى حدثت له.
مناسبة هذا القول ما أثاره الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل عبر برنامجه فى قناة الجزيرة بقوله إن عبدالناصر(مات مقتولاً بالسم وإن أصابع الاتهام تتجه ناحية إسرائيل وأمريكا وإحدى الدول الخليجية وبعض المسؤولين).
السؤال المهم هو لماذا تآمرت دول ما كان يسمى الرجعية العربية على عبدالناصر إلى الحد الذى أدى إلى موته سواء بالسم أو بالهزيمة المعنوية والسياسية؟ الإجابة تقول إن التاريخ يحدثنا بأن جذور عداء من كانوا يسمون الرجعية العربية لجمال عبدالناصر، لا تنفصل بأى حال من الأحوال عن جذور كراهيتهم التاريخية لمصر والتى تمثل عقدة تاريخية ثابتة ودائمة لديهم منذ هدم الدرعية على أيدى الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا عام ١٨١٨ وحتى اليوم ٢٠١٠، لذلك نجدهم لا يتورعون عن الرقص طرباً كلما ألم بهذه البلاد شر، وهو عين ما جرى بعد هزيمة ١٩٦٧.
أما عن كراهيتهم لعبدالناصر والتى أدت إلى تآمرهم عليه إلى حد قتله جسديا- كما قال هيكل متأخرا ٣٠ عاما عن موعد كشف هذا السر الرهيب- أو معنويا كما يرى آخرون ونحن منهم، فتعود لأسباب يمكن بلورتها فى الآتى:
أولاً: كان عبدالناصر بالنسبة لهذه المنظومة من حلفاء أمريكا وعملائها- ومنهم تلك الدولة النفطية المتشابهة مع إسرائيل فى النشأة والدور والوظيفة حتى يومنا هذا- هو العدو الأصعب لأنه كان يمثل خروجا تاريخيا عن منظومة التبعية المرسومة للمنطقة، أمريكيا وإسرائيليا ولما مثله من تهديد جدى لأدوارهم التخريبية فى المنطقة وبخاصة تجاه (اليمن وفلسطين والعراق)، ومن هنا انطلقت المؤامرات ضده.
ثانياً: لقد كشفت وثائق المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية التى نشرت حديثاً عن حقائق مهمة تتعلق بدور خطير قام به بعض ملوك دول النفط الكبرى، بالتنسيق مع أمريكا قبل حرب ١٩٦٧، للتآمر على عبدالناصر وهزيمته، نترك للأستاذ هيكل الحديث عنه خاصة، وكشفت عن اتصالاتهم السرية بالإسرائيليين بهدف قتل عبدالناصر أو هزيمته وهو عين ماجرى فى ١٩٦٧.
ثالثاً: وفى وثائق أخرى حديثة قرأنا أن محاولات الاغتيال الجسدى لعبدالناصر من منظومة حلفاء أمريكا فى المنطقة لم تتوقف منذ ١٩٥٢ وحتى ١٩٧٠، حيث تم تنفيذ أكثر من ١١ محاولة اغتيال وتخريب ضد عبدالناصر ونظام حكمه.
رابعاً: إن العقدة النفسية والسياسية لدى حكام من سموا الرجعية العربية ضد عبدالناصر، والمصريين، ظلت ملازمة لهم كما أشرنا حتى يومنا هذا، وهو ما يتبدى واضحاً فى طريقة تعاملهم المهين مع العمالة المصرية فى بلادهم، والذين يشربون (الذل) يومياً باسم نظام الكفيل المخالف للإسلام ولحقوق الإنسان فى جميع المواثيق الدولية، وبتعمدهم إهانة مصر ودورها القومى، فى كل مناسبة سياسية أو دينية، والشواهد على ذلك عديدة.
■ على أى حال.. إن كراهية حلفاء واشنطن القدامى والجدد لعبدالناصر، والتى انتهت بالمشاركة فى مقتله سواء جسديا أو معنويا تتطلب تحقيقا جنائيا وسياسيا واسعا ولا ينبغى الصمت كما فعل هيكل دون عذر لأكثر من ثلاثين عاما (ولا ندرى لماذا ويا ليته يجيب فصمته سيسمح بتقولات عديدة ليست فى صالحه على أى حال) وإلى أن يتم ذلك دعونا نؤكد أن من قتل عبدالناصر جسديا أو معنويا لا يمكن أن يخرج عن منظومة حلفاء واشنطن من العرب والصهاينة.
والاثنان لا يرغبان لمصر سواء فى عهد (ناصر) أو فى أى عهد سوى أن تكون واحداً من اثنين (أو الاثنين معا) إما تابعاً ذليلاً لتل أبيب أو معملاً لتلقى وتفريخ فقه البداوة النفطى بكل مثالبه ومخاطره على الهوية والأمن القومى. والاثنان (تل أبيب وفقه البداوة النفطى)- لمن لا يعلم- وجهان لعملة واحدة كان اسمها وسيظل (واشنطن) والله أعلم.
