شعــب «بليتـــه»!!

شعــب «بليتـــه»!!
لميس ضيف
حثني بعض القراء - سامحهم الله وهدانا وإياهم- للكتابة عن عزم الحكومة تقليص الدعم عن السلع الأساسية وادعوا، بهتاناً، أنهم قلقون مما سيجره ذلك من زيادة في الأعباء -الثقيلة أصلاً - كما يزعمون.. بالطبع كظمت غيضي وأنا أسمع تذمرهم من الغلاء وقصور الراتب عن الوفاء بأعباء المعيشة.. ولكن انفجرت، وأنا المعروفة بطول البال مع القراء، على قارئةٍ جاحدة جهولة ظلومة قالت بكل وقاحة:
- سمعت أستاذتي أن الحكومة ستقلص الدعم عن الطحين.. أوليس هذا ظلماً؟!
- عن أي ظلم تتحدثين- قلت لهم مؤنبةً- أهذا جزاء الحكومة لأنها تريد بكم الخير وتنشد صحتكم؟! ألم تسمعي عن مضار الدقيق الأبيض وأكلاف الإفراط فيه؟ ثم، تجولي وتمحصي في الخلق، ألا تلاحظين أن السمنة استشرت بين البحرينيين سيما الصغار منهم.. أليست البدانة مرادفاً للأمراض والأمراض تعني مزيدا من الضغط على الخدمات الصحية.؟
إن حكومتنا المتبصرة تدارست وضعكم المزري، ووجدت أنكم مقلين في الرياضة ومسرفين في النشويات فارتأت مساعدتكم فهل من شكور!!

- حسنا.. وماذا عن رفع الدعم عن اللحوم الأسترالية؟!
- لا ريب في صالحكم ! كل الدراسات الحديثة تثبت أن البقول هي أفضل بديل للحوم.. فيها ذات فوائد اللحم ولا تسبب الكريسترول وانسداد الشرايين، الذي يعد من أهم أسباب الوفاة المبكرة.. والحكومة - سلمها الله- تريد أعماركم طويلة.. أولاً لتجدوا متسعاً من الوقت لتحصلوا على بيت الإسكان والأهم، لتجدوا الوقت الكافي للتنعم فيه قبل موتكم..

فكرت وتدبرت ولكنها كابرت وأردفت:
ولكن رفع الدعم سيطال الدجاج أيضاً.. يعني لا دجاج ولا لحم!! سنتحول لـ ‘’بونيان’’ يعني!!
- الصحة هي للنباتيين يا أختي وللأمانة لقد اشتكت الدواجن من فرط استهلاككم لها.. ألا تحلى موائدكم إلا بإهدار دم الحيوانات والطيور!! تطوروا وجربوا وصفات جديدة، خذوا قطاع غزة مثلا، تقول التقارير أن شهوراً تمر دون أن يأكلوا اللحوم فتعودوا على طبخ أكلاتهم التقليدية بالخضروات سيما الباذنجان والكوسة..فأنتم لستم بأحسن من أحد !!

- وماذا عن رفع الدعم عن مشتقات النفط ورفع سعر البترول - قالت- أسيحسن هذا من صحتنا أيضاً!!
أصدقكم أني حينها، ولولا أن لجمت أعصابي لكان في الحديث حديث آخر.. ولكني عذرت جهلها وخاطبتها بقدر عقلها وقلت:
- هذا القرار أنفع من سالفيه لعلمك: من جهة سيخف ‘’المغازل’’، لأن الشباب سيخفون ‘’اللف’’ في الطرقات والتعرض لبنات الناس، وإن هم ما فعلوا ذلك فستجلدهم الوحدة ويخنقهم الملل وسيقدمون على الزواج.. لاحظي معي هنا أن الحكومة ضربت عصفورين بحجر: ساهمت في صيانة الأخلاق، ومحاربة العنوسة.. وفي الوقت عينه سيدفع ذلك المتزوجين لإطالة أمد بقائهم في المنزل، وهو ما سيعزز الروابط الأسرية.. ناهيك أن زيادة سعر الوقود سيدفع البعض - سيما نهاية الشهر- للمشي عوضاً عن استخدام السيارة، والمشي مفيد للصحة.
كل خير.. كله خير - تمتمت - الحكومة الله يحفظها لا تريد بكم إلا الخير..

ورغم قوة حجتي وحصافة بياني إلا أن المواطنة العاقة عقبت:
- ربما يكون ذلك صحيحاً ولكني لا أعتقد أن الحكومة فكرت في كل هذا بقدر ما فكرت في الـ100 مليون التي ستوفرها جراء تقليص الدعم!!
- هذه مشكلتكم الأم - قلت لها- ترددون ‘’عمياني’’ كلام الجمعيات المعارضة الضالة !!، ولنفترض - جدلا- أن الحكومة وفرت 100 مليون.. فلمن ؟! ها .. لمن أجيبيني؟
كله لكم.. كله للمواطنين.. نحتاج لميزانيات للحفلات والمهرجانات والمستشارين.. نحتاج لميزانية لنشجر الطرقات ونبدل النخيل كل 3 أشهر..!!
قلت لها قولي هذا.. ودعوتها للتوبة والاستغفار على ما اكتسبته من إثم وتجنٍ بحق الحكومة وأخالها تابت؛ هداها الله وأصلحها وإيانا أجمعين ..