جعفر عبد الكريم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حركة جعفر الخابوري الا سلا ميه


    جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدوليه رئيس الجمعيه جعفر الخابوري

    حزب الحقيقه
    حزب الحقيقه
    مشرف
    مشرف


    عدد المساهمات : 314
    تاريخ التسجيل : 12/10/2009

    جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدوليه رئيس الجمعيه جعفر الخابوري  Empty جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدوليه رئيس الجمعيه جعفر الخابوري

    مُساهمة  حزب الحقيقه الخميس مايو 25, 2023 4:16 pm

    .
      قيل لي - فيما بعد  - إن أخي حين نودي على اسمه طاف على كل زملائه في المهجع ، ووقف أمام كل واحد منهم مُبتسما ، فأخذ من هذا قطعة حلوى فأكلها بشهية كبيرة ، ومن هذا كسرة خبز فالتقمها ، ومن ثالث حبة عنب فهرسها تحت نواجذه  . ومن رابع قطعة جُبن... وهكذا حتى طاف بإخوانه جميعا.  كان أخي سهل المودة ، بسيط السلوك ، ودود العشرة.  وكان يحب الحياة...ولم يكترث فيها لوجد أو فقد .عاش حياته بيسر ، ومات هكذا ببساطة لمجرد أن سماعة السجن فغرت فاها باسمه . لم يؤذِ أحداً في حياته ولو كانت هرة صغيرة .كان يألف الفراشات في الحقول ، وتألق . كان يحب الطبيعة كلها وتحبّه .لم يُجأ به إلى خطأ ، ولا لأنّه ارتكب ذنبًأ. جيء به إلى هنا لأن ظلما ونكايةً وعدوانًا واستبدادا وطُغيانًا  يصبّ بطريقةٍ عشوائية على الاصفياء . حاله في ذلك حال الكثيرين هنا.. !!
       راقبتُه ... مشى إلى المشنقة مقيد اليدين  ، واثقاً هازئاً ...اعرفه تماما ، كان يمشيء ساخراً من كل ما يحدث ، غير عابىء بكل ما يجري من ترهيب وترعيب ، غير مكترث لكل صيحات الجلادين التي تتوعد كل شيء تقع عينها عليه ...خطواته كانت واسعة كأنما يركل في طريقه كل خوف أو ذعر أو استجداء... لم يكن مُطمش العينين...كان قليل الحظ إذ يشهد موت الآخرين وكونه... ومن يدري قد يكون وافر الحظ في هذا ...وفي حالة مثل حالة أخي لا بد أن منظر المتدلين من تحت الحبال لن يشكل له فرقا إلا في مستوىالثبات .. نظر بهدوء حوله كأنما يستكشف المكان...حانت منه التفاتة إلى حيث مهجعنا...خفق قلبي بسرعة ...رجوتُه في نفسي أن يديم النظر باتجاهنا حتّى أشبع منه...أو حتّى أملأ عينيّ منه لكي تبقى صورته الُمنطبعة في خيالي عوناً لي في سواد الأيام القادمات الحالكات...رجوته ألا يُدير عن مهجعنا صفحة وجهه حتى تلتقي عيناي بعينية  فأغرف منهما عوناً ويقيناً ...واودعه وداعا يليق به كفارس...ويليق بتاريخه كعاشق...غير أن  نور عينيه ما لبث أن اختفى حالما أدار وجهه في دورته الأخيرة وهو يتفحص المكان ...التقى دوران نظراته مع دوران الأرض حول محورها فانبثقت المعجزات ، وتشكلت المكرمات ، وحضرت البطولات...
       اقترب منه العسكري...ظل أخي مرفوع الرّأس ، لم يُصنع لكي يُساعد الجلاد في مهمته ...احتاج الجلاد إلى أن يرتقي إلى هامة هذا البطل المغوار...نظر أخي في عينيه فارتجفت ساقا الجلاد ...لم ترتجف هاتان الساقان لأن أخي كان حاقدً أو ناقماً على هذا الذي يقدمّه السّاعة للموت...بل اعتقد أن أخي نظر في عينيه بود...ورمقه بحنان...وحدجه برحمة وإشفاق...ولهذا ارتجفت ساقا الجلاد ...لم يعتد الجلادون في حياتهم على عينين مثل عيني أخي تفيضان بكل هذا العطف والمودة...لقد تعودت عيونهم على القسوة والغلظة والشدة والبغضاء...وإن الكره ليرتجف أمام الحب  ، وإن الحقد ليهتز أمام التسامح  ،وإن القسوة لترتعش أمام الرقة واللين  ...فكان لا بد الجلاد مثله أن ترتعد كل قرائه أمام طوفان الحب الذي واجهه أخي في تينك العينين الحالمتين.. !! 
    شد العسكري الحبل حول عنق أخي ، أحسست انه شده على عنقي ...تمنيت لو رحمه قليلا فلم يُضيقه عليه إلى هذا الحد ...ولكن ما الفائدة والحبل سيُنهي حياته بعد قليل ، سواء أكان ضيقاً حول العنق ام واثقاً!! لم يُحط الحبل بعنق أخي ، بل أحاط بقلبي ...انقبض قلبي ، وانتو كأنه أراد أن يغادر الضلوع...اختنقت كأن هذا القلب الذي بين جوانحي قد انضغط إلى الأعلى حتى بلغ حنجرتي...رجعت...فرجع قلبي إلى مكانه..تعاون ثلاثة من الخلف على رفع قوائم المشنقة  ...ارتفع جسد أخي قليلا..شد الثلاثة القوائم بسرعة تارجح جسد أخي في الفراغ...تبعته في في تأرجحه هالةٌ من النور أضاءت المكان كله حتى غشيت عيون الجلادين...ظل يتأرجح هذا العملاق في دورة البطولة حتى ثبت...غادرت روحه جسده إلى السماوات  ، لكن عينيه ظلتا تشعان بالنور 
    والمودة.
    #أيمن_العتوم 
    #أدب_بوست

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 6:28 pm