بقلم د. رفعت سيد أحمد ١٠/ ٢/ ٢٠١٠
ستظل وفاة عبدالناصر لغزا يحتاج إلى من يفك طلاسمه، خاصة أنه مات وهو فى سن صغيرة نسبيا قياسا بغيره من حكام مصر السابقين واللاحقين (٥٢عاما)، وكان قبل وفاته ملء السمع والبصر وفى كامل لياقته الصحية إلا من أمراض بسيطة سهلة العلاج ولا تؤدى عادة إلى وفاة مفاجئة مثل تلك التى حدثت له.
مناسبة هذا القول ما أثاره الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل عبر برنامجه فى قناة الجزيرة بقوله إن عبدالناصر(مات مقتولاً بالسم وإن أصابع الاتهام تتجه ناحية إسرائيل وأمريكا وإحدى الدول الخليجية وبعض المسؤولين).
السؤال المهم هو لماذا تآمرت دول ما كان يسمى الرجعية العربية على عبدالناصر إلى الحد الذى أدى إلى موته سواء بالسم أو بالهزيمة المعنوية والسياسية؟ الإجابة تقول إن التاريخ يحدثنا بأن جذور عداء من كانوا يسمون الرجعية العربية لجمال عبدالناصر، لا تنفصل بأى حال من الأحوال عن جذور كراهيتهم التاريخية لمصر والتى تمثل عقدة تاريخية ثابتة ودائمة لديهم منذ هدم الدرعية على أيدى الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا عام ١٨١٨ وحتى اليوم ٢٠١٠، لذلك نجدهم لا يتورعون عن الرقص طرباً كلما ألم بهذه البلاد شر، وهو عين ما جرى بعد هزيمة ١٩٦٧.
أما عن كراهيتهم لعبدالناصر والتى أدت إلى تآمرهم عليه إلى حد قتله جسديا- كما قال هيكل متأخرا ٣٠ عاما عن موعد كشف هذا السر الرهيب- أو معنويا كما يرى آخرون ونحن منهم، فتعود لأسباب يمكن بلورتها فى الآتى:
أولاً: كان عبدالناصر بالنسبة لهذه المنظومة من حلفاء أمريكا وعملائها- ومنهم تلك الدولة النفطية المتشابهة مع إسرائيل فى النشأة والدور والوظيفة حتى يومنا هذا- هو العدو الأصعب لأنه كان يمثل خروجا تاريخيا عن منظومة التبعية المرسومة للمنطقة، أمريكيا وإسرائيليا ولما مثله من تهديد جدى لأدوارهم التخريبية فى المنطقة وبخاصة تجاه (اليمن وفلسطين والعراق)، ومن هنا انطلقت المؤامرات ضده.
ثانياً: لقد كشفت وثائق المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية التى نشرت حديثاً عن حقائق مهمة تتعلق بدور خطير قام به بعض ملوك دول النفط الكبرى، بالتنسيق مع أمريكا قبل حرب ١٩٦٧، للتآمر على عبدالناصر وهزيمته، نترك للأستاذ هيكل الحديث عنه خاصة، وكشفت عن اتصالاتهم السرية بالإسرائيليين بهدف قتل عبدالناصر أو هزيمته وهو عين ماجرى فى ١٩٦٧.
ثالثاً: وفى وثائق أخرى حديثة قرأنا أن محاولات الاغتيال الجسدى لعبدالناصر من منظومة حلفاء أمريكا فى المنطقة لم تتوقف منذ ١٩٥٢ وحتى ١٩٧٠، حيث تم تنفيذ أكثر من ١١ محاولة اغتيال وتخريب ضد عبدالناصر ونظام حكمه.
رابعاً: إن العقدة النفسية والسياسية لدى حكام من سموا الرجعية العربية ضد عبدالناصر، والمصريين، ظلت ملازمة لهم كما أشرنا حتى يومنا هذا، وهو ما يتبدى واضحاً فى طريقة تعاملهم المهين مع العمالة المصرية فى بلادهم، والذين يشربون (الذل) يومياً باسم نظام الكفيل المخالف للإسلام ولحقوق الإنسان فى جميع المواثيق الدولية، وبتعمدهم إهانة مصر ودورها القومى، فى كل مناسبة سياسية أو دينية، والشواهد على ذلك عديدة.
■ على أى حال.. إن كراهية حلفاء واشنطن القدامى والجدد لعبدالناصر، والتى انتهت بالمشاركة فى مقتله سواء جسديا أو معنويا تتطلب تحقيقا جنائيا وسياسيا واسعا ولا ينبغى الصمت كما فعل هيكل دون عذر لأكثر من ثلاثين عاما (ولا ندرى لماذا ويا ليته يجيب فصمته سيسمح بتقولات عديدة ليست فى صالحه على أى حال) وإلى أن يتم ذلك دعونا نؤكد أن من قتل عبدالناصر جسديا أو معنويا لا يمكن أن يخرج عن منظومة حلفاء واشنطن من العرب والصهاينة.
والاثنان لا يرغبان لمصر سواء فى عهد (ناصر) أو فى أى عهد سوى أن تكون واحداً من اثنين (أو الاثنين معا) إما تابعاً ذليلاً لتل أبيب أو معملاً لتلقى وتفريخ فقه البداوة النفطى بكل مثالبه ومخاطره على الهوية والأمن القومى. والاثنان (تل أبيب وفقه البداوة النفطى)- لمن لا يعلم- وجهان لعملة واحدة كان اسمها وسيظل (واشنطن) والله أعلم.