جعفر عبد الكريم صالح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حركة جعفر الخابوري الا سلا ميه


    حكاية "ميلاد" مصر

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    مراقب عام
    مراقب عام


    عدد المساهمات : 475
    تاريخ التسجيل : 11/10/2009
    العمر : 54

    حكاية "ميلاد" مصر Empty حكاية "ميلاد" مصر

    مُساهمة  جعفر الخابوري السبت فبراير 20, 2010 1:26 pm

    حكاية "ميلاد" مصر

    مَفْخَرة القرية ومفخرة مصر : حكاية "ميلاد حميدة "

    شهيد مصري قتله العدو الصهيوني على حدود مصر مع الأرض المقدسة

    إسلام أون لاين

    لم يخبر الشاب المصري "ميلاد حميدة" -24 عاما- أحدا من أسرته أن لديه نية للذهاب إلى فلسطين لمقاومة الاحتلال .. فقد فوجئ والده بنبأ استشهاد ابنه على يد القوات الصهيونية بالرصاص، وهو يحاول عبور الحدود المصرية إلى فلسطين المحتلة ليساعد أهلها.

    في بداية العام الجاري 2002 غادر الشاب "ميلاد" الحاصل على دبلوم زراعة محافظته البحيرة في شمال مصر بحثا عن عمل في محافظة "مرسى مطروح" على الحدود مع ليبيا.. ومنها انتقل إلى بنغازي بليبيا حيث عمل هناك لمدة أربعة أشهر، وعاد مرة أخرى في 9 أبريل 2002 إلى قريته التي تسمى نجع "القينشات" في مركز الدلنجات.

    في هذه الأثناء لم يكن يتابع ما جرى في مخيم جنين بالضفة الغربية من مذابح إلى أن ذهب لزيارة أحد أقاربه، وشاهد فظاعة الجرائم الصهيونية على القنوات الفضائية، ومنذ ذلك الوقت داوم على التوجه إلى قريبه لمتابعة الأحداث، وظل يسأل عن حقيقة تلك الجرائم والمذابح، وأصبح عصبيًا يرفض مشاهدة أي برامج في التليفزيون باستثناء نشرات الأخبار.

    زار ميلاد ابن عمه رجب يوم الأحد 14-4-2002، وأعطاه مبلغ 300 جنيه "الدولار = 4.45" كان يدخرها من رحلة ليبيا، ثم تبقى معه 20 جنيها أعطاها لوالدته لتشتري أشياء خاصة بها، وفي يوم الإثنين صباحًا 15-4-2002 أبلغ والدته وشقيقه الأصغر بأنه متوجه إلى العمل في القرى السياحية الجديدة في سيناء، ثم غادر ميلاد بلدته إلى مدينة رفح على الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة، وقضى اليوم كاملا يدرس كيفية الدخول إلى الأراضي المحتلة.

    حسب المعلومات التي يتداولها الأهالي، فإنه بحث عن مكان بعيد عن أعين أبراج المراقبة المصرية المنتشرة على طول الحدود بمنطقة رفح، ونجح في اختراق هذا الحاجز.

    وفي تمام الساعة 9.30 دقيقة من صباح الثلاثاء 16-4-2002 اتجه إلى المنطقة الفاصلة على الحدود، فرصدته دورية صهيونية، وأطلقت عليه عيارا ناريا، لكنه استمر في التقدم داخل الحدود، في هذه اللحظة أمطرته الدورية بوابل من النيران، فسمع ضابط مصري صوت الطلق الناري، فاتجه نحوه، فشاهد أفراد الدورية الصهيونية يتقدمون بالقرب من الشاب، فأدرك الضابط المصري أنه ربما يكون مصريًا، وبالفعل عندما اقترب منه تأكد من ملامحه، فأسرع، وحمله بعد أن استدعى سيارة الدورية لنقله على الفور إلى مستشفى رفح العسكري، وفي هذه اللحظات كان الشهيد ينزف حتى فارق الحياة.

    في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر الثلاثاء أجرت أجهزة الأمن المصرية اتصالات بعدد من أقارب الشهيد للاستفسار عن أسرته وانتمائهم السياسي.. فوجدوا أنه لا ينتمي إلى أي تيار سياسي وأن أسرته بسيطة.. وقامت أجهزة الأمن بتفتيش المنزل، وجمعت كل الأوراق المتعلقة بالشهيد.

    شهيد.. شهيد

    أكثر الناس قربا للشهيد ميلاد هو الحاج "فوزي شروش" الذي تطوع بالسفر إلى العريش لتسلم الجثمان، يقول : "وصلنا إلى مدينة العريش عصر يوم الأربعاء 17-4-2002، وكانت الجثة لم تزل في ثلاجة المشرحة في انتظار الطبيب الشرعي الذي حضر في صباح اليوم التالي الخميس 19-4-2002، وأجرى للشهيد فحوصات، وتم الحصول على عينات من جثته، وتم تصويرها لمكان الطلقات التي قتلته، ثم صدر الأمر بإعداد الجثة للدفن".

    وتابع "وقبل ذلك أطلعونا على جثته حتى نتعرف عليها، خاصة أن هناك العديد من الشباب والشابات المصريين الذين يحاولون تكرار عملية التسلل للانضمام إلى المقاومة الفلسطينية، وبالفعل تعرفت على الشهيد؛ فقد كان مسجى لا توجد به أي إصابات باستثناء الجانب الأيسر أسفل الصدر، وهي المنطقة التي جرت فيها عدة عمليات جراحية في محاولة لإنقاذ حياته".

    ثم استدعت المستشفى أحد الشيوخ، وقام بعمل الإجراءات الخاصة بالشهداء؛ حيث لم يتم غسيل الجثة وفقًا لقواعد التعامل مع الشهداء، وكانت هذه قضية مهمة بالنسبة لنا، حيث كنا نصر في كل المراحل على أن يتم التعامل مع ميلاد باعتباره شهيدًا.

    دافع عن دينه

    أمام منزل بسيط مكون من طابق واحد ريفي الملامح، قابلنا والده الحاج "محمد حميدة" -62 عامًا-، ولديه أربعة أبناء بينهم ميلاد، يقول والد الشاب المصري: "أنا فخور باستشهاد ابني برغم مرارة الفراق، وقد كنت في أمسِّ الحاجة لأن يساعدني في حياتي؛ لأني رجل مُسن، وظروفنا المعيشية صعبة، ومع ذلك ما نراه من ذبح وتقتيل وتدمير للمقدسات يحرك مشاعرنا وغيرتنا على ديننا، وأعلم أن القدس والأقصى يفرضان علينا واجبات كثيرة؛ أقلها أن نقدم روح أبنائنا فداءً لهما؛ فقد فعل ما كنا جميعًا نود أن نقوم به، لكن رصاصات الغدر لم تسعفه لتحقيق ما نتمنى".

    ويضيف الوالد: لقد فوجئت بإبلاغنا بهذا النبأ؛ لأنني لم أكن أعلم أنه ينوي أن يفعل ذلك؛ فقد كان هادئا، ويتابع معنا المشاهد المأساوية للفلسطينيين في التليفزيون، ويقوم بالصلاة والدعاء، وفي أحيان كثيرة كان يؤم المصلين في هذه الزاوية القائمة أمام المنزل مباشرة، ويدعو لنصرة المسلمين في فلسطين.

    أما ابن عم الشهيد ويدعى "حسام" -في الصف الثاني الثانوي-، فيقول: "ميلاد كان لا يرضى بالظلم طوال حياته، ولم نكن نتوقع أن يقوم بهذا العمل العظيم الذي نظل نفخر به جميعًا في أسرتنا، ويكفي أن الأهالي الذين جاءوا لواجب العزاء كانوا يهنئوننا بدلا من مواساتنا؛ لأننا نشعر بالشرف؛ لأن واحدًا من أسرتنا قدم روحه فداء ودفاعًا عن المسجد الأقصى والثأر للفلسطينيين".

    لجنة الشهيد ميلاد

    أما "محمود العبسي" أحد أقارب الشهيد فيقول: نظرًا لتجاهل الصحف ووسائل الإعلام المصرية لحادثة استشهاد ميلاد؛ فقد قررنا تشكيل لجنة باسمه تضم مجموعة من أقاربه وأصدقائه لجمع كل ما يُكتب ويذاع عنه، ونشر صوره وتوزيعها على الأهل.

    كما سنحيي ذكرى استشهاده؛ باعتباره بطلا مصريًا قرر الثأر لكرامتنا جميعًا، وإذا كانت رصاصات الصهاينة لم تمكنه من إتمام مهمته فإنه يكفيه شرف المحاولة والتضحية بروحه.

    ويضيف: صدقني من خلال معرفتي الجيدة بميلاد فإنه لو تمكن من الدخول إلى الأراضي المحتلة، وحصل على سلاح؛ فكان سيسطِّر ملحمة كبيرة لإيمانه بالله وشجاعته.

    سواك ومصحف

    ويضيف محمود: إن أجهزة الأمن المصرية لم تعثر مع الشهيد ميلاد على أي شيء عكس ما زعمت السلطات الإسرائيلية بأنه كان مسلحًا أو مفخخًا، وأن كل المتعلقات التي عثرت عليها أجهزة الأمن وتسلمناها عبارة عن سواك ومصحف وبطاقته الشخصية. والغريب أننا لم نعثر في متعلقاته على أي أموال كأنه كان ينوي الاستشهاد، خاصة أن المسافة بين نجعنا والحدود في رفح بعيدة ومكلفة، كما أنه قضى يومًا في مدينة رفح ربما أنفق كل ما كان معه من نقود.

    قتلوه برصاص مسمم

    تكشفت حقائق جديدة في حادث اغتيال القوات الإسرائيلية للشاب المصري "ميلاد حميدة"؛ فقد أثبتت الفحوصات الطبية التي أجريت للشهيد في مستشفى العريش العام بأنه أصيب بطلق ناري في الساق اليسرى وأعيرة نارية كثيفة أسفل الصدر من الجانب الأيسر.

    وحسب رواية الأطباء بالمستشفى لأهالي الشهيد، فإن هناك احتمال أن يكون الطلق الناري من نوع "دم دم" المحظور استخدامه دوليًا؛ لأنه ينتشر في جميع أنحاء الجسم، ويصيبه بالتسمم؛ مما يعطل أي محاولة لإنقاذ المصاب به.

    أنتم السبب

    اللافت أن محرر صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كان قد وصل إلى مسقط رأس الشهيد "ميلاد" يوم الجمعة 20-4-2002 في اليوم التالي لدفن الشهيد، لكن أفراد أسرته رفضوا الحديث معه. ثم عاد مرة أخرى السبت 21-4-2002، وعندما بدأ الحديث مع والد الشهيد وأخبره أنه في صحيفة أمريكية انفعل الأب، واتهم الولايات المتحدة بأنها السبب في كل شيء حتى في استشهاد ابنه؛ لأنها تزود العدو الإسرائيلي بكافة أنواع الأسلحة بينما تترك الفلسطينيين يواجهون بصدورهم هذه المعدات العسكرية المتطورة؛ مما يترتب عليه مجازر وحشية تثير مشاعرنا جميعًا.

    وحمّل الأب الصحفي رسالة إلى المسئولين الأمريكيين قال لهم فيها: اتقوا الله وكونوا منصفين؛ لأن الله لا يقبل الظلم، وسأله الأب ماذا كانت ستفعل الولايات المتحدة لو كان الشعب (الإسرائيلي) هو الذي يُعتدى عليه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 9:57 